حفريات الكسارات تشوه المنظر العام لمناطق طبيعية خلابة ذات تنوع حيوي

المدينة نيوز- يشكو مواطنون من كسارات طالت بحفرياتها مناظر طبيعية خلابة , مخلفة وراءها خرابا , بعدما كانت مقصدا سياحيا , ومتنفسا لهم ولعائلاتهم بما كانت تحتويه تلك المناطق من تنوع نباتي وحيواني رحل عنها .

وقالوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان حفريات هذه الكسارات اعتدت على بعض المواقع الاثرية والاشجار الموجودة ضمن منطقة عملها , ووصلت الى محاذاة مبانيهم السكنية وعلى اطراف قراهم , مؤكدين ان الاصوات العالية الصادرة عن تفجيرات هذه الكسارات ادى الى تصدع بيوتهم وسقوط بعض المباني الاثرية القديمة , ناهيك عن تأثيرات الغبار واتلاف الشوارع جراء قلابات النقل .

وبينوا ان ما يعانونه من هذه الكسارات جعل العديد منهم يفكر بشكل جدّي بالرحيل عن مناطقهم , إلا ان الحالة المادية لديهم لا تسعفهم للانتقال والسكن في مناطق اخرى .

محمد الرشايدة القاطن في الشونة الجنوبية قال ان الكسارات الموجودة في منطقة وادي الحصينيات في الجنوب الشرقي من منطقة الكرامة تعمل في مكان ذي طبيعة جميلة , ما ادى الى تشوه المنظر العام جراء الحفريات وتقطيع العشرات من الاشجار , اضافة الى تجاهل اصحاب تلك الكسارات لاستخدام الفلاتر وما ينتج عنها من غبار كثيف .

واضاف ان العديد من المواقع الاثرية ضمن المنطقة التي تعمل بها هذه الكسارات تاثرت بذلك , اضافة الى انها تعدت في الحفر على الجبال المجاورة لها , مشيرا الى ان هذه الكسارات تعمل منذ عشر سنوات متسائلا عن اعطاء التراخيص للكسارات في مثل هذه الاماكن الجميلة وطبيعتها الخلابة ؟ .

وقال رئيس بلدية السلط الكبرى المهندس خالد الخشمان: هناك كسارات بعد سنوات من العمل والحفر اصبحت بمحاذاة التنظيم , وبالتالي اقتربت كثيرا من المباني السكنية , لذلك يجب اعادة النظر بموضوع تجديد ترخيص الكسارات ووضع شروط جديدة لذلك .

واضاف ان هناك كسارة وحيدة في منطقة السلط تقع في منطقة ذات طبيعة جميلة , تلك المنطقة فقدت منظرها الخلاب جراء الحفر , كما ان قلابات النقل من هذه الكسارة واليها سببت اتلافا في الطرق بالمناطق المحاذية لها , مستدركا ان اغلاق هذه الكسارة كونها الوحيدة في السلط سيؤدي الى تبعات مالية زائدة على المواطنين لانه كلما بَعُدت الكسارة زاد أجر النقل على المواطنين .

ومن منطقة صمد في لواء المزار الشمالي قال المواطن علي البدور القاطن بمحاذاة الكسارات الثلاث الموجودة باطراف المنطقة ان " حفريات الكسارات افقدت المنطقة جمالية خلابة جدا , تلك المنطقة التي تُعد مقصدا سياحيا وتتميز باشجارها المثمرة والحرجية " .

واضاف ان هذه الكسارات تعمل منذ ما يزيد عن 15 عاما , والتفجيرات الصادرة عنها ادت الى الاضرار وسقوط العديد من البيوت الموجودة بالقرية الاثرية القديمة , كما حدثت تشققات في جدران بيوت المنطقة , بالاضافة الى الغبار الكثيف , مشيرا الى ان هذه الكسارات تزحف في عملها باتجاه المباني وتقترب منها بحوالي كيلو متر ونصف الكيلو متر , داعيا الى عدم تجديد الترخيص لهذه الكسارات , واعادة تأهيل مكان الحفريات .

وقال مدير المناجم والمقالع بالتكليف في سلطة المصادر الطبيعية المهندس مروان القيسي ان السلطة تقوم بالكشف الأولي على المنطقة المراد اقامة كسارة فيها ويتم التركيز على ان تكون خارج التنظيم وتبعد عن المنطقة السكنية بحوالي كيلو متر , او 500 متر في حال وجود حواجز طبيعية .

واضاف ان بامكان المواطنين تقديم شكوى الى المحكمة جراء اي تأثيرات ناتجة عن هذه الكسارات , والحصول على تعويضات , مشيرا الى ان اللجنة المركزية الموجودة في وزارة البيئة وتضم مندوبين عن وزارات الصحة والزراعة والبيئة والمياه ومؤسسة الغذاء والدواء هي التي تتابع اجراءات الترخيص وتسمح للسلطة بمنح الترخيص او عدمه .

واوضح القيسي ان السماح للكسارات بالعمل في مناطق طبيعية جميلة تحدده اللجنة المركزية آنفة الذكر , مشيرا الى ان العديد من المواطنين ينشئون مباني سكنهم بالقرب من هذه الكسارات ثم يتقدمون بالشكاوى , وان العديد منهم في منطقة صمد تقدموا بشكاوى لدى المحكمة وحصلوا على تعويضات جراء ما لحق بهم من اضرار .

وقال انه لا يجوز تقديم الشكاوى اكثر من مرة للحصول على تعويضات متكررة مبينا ان بعض المواطنين باعوا اراضيهم لاصحاب الكسارات وهم يعلمون انها لهذا الغرض , وبعد بيعها يتقدمون بالشكاوى على اصحاب هذه الكسارات , مؤكدا ان المساحة التي يتم اعطاؤها للكسارة وتعمل ضمن حدودها هي بين دونم وخمسة دونمات فقط ولا يجوز تجاوز هذه المساحة .

واضاف ان تجديد الترخيص للكسارات يتم سنويا وبالتالي يذهب مهندسون من قبل السلطة للتأكد من ان العمل في الكسارة تجاوز المساحة المحددة أم لا , وفي حال تم تجاوزها بالحفر يتم تقديم صاحب الكسارة الى الحاكم الاداري واغلاقها , موضحا ان هناك كفالة بنكية موجودة في السلطة من قبل كل كسارة يتم مصادرتها اذا لم تؤهل منطقة الحفر بعد انتهاء العمل منها , اذ المطلوب فقط وفقا للتعليمات اغلاق الحفر وعمل مصاطب (بسطات) بارتفاع عشرة امتار وعرض من 3 – 5 امتار , وليس تأهيلها بالاشجار وتزيين منظرها .

واكد مدير مديرية التراخيص والارشاد في وزارة البيئة عضو اللجنة المركزية المعنية بتراخيص المقالع المهندس عزت ابو حمرة انه لا يوجد ضمن تعليمات ترخيص الكسارات ما يمنع اعطاء ترخيص للعمل ضمن المناطق الخلابة والجميلة مشيرا الى ان هناك اهمية متوازنة بين الاستثمار والبيئة بحيث لا يتقدم احدهما على الآخر .

واوضح ان هناك كسارات اخذت تراخيص قبل سنوات عديدة وقبل وجود التعليمات الحالية , وفي حال انهاء تراخيصها ستذهب الى مناطق اخرى وتشوه منظرها , وبالتالي يفضل بقاؤها ضمن المناطق التي تعمل بها حاليا في ضوء وجود المواد الخام المطلوبة فيها .

مدير عام دائرة الآثار العامة منذر قمحاوي قال ان الكسارات في منطقة الكرامة كانت قد اعتدت العام 2008 على بعض المواقع الاثرية الموجودة ضمن منطقة عملها الامر الذي تمت مناقشته على اعلى المستويات واصدر مجلس الوزراء حينها قرارا تضمن ان تكون الاماكن الاثرية الموجودة ضمن منطقة عمل الكسارات ارضا مخصصة لدائرة الآثار العامة .

واضاف ان بعض هذه المواقع الاثرية تم تسييجها لتكون متنزها اثريا وبعضها الآخر سيتم تسييجه , ويمنع على الآليات العاملة في تلك الكسارات الاقتراب من هذه الاثار , مشيرا الى ان بعض المواقع الاثرية في ذات المنطقة تم نقل انصاب الحجارة الموجودة فيها الى اماكن اخرى .

وقال ان تلك الكسارات تعتاش منها مئات العائلات ومن الصعوبة اغلاقها .