الأمير زيد بن رعد يقدم ورقة نقاشية عن الحرب

المدينة نيوز- بعث سمو الامير زيد بن رعد، مندوب الاردن الدائم لدى الامم المتحدة بورقة نقاشية (مفاهيمية) الى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتوزيعها كوثيقة من وثائق مجلس الأمن، وذلك لاحاطة المجلس حول موضوع الحرب ودروسها والسعي الى سلام دائم في الجلسة التي يعقدها الاربعاء .
وجاء في الورقة التي نشرت بشكل رسمي بالامم المتحدة " ان الامم المتحدة انشئت بعد الحرب العالمية الثانية بغرض الحيلولة دون نشوب حرب عالمية اخرى الا انها ايضا تصدرت مسيرة البشرية نحو انقاذ الاجيال القادمة من ويلات الحرب "، مضيفا ان الحرب هنا تشير بوجه عام الا انها قد تكون داخلية لكن تؤثر بالسلم والأمن الدوليين كونها تكون ذات عواقب وعابرة للحدود.
وقال سموه في ورقته انه خلال العقود الماضية أناط مجلس الامن بأفراد الامم المتحدة، مهمات تتراوح بين مراقبة الهدنات والفصل بين الأطراف المتحاربة وغيرها الا ان معظم الانجازات التي حققتها الامم المتحدة في مجال حفظ السلام والامن كانت مادية بصفة رئيسة كالفصل بين الاطراف المتحاربة والوساطة وتدريب الشرطة وبناء البنية التحتية فقط.
واضاف سمو زيد بن رعد الذي يترأس مجلس الامن لهذا الشهر " أن الأمر الذي لم تستطع الأمم المتحدة أن تفهمه جيدا هو كيفية المساعدة على تحقيق مصالحة أعمق فيما بين المقاتلين السابقين والأقوام الذين ينتمون إليهم، استنادا إلى طروحات مشتركة أو متفق عليها وإلى ذاكرة مشتركة، لماضٍ عصيب، وهذا يتعلق على وجه الخصوص بالنزاعات الطائفية، أو الإثنية، وكذلك بالحروب التي تندلع بدافع النعرات القومية أو الإيديولوجيات المتطرفة".
وقال "مع أن الأمم المتحدة ساعدت في بعض الأحيان، في إنشاء لجان هامة لتقصي الحقائق، فإن تركيزها ما زال بوجه عام يتجه نحو المشاريع سريعة الأثر والمشاريع التجريبية والتنمية الاقتصادية المبكرة والسريعة، اعتقادا منها بأن المصالحة ستتحقق من تلقاء نفسها بشكل ما"، مضيفا " قد تتحقق المصالحة أو قد لا تتحقق وحتى لو تحققت المصالحة ، فإنها ، بدون وجود تحليل دقيق أعمق، قد تظل مصالحة سطحية معرضة لعبث أي فرد مضلَّل لديه ما يلزم من الجاذبية ومهارات القيادة والقدرة على استغلال مظالم تاريخية طال أمدها ليحقق مآرب سياسية على نحو يبعث من جديد مشاعر الكراهية التاريخية ويطرح بذلك تحديات جديدة للسلم والأمن الدوليين".
وحول موضوع الورقة وهدفها قال سموه أن "القصد من المناقشة المقترحة من الأردن، بصفته رئيس مجلس الأمن في شهر كانون الثاني عام 2014، هو تمكين المجلس من استخلاص العبر من فهم الحرب وتحديد ما هو ضروري لتحقيق السلام الدائم"، مضيفا ان الرئاسة الأردنية للمجلس تؤمن بوجود قيمة في "إجراء تحليل عكسي" للحرب للتوصل إلى استنتاجات بشأن أسبابها الرئيسية: اختلاف الطرح التاريخي الذي يؤلب قوما ضد قوم آخرين، ويغذي في بعض الأحيان الإيديولوجيات الشوفينية المشرَّبة أصلا بالاعتقاد بالتعرض للتجني وللظلم، والتي يؤمن بها على وجه الخصوص أولئك الذين يكيلون الأذية وألوان العنف للآخرين" .
وتساءل سمو الأمير زيد في ورقته "أولم يتلاعب الحزب النازي في ألمانيا في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين بالطروحات التاريخية لخدمة إيديولوجيته المفعمة بالكراهية؟ أولم يستغل أفراد آخرون كثيرون وجماعات أخرى كثيرة، في أماكن أخرى من العالم، الطرح التاريخي "غير المحسوم" استغلالا مماثلا تحقيقا لغايات سياسية، مما أدى إلى زيادة حدة خطر مواجهة مسلحة محتملة ؟ لذا ، فإنه بالرغم من سهولة تحديد الاعتبارات النفسية التي كثيرا ما تغذي العديد من نزاعاتنا، فإن معالجتها ظلت تبدو كأنها عسيرة المنال وأن مجابهتها أمر بالغ الخطورة، واعتقد ان ذلك إنما سينكأ جراحا لم تندمل بعد".
وأضاف سموه ، "تعاظم الاهتمام الدولي بمسألة إدراك مدى أهمية المساءلة الجنائية الفردية فيما يتعلق بأشد الجرائم جسامة، فإلى جانب الحاجة الماسة إلى العدالة، ثمة اعتراف واسع بأن " فقدان الذاكرة القسري" ، أي الأسلوب التقليدي في التعامل مع المصالحة، يحمل بين طياته مخاطر جسيمة أيضا وقد أصبح من المعترف به حاليا أن الحقيقة يجب أن تأخذ مكانها الصحيح، لا في المحاكم القضائية فحسب، بل أيضا في تسوية النزاعات المسلحة ومع ذلك، فإن الحقيقة لا يمكن أن تتبوأ مكانها إلا إذا حسمتها الأطراف المتناحرة سابقا وفهمتها واتفقت عليها على الوجه الصحيح" .
وطالب سمو الامير زيد الوفود المشاركة في النقاش في جلسة مجلس الامن، النظر في مسألة محورية وهي المخاطر التي ينطوي عليها البديل مفسرا ذلك بالقول "أي، إذا نحن ظللنا نخضع "الذاكرة " للترتيبات السياسية، وإصلاح القطاع الأمني، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي المبكر، وما إلى ذلك، ولم نعمل على الارتقاء بها إلى مستوى أعلى من الأهمية، ألا نخاطر، بذلك، مثلا، بالإبقاء على أوضاع لا نجني منها سوى سلام خادع وضحل، أو حالة من عدم القتال متنكرة بلَبوس السلام، بدلا من إحلال سلام قابل للاستدامة وقائم على أسس مكينة؟".
ودعا سموه أيضا الوفود إلى التفكير في المواضع التي توجد فيها أمثلة إيجابية للمصالحة المجدية المستندة إلى فهم تاريخي مشترك يساعد على ترسيخ السلام الدائم، قائلا "فما هي العبر التي يمكن استخلاصها من هذه الأمثلة، وما هي سبل استثمار تلك العبر في وضع نماذج لأفضل ممارسة يمكن تطبيقها في حالات ما بعد النزاع الحالية والمستقبلية، مضيفا "ما الذي يمكن أو يجب أن يفعله مجلس الأمن على وجه التحديد ؟".
وقال سموه إن رئاسة المجلس الأردنية تطلب إلى الوفود النظر في ما يلي: إذا كان من الشروط المسبقة لأي طرح مشترك توافر وثائق الدولة، فهل بإمكان المجلس أن ينظر في تكليف فريق استشاري تاريخي صغير من الأمم المتحدة - عندما يخبو دوي المدافع - بمساعدة السلطات التي تسعى إلى استعادة تلك الوثائق أو حمايتها على وجه السرعة، مقترحا سموه أن لا تنتهي مهمة ذلك الفريق عند هذا الحد فيمكن أن يساعد في العمل المبكر اللازم لإنشاء أرشيف وطني "عامل " أو لا يمكن للفريق أن يساعد في الإنشاء المبكر للجنة تاريخية وطنية في حالة ما إذا كان النزاع ذا طابع داخلي إلى حد كبير أو للجنة تاريخية دولية إذا كان النزاع ذا طابع دولي؟ .
وقال سموه ان "هذه المسائل حساسة جميعها، بل، في حقيقة الأمر، كان هناك نزوع ، بسبب حساسيتها هذه، إلى تجنبها بدلا من معالجتها بروح من المسؤولية"".
وأنهى سمو الامير زيد بن رعد ورقته بالقول "ترى الرئاسة الأردنية لمجلس الأمن أن المجلس يجب أن يفكر بشكل مختلف وأن يتوصل إلى أفضل سبيل لتسخير تلك الترتيبات المتسمة بطابع مادي شديد والرامية إلى إنهاء القتال الفعلي من أجل إحلال سلام حقيقي ولا رجعة فيه، يعززه فهم تاريخي مشترك للنـزاع السابق"، مضيفا سموه انه بصفته رئيسا لمجلس الامن سيقوم بدعوة وكيل الأمين العام للشؤون السياسية لتقديم إحاطة إعلامية للمجلس بشأن أهمية استخلاص العبر من التاريخ بوجه عام، وكيف أن الفهم المشترك للماضي يؤدي بدوره إلى توطيد السلام والأمن الدوليين، وهو التحدي الذي يمثل المسؤولية الأولى لمجلس الأمن".
(بترا )