ممارسات خاطئة تحيل الفيس بوك فضاء لخرق الخصوصية

المدينة نيوز ـ امتعضت الثلاثينية نسرين من قيام صديقتها بنشر صورة تظهرهما معا على موقع (الفيس بوك) اثناء مشاركتهما احدى حفلات الزفاف دون موافقتها الامر الذي اعتبرته خرقا لخصوصيتها واعتداء على حريتها بالاختيار.

تقول نسرين لوكالة الانباء الاردنية (بترا) انها لا تعرف شيئا عن (الفيس بوك) وانها فوجئت حين اخبرتها احدى الصديقات ان صورتها على ذلك الموقع ما دعاها للاتصال الفوري بصديقتها راجية منها سحب الصورة بالسرعة الممكنة، في الوقت الذي نقلت فيه عن صديقتها بانها تصرفت عن حسن نية ولم تقصد ايذاءها ابدا.

واذا كان الاستخدام الخاطىء غير المقصود لموقع (الفيس بوك) اثار امتعاض نسرين فانه ليس كذلك بالنسبة لاياد الجغبير الذي يرى فيه وسيلة تكنولوجية غاية في التطور تساهم الى حد بعيد في ايجاد قاعدة معرفية ومعلوماتية هامة نجحت في تقريب المسافات واثراء الحوار مع الاخر سواء اكان محليا ام عالميا.

ويعتقد الجغبير انه مطلوب التعامل السليم مع ذلك الموقع الذي يتسم بانه يوفر الوقت والجهد والمال حيث انه مفتوح على العالم باسره وبالتالي من غير اللائق ان يسيء الانسان الى نفسه ويكشف عن تعقيدات سلبية بشخصيته من خلال الاستخدام الخاطىء له, كأن يعتمده وسيلة لانتهاك خصوصيات الاخرين او ابتزازهم او دبلجة صور وتركيبها بهدف الاساءة لشخص ما.

ويتعامل مراد, موظف حكومي, مع (الفيس بوك) لمعرفة اخبار الاصدقاء ولكنه لا يجلس امام شاشة الكمبيوتر اكثر من خمس دقائق يوميا خوفا من الادمان الذي اصاب بعض اصدقائه.

ويطبق قانون حماية حق المؤلف الذي يعاقب بالحبس او الغرامة لكل من يسمح لنفسه استغلال الصور ونشرها باي وسيلة اعلامية دون العودة الى صاحبها بحسب المحامي المتخصص في قضايا المطبوعات والنشر محمد قطيشات.

وبحسب ذلك القانون كما يقول قطيشات فانه لا يجوز تصوير الاشخاص العاديين ونشر صورهم الا باذنهم ويستثنى من هذه القاعدة الاشخاص العاديون في المواقع العامة في مباراة مثلا والشخصيات العامة في الاحداث العامة كالنواب والوزراء على ان لا تظهر هذه الصور هؤلاء الاشخاص بشكل مخالف للاحترام والاداب.

وعدا عقوبتي الحبس والغرامة فان من حق المتضرر من نشر صورته ان يطالب بتعويض عن مقدار الضرر المعنوي او الادبي او المادي الذي لحق به.

ويضيف ان من السهولة بمكان اكتشاف او معرفة هوية المتعامل مع (الفيس بوك) ولكن الخطورة تكمن في موقع اليوتيوب الالكتروني الذي يحمل افلاما لا يمكن معرفة مرسلها وبالتالي لا يمكن مقاضاته.

ويشير الى انه ورغم وجود عدة شروط للانضمام الى الفيس بوك ومنها ان لا يقل عمر المتعامل معه عن 18 عاما الا ان اشخاصا يتحايلون على ذلك وخاصة المراهقين حين يغيرون تواريخ ميلادهم بقصد الانضمام الى عالم الشباب، وبالتالي فان الخطاب الموجه لهم يضعهم في دائرة من التخبط لانه موجه لفئة الشباب الكبار ما قد يفتح اعينهم وعقولهم على موضوعات وقضايا خارجة عن قدرتهم على الفهم او الاستيعاب.

ويقول رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة اليرموك الدكتور محمد الحوراني ان مواقع الدردشة ساهمت الى حد كبير في تعزيز العلاقات الايجابية ويؤسس لشبكة من الصداقات والمعارف، مشيرا الى ان هنالك نوعين من رأس المال الاجتماعي وهو الترابطي الذي يجمع فئة ما تشترك بالروابط ذاتها وهي على الاغلب محلية, والنوع الثاني هو التجسيري الذي يعنى باقامة علاقات تفاعلية عابرة للمحليات.

وبين ان (الفيس بوك) اذا ما استخدم على الوجه الصحيح فانه يثري الاشخاص ثقافيا ووجدانيا وربما اقتصاديا اذا كان في معرض البحث عن وظيفة او موظف للعمل مع شركاء.

واشار الى ان الاستخدام السلبي له تعبير عن الفردية في اطار المجهولية وغياب الاخلاق, حيث تصبح الفرصة مواتية لانتهاك خصوصيات الناس والتشهير بهم او استغلالهم، مشددا على اهمية المسؤولية الاخلاقية والرقابة الذاتية والبعد عن كل ما قد يتسبب بايذاء للاخرين.

وحول لغة الدردشة التي تعتمد احرفا وكلمات اجنبية وعربية مختصرة يقول انها لا تشكل تهديدا للغتين العربية والانجليزية لان استخدامها ظرفي او سياقي، موضحا انها في حقيقة الامر توفر الوقت خلال التخاطب الالكتروني .

ويعول استاذ علم النفس الارشادي الدكتور عمر الشواشرة على اهمية الضبط الداخلي للفرد من خلال التربية الاسرية الجيدة والتوجيه السليم لجعل وسائل التكنولوجيا سلاحا فعالا يخدم مصالحنا، موضحا ان الاستخدام الخاطىء لها لا يقتصر على الشأن المحلي بل انه ظاهرة عالمية لا تعترف بالحدود.

ويرى ان هذا الاستخدام يعود وفي حال غياب التربية الحكيمة الى الطبيعة البشرية التي تجد في خرق القوانين تعزيزا للحرية والشجاعة وحب المغامرة ولو على حساب الاخرين، مشددا على اهمية التسلح بالمبادىء والقيم والابتعاد عن توظيف التكنولوجيا بالغيبة والنميمة والتطاول على اعراض وخصوصيات الاخرين.

ويعرب الدكتور الشواشرة عن قلقه على الشباب الذين يعطلون طاقاتهم الايجابية لمدة تزيد عن عشر ساعات هي مدة مكوثهم امام شاشات الكمبيوتر واستخدامهم (الفيس بوك), داعيا اياهم الى استغلال اوقاتهم على النحو الذي يعزز من انتاجيتهم ويرفع من سوية قدراتهم ومعارفهم.