ذكريات المدرسة: لحظات محفورة بتفاصيلها في الذاكرة

تم نشره الخميس 05 كانون الأوّل / ديسمبر 2013 07:53 صباحاً
ذكريات المدرسة: لحظات محفورة بتفاصيلها في الذاكرة
الصورة تعبيرية - اطفال في المدارس

"نروح المدرسة بدري ونضحك في الطابور.. نحاول نزعج العالم في روحتنا وجيتنا.. وعشان نأخر الحصة نخبي علبة الطبشور.. نشاغب بس في الآخر براءتنا حلوة.. نحب الضحك نحب نطلع السور.. ونضحك ونفرح".
كلمات عصفت في قلب الأربعيني علي خالد الذي أمضى أجمل سنين حياته على مقاعد الدراسة، مستذكرا تلك اللحظات التي جمعته برفاقه وأصدقائه الذين كانوا يشغلون معظم وقته.
يشاركه ذلك الشعور الثلاثيني أحمد محادين الذي تحدث بكل براءة عن شقاوته وأصحابه في المدرسة والبسمة تكسو تقاسيم وجهه، متمنيا الرجوع إلى تلك الفترة ولو للحظة واحدة.
"مازلت أذكر أيام المدرسة بحلوها ومرها"، بتفاصيلها الدقيقة حتى إنه ما يزال يذكر تلك الكحة التي تسيطر عليه كلما مسح زملاؤه اللوح وتلك التمتمات التي يقولها بعد انتهاء كل درس.
العشرينية ميساء تميم هي الأخرى تقف عند الكثير من الذكريات والتفاصيل التي التي عاشتها بالمدرسة وما تتخلله من ضحك ولعب، حتى لحظات العقاب كلها تمر بذاكرتها كشريط من الفيديو.
"كنت أفرح كثيرا عند سماع جرس الفرصة"، واصفة تلك العجلة التي كانت عليها وصديقاتها عند سماع الجرس ليقضين 15 دقيقة من المزح والمرح.
في حين ما يزال الثلاثيني خالد الزعبي يحن إلى رائحة منقوشة الزعتر وعلبة عصير الزاكي التي كان يتناولها في الفسحة و"شيبس الفراشة" الذي تربطه به علاقة عشق غريبة.
ذكريات المدرسة لاتقتصر على تلك اللحظات الجميلة والمرحة التي يعيشها الأصدقاء معا يقول الستيني حسن علي الذي يستذكر بعد تلك السنين الطويلة، ذكرياته الجميلة التي أمضاها برفقة أصحابه والمغامرات التي كانوا يقومون بها.
ووسط تلك اللحظات الجميلة ما يزال يستذكر علي تلك "الفلقات" التي علّمت على قدميه أسبوعا كاملا بسبب هروبه من المدرسة، من استاذه الذي كان شديد الصرامة.
ويتابع البراءة والعفوية ما كان يسيطر على أفعالنا، لافتا إلى أنه وصديقه هربا من المدرسة فقط من أجل تناول "الآيس كريم".
الرحلات المدرسية ذكريات لا تنسى تقول الثلاثينية منى سرحان التي ترى أن الضحك من القلب والفرحة الحقيقية توقفت عند تلك الأيام.
"في المدرسة كنا نضحك من قلوبنا ونبكي من قلوبنا"، مبينة تلك الغصة التي ما تزال تؤلمها عندما قضت ست حصص معاقبة لعدم كتابتها واجب الرياضيات.
من جانبه يشير اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين محادين إلى أن "السنوات الأولى من حياة الأفراد تمثل خبرات الطفولة وشقاوتها وهي التي تشكل لاحقا تصوراتنا عن أنفسنا ومواقفنا منها ومن الحياة ككل".
وتظهر أهمية خبرات المدرسة وذكرياتها، وفق محادين في المراحل الأولى منها، إذ تمثل البصمات الأولى على شخصياتنا والبيضاء تقريبا، فيصبح المكان الذي ندرس فيه كمكان للنشاطات، الشلة التي كنّا نتعامل معها ونتشارك معها في هذه الشقاوات.
ويلفت محادين إلى أن الكثير من الأشخاص كبار السن والذين أشغلوا بعد ذلك مواقع مهمة يستحضرون المواقف والتصورات التي كانوا يعتقدون أنها نهاية الأشياء في ذلك الوقت، خصوصا ما عانوه من عوز أو فقر ومقارناتها في ذلك الوقت مع أصدقائه الأكثر يسرا منه، أي المحظوظين الذين كانوا يؤتون إلى المدرسة بزي مميز واغذية وأنواع من الفواكه التي يتمنى اقرانهم أن يقتنوها.
وتمثل خبرات المدرسة وذكرياتها جذر السلوك الراهن الذي يشكل شخصية هؤلاء الأشخاص لاحقا بحسب محادين، فتحمل الرقعة الأولى معنى الاستدامة لانها بنيت بعيدة عن المصالح والمكاسب كما يظهر لاحقا في الشخصيات عند الكبر.
"نحن ندين بشخصياتنا الراهنة إلى جذورنا الأولية"، وتصوراتنا في ذلك الحين إلى كل شيء بالحياة الأصدقاء، الأهل والجيران وما بقي لكل منّا من حضور مختلف".
وقد أسهم المعلمون وفق محادين في مساعدة الطلبة لإكسابهم العلم للتغلب على الفقر، فقد التقط بعض المدرسين الأمور اللافتة في طلبتهم وعمقوا لديهم الإحساس بهذه الملكة فصنعوا الكثير من المفكرين والشعراء.
وفي الجانب النفسي يجد اختصاصي علم النفس والارشاد التربوي الدكتور منذر سويلمين، أن الخبرات التي يمر بها الانسان والاحداث التي تحصل معه تعيش في ذاكرته لفترة طويلة جدا بتفاصيلها الدقيقة، إذ إن الإنسان ميال بطبيعته إلى تذكر الأشياء الجميلة.
ويشير إلى أن الطفولة تتصف بالتلقائية، العفوية وصفاء النية فتجد الذكريات مكان واضح على مدى بعيد فيتذكر الانسان كل شيء يمر به، متابعا أن الذكريات الجميلة تعيش فترات أطول، حيث تكون المسؤوليات فيها أقل ومحدودة ودرجة الانبساط والسعادة عالية، لذا تحفر تلك اللحظات في ذاكرة الطفل ولا تمحى أبدا.
"أجواء الود، الاحترام، المحبة والهدوء والاتزان يلمسها الطفل ويعيشها في المدرسة"، وفي الكادر التدريسي فتؤثر كثيرا في شخصيته وتترك بصمة واضحة في حياته بعد مرور في الوقت.
أصحاب نظريات التحليل النفسي وفق سويلمين يرون أن السنين الخمسة الأولى من عمر الانسان تؤثر بحياة الانسان وتحدد شخصيته وتبقى عايشة ومتأصلة فيه.
ويعزو سويلمين تعلق الكثير من الناس بهذه الفترة إلى ارتباطها بالمسؤولية المحدودة التي قد لاتكون موجودة في أوقات أخرى، فهم في هذه الفترة محط اكتشاف كل شيء خارج عن المألوف.
ويؤكد سويلمين ضرورة أن تكون المدارس جاذبة وأن تحتوي على الجانب الروحي والجمالي وتعليم الأطفال الكثير من القيم والأخلاق، التي لا توجد في الكتب فتطبع في ذاكرتهم كل ما هو جميل ومشرق عن المدرسة فتنمو لديّ الكثير من القيم والأنظمة التي يجب أن تتوفر عند الطفل. " الغد "



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات