تلك المكالمة وتفاعلاتها...

لا تزال "الحركة" الايرانية – الاميركية التي عكستها المكالمة الهاتفية غير العابرة، بين الرئيس باراك أوباما والرئيس حسن روحاني، هي الشغل الشاغل وموضع تحليلات وتفسيرات وتبصيرات، سواء في المنطقة العربية أم على الصعيد الدولي.
والمسألة بمجملها، وبما يمكن أن تسفر عنه، تستحق الاهتمام، والتأمّل، والتمعّن، وخصوصاً في هذه المرحلة العربيّة غير المستقرة، وحيث الاضطرابات والثورات والازمات على قدم وساق وفخذ.
بادئ ذي بدء، من المستحسن والمفضّل تذكير العالم العربي، والعالم الاوسع، والولايات المتحدة الأميركية بالذات، بأن ايران تظل هي نفسها، وبكل ما تحمله من التاريخ والجغرافيا، على مرّ العصور والدهور.
صحيح أن الأخبار والاستنتاجات لم تجد بعد أي جديد يمكن التأسيس عليه أو الانطلاق منه سوى ان واشنطن تبدو في هذه الساعات الحرجة والمبهمة كأنها "واقعة" في غرام ايران حسن روحاني... وربما من غير ان تحسب أي حساب للحرس الثوري وقائده الجنرال جعفري.
ثمة آراء واحتمالات كثيرة بالنسبة الى الأبعاد التي يمكن أن تؤدي اليها تلك المعادلة اليتيمة. كما من المبكر الدخول في أية رهانات على هذا الأساس، وخصوصاً بعد التحفظات العلنيّة التي قد لا تقدّم أو تؤخّر اذا كان المرشد الأعلى للجمهوريّة موافقاً على مجرى التطورات في الاتجاه الأميركي.
ومن البديهي انتظار التداعيات والانعكاسات، من ايجابية وسلبية على حد سواء، في بعض العواصم العربية المعنيّة مباشرة بالسياسة الأميركية "وتوجهاتها" في المنطقة، كما في العواصم الاوروبية، وحتى في واشنطن، وتحديداً في البيت الأبيض.
على أن الجميع باتوا يدركون أنه ليس من السهل التعامل مع هذه الجمهوريّة، التي لا تضيّع الفرص والمناسبات، ولا تتنازل عن "برنامجها السرّي" في كل الحقول، ولا تتراجع عن أهدافها وطموحاتها التي تعتبرها في أساس برنامجها وربما من أبرز بنود استراتيجيتها.
أما الأسئلة التي يمكن طرحها في هذا المقام على الادارة الأميركية، وعلى البيت الأبيض وادارة الرئيس باراك أوباما، فإنها لا تنحصر ضمن صف طويل من علامات الاستفهام من زاوية المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، بل هناك أسئلة قلقة وغير مرتاحة الى بعض ما يُقال ويُشاع.
وهذا أضعف الايمان. أو من تحصيل الحاصل. فكيف تغامر واشنطن بكل هذه الشبكة من العلاقات التاريخية والاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة... سعياً الى كسب رضا طهران؟
طبعاً، لا يمكن ان تكون واشنطن غائبة عن كل هذه التفاصيل. وقد يكون لديها ما توضحه في الوقت المناسب، وقبل أية خطوة في الاتجاه الايراني.
( النهار اللبنانية 4-10-2013 )