الخلايا الجذعية وسيلة لعلاج امراض مستعصية

المدينة نيوز- تعد الخلايا الجذعية من المكتشفات الطبية الحديثة ، ويُعول عليها بان تكون مصدراً مهماً في علاج الكثير من الأمراض المزمنة والإصابات الخطيرة ، كأمراض الكلى والكبد وعضلة القلب وإصابات الجهازين العصبي والعظمي.

ويعتبر الاردن اول دولة عربية في استحداث نظام متكامل للخلايا الجذعية طبيا وقانونيا .

والخلايا الجذعية قادرة على تجديد نفسها وعلى التمايز لانواع خلايا متعددة , ومصادرها متعددة في الجسم ، اذ ان لكل عضو في الجسم خلايا جذعية قادرة على ترميم ذلك العضو التالف , وفقا لمتخصصين .

رئيس اللجنة الوطنية للخلايا الجذعية , رئيس مركز العلاج بالخلايا الجذعية البروفسور عبدالله العبادي قال لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان هذه الخلايا يمكن أن تؤخذ من عدة مصادر كنخاع العظم ، والدهن البشري، والجلد ،والاسنان والمشيمة والحبل السري ودمه , ومختلف أنسجة الجسم.

واوضح ان الخلايا قد تؤخذ من المريض نفسه ، وتسمى خلايا ذاتية، او من متبرع آخر وتسمى خلايا غير ذاتية, وقد تكون الخلايا جذعية بالغة , أو جذعية جنينية تؤخذ من اللقاحات الزائدة بعد التلقيح ، وتنتهي بمرور خمسة أيام من بدء الانقسامات المتتالية , وهناك أنواع أخرى تسمى الخلايا الجذعية المحفزة ,اذ يتم اعادة برمجة الخلايا البالغة بعدة طرق واعادتها الى الوضع الجنيني .

مركز الخلايا الجذعية .......................

وقال العبادي ان المركز يهدف الى تطوير تقنيات علاجية مرتبطة بالخلايا الجذعية لامراض استعصى علاجها مثل علاج التصلب اللويحي وقرنية العين والركب بالاضافة الى الامراض المتعلقة بالفشل الكبدي والكلوي وعضلة القلب وامراض العيون التي تؤدي الى العمى وبعض الامراض العصبية سواء المرتبطة بالعضلات او الدماغ وبعض الامراض الشائعة المتعلقة بصعوبات التعلم ، كما أن توليد خلايا قادرة على تصنيع عظم في المختبر يفتح آفاقا واسعة لترميم العظام .

ويهدف كذلك الى الكشف العلمي والتعامل مع النظريات العلمية للأمراض المستعصية واخضاعها لأسس التمحيص العلمي الصحيح، فأبحاث الخلايا الجذعية علمية منضبطة قائمة على أسس سليمة هدفها حل المشكلات الصحية بعيدا عن الترويج التجاري الرخيص غير المبني على الدليل العلمي أو غير الخاضع لإصول النظرية العلمية .

الباحثة في المركز الدكتورة دانا الحطاب اشارت الى نجاح المركز في معالجة بشرة الجلد البشري للمرة الأولى في الوطن العربي منذ عام ونصف العام ما يفتح خيارات واسعة أمام ترميم الجلد وعلاج الحروق فيما نوهت الباحثة الدكتورة دعاء أبو عرقوب الى الدراسات المخبرية التي يجريها المركز على الخلايا الجذعية السنية والتي تؤخذ من الاسنان اللبنية ، لتكوين خلايا مختلفة لتصنيع الغضاريف والخلايا العصبية.

واستعرضت الدكتورة فاطمة الجمالي تطبيق الخلايا المسنكيمية الذاتية على مرضى التصلب اللويحي ممن فشلت لديهم الأدوية المتبعة في مثل هذه الحالات حيث تشير النتائج الأولية الى تحسن كبير في حالات هؤلاء المرضى .

وعن مستقبل الخلايا الجذعية أشار العبادي الى انه سيكون لدى طب هذه الخلايا خلال المستقبل القريب من سبع الى عشر سنوات مقبلة , الكثير مما يوفره للمرضى معتقدا بانه سيتم ترميم غضاريف المفاصل , وحل مشكلة عضلة القلب ومشكلة عدم الابصار , كما سيكون من السهل شفاء التقرحات الجلدية المزمنة , وعلى المدى البعيد اي بعد عشر سنوات سيكون بالمقدور حل مشكلات الفشل الكلوي والكبدي وبالتالي ستتبدل معالم كثيرة بما في ذلك زراعة اعضاء الكلى والكبد والقلب .

واشارت نائب رئيس اللجنة الوطنية للخلايا الجذعية الدكتورة حنان جعفر من الجامعة الاردنية الى ان المركز الذي تأسس العام 2008 سينتقل الى المبنى المستقل الجديد قريبا داخل حرم الجامعة , وسيتم افتتاحه رسميا مع نهاية هذا العام .

وانطلاقا من رسالة المركز , فقد نجح في ربط كوادره في فرق علمية متعددة بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الأطباء والعلماء في الجامعات : الأردنية والعلوم والتكنولوجيا الاردنية والهاشمية , والعديد من أطباء القطاع الخاص.

مشروعات ودراسات ..................

مشروعات الدراسات متنوعة ومتفاوتة بالتطبيق حسب توفر الدعم المالي وفقا للعبادي حيث كان للدعم المالي المقدم من عمادة البحث العلمي في الجامعة الاردنية الأثر الكبير في انجاز مشروع غضروف الركبة الأول والبدء بمشروع غضروف الركبة الثاني ، ومشروعي تصنيع العظم البشري والخلايا المسنكيمية في التصلب اللويحي مشيرا الى صندوق دعم البحث العلمي في وزارة التعليم العالي الذي دعم مشروعي تصنيع الجلد البشري وتصنيع قرنية بشرية، وهناك العديد من المشروعات التي تم اعدادها مخبريا بانتظار الدعم المالي للإنتقال لمرحلة الدراسة التطبيقية على الأمثلة المرضية.

وأشار الى انه نظرا لكثرة المشروعات فان المركز يرتب اولويات بحثية نظرا لعدم توفر الدعم المالي اللازم لتغطية هذه المشروعات , وعند استكمال مشروع المبنى الدائم للمركز وشراء المعدات والأجهزة الحديثة والتي مولتها المنحة الخليجية بدعم من الصندوق السعودي للتنمية ,فسيكون للمركز آفاق جديدة وامكانات كبيرة في مجال الأبحاث.

وحول ما ينشر في بعض وسائل الاعلام عن قدرة البعض في علاج الامراض المستعصية قال العبادي : هناك ادعاءات غير مدعومة بالدليل وغير مثبتة علميا بعلاج مرض السكري والشلل الناتج عن قطع الحبل الشوكي وعقم الرجال والسرطان (من غير زراعة نخاع العظم) ,هذه الادعاءات لا تدعمها الأدلة العلمية ولا يمكن اثبات صدقها بالمعطيات الحالية، وتؤدي الى استغلال المرضى ممن عجز الطب الحديث عن ايجاد حلول لهم, لذا يجب التنبيه وارشاد الناس للسؤال قبل الإقدام على مثل هذه الإجراءات التي يدحضها الدليل العلمي والطبي.

قانونية الخلايا الجذعية .........................

اعطى صدور نظام الخلايا الجذعية هذا العام وتعليماته , لوزارة الصحة ذراعا قانونيا لضبط وتنظيم الامور المتعلقة بموضوع التبرعات الخاصة بالخلايا الجذعية وايجاد قاعدة بيانات معلوماتية عن الجهات العاملة والبنوك الممارسة لهذا النشاط في المملكة.

المستشار القانوني في الوزارة رضوان ابو دامس قال ان الاردن يعتبر الاول عربيا في اصدار هذا النظام الشامل ويحتل المرتبة الرابعة عالميا مشيرا الى الاسباب التي دعت للتنسيب بإصداره , اذ انه في المرحلة السابقة لم يكن هناك تشريع في المملكة يحكم جمع وتخزين الخلايا الجذعية وكيفية الحصول عليها واستخدامها وترخيص البنوك الخاصة بها حيث ان هذا الموضوع حدث طبي جديد بحاجة الى تشريع خاص ينظمه وينظم الجهات التي تتعامل به ولا سيما ظهور اهمية طبية كبيرة لاستخدام الخلايا الجذعية للعديد من الامراض.

وأضاف انه ظهرت شركات متعددة تتعامل مع الخلايا الجذعية والتسويق لها وجمعها وتخزينها دون غطاء قانوني ما ادى الى قيام الوزارة والخبراء الاردنيين باستحداث هذا النظام لحماية المستخدمين والمرضى لهذا النوع من العلاج بالإضافة الى ايجاد نظام قانوني للحماية من الاستخدامات التجارية , مبينا انه سيتم فتح باب الاستثمار لإنشاء مراكز طبية ومستشفيات علاجية ، من خلال استحداث تشريع قانوني للمؤسسات الراغبة بالاستثمار.

وفيما يتعلق باللجنة الوطنية للخلايا الجذعية اوضح العبادي أن اللجنة شكلت ممثلة لكل الهيئات والاطراف التي لها علاقة بالخلايا الجذعية انطلاقا من مبدأ الشفافية والتشاركية, ولكون تطبيقات هذه الخلايا بحاجة الى تأطير مبني على الأسس العلمية الصحية والدليل العلمي , واستدعى الأمر اشراك الهيئات والمؤسسات المهنية والرقابية والشرعية في عضويتها مبينا ان اللجنة مهمتها النظر في الموضوعات الفنية واعتماد البنوك لغايات الترخيص ووضع الإرشادات والضوابط للتطبيقات المستجدة.

عضو مجلس نقابة اطباء الاسنان عضو اللجنة الدكتورة آية الأسمر اشارت الى ان النقابة لها دور محوري في اللجنة لأن الخلايا الجذعية يمكن أن تستخرج من الأسنان اللبنية وأماكن متعددة من السن وروابط السن، ومن هنا جاء دور طب الأسنان الرئيسي في هذا الموضوع.

وحول استخدامات هذه الخلايا في طب الاسنان قالت انه بمرور السنين تطور طب الأسنان إلى أن توصلنا اليوم لاستخدام زراعة الأسنان، إلا أن ذلك ما زال يعتمد على زراعة جسم صلب معدني أو غير معدني في فم المريض، لكن باستخدام الخلايا الجذعية يمكننا الوصول إلى مرحلة زراعة حقيقية لسن طبيعي إلا أن هذه مرحلة ما زالت قيد الدراسة .

مجلس الافتاء ............

أمين عام دائرة الإفتاء العام الدكتور محمد الخلايلة اشار الى قرار مجلس الافتاء بخصوص الخلايا الجذعية وقال انه قرار شامل ، وبصفته ممثلا للدائرة في اللجنة، فإن أية مسألة فقهية تنشأ وفقا لآخر ما يستجد في مجال الخلايا الجذعية يتم عرضها على اعضاء مجلس الافتاء لاتخاذ القرار لغايات اصدار الحكم الشرعي في تلك المسألة.

وكان مجلس الافتاء اصدر قرارا بخصوص نظام الخلايا الجذعية ، وقرارا اخر يتعلق بأنواع الخلايا الجذعية وأحكامها والذي يبين فيه الحالات عندما تكون الخلايا الجذعية جائزة الاستخدام ولكن بشرط أن لا تتم زراعتها في رحم المرأة ، وأن لا تستخدم لأغراض التكاثر البشري.

يشار الى انه عقدت عدة اجتماعات مع مجلس الافتاء برئاسة سماحة المفتي بحضور مدير مركز الخلايا الجذعية لمناقشة واستيضاح ماهية الخلايا الجذعية الجنينية او البالغة واستخداماتها قبل الوصول الى قرارت مجلس الإفتاء المتعلقة بالخلايا الجذعية.

قصص نجاح .................

المواطنة تحيات مضاعين التي تعالجت من مرضها في غضروف الركبة في المرحلة المتوسطة من خلال الخلايا الجذعية وكان التحسن كبيرا اذ بلغت نسبته سبعين بالمئة قالت "كنت اعاني من الآم في الركبة ,لم اتمكن من الصعود او النزول عن الدرج , ومن ثني الركبة , وكنت اشعر بخشخشة في ركبتيّ ولم استطع القيام بالمهام المنزلية ، اما الآن أصبحت قادرة على القيام بتلك الامور واختفت الالام ".

اول متطوع لعلاج التصلب اللويحي بالخلايا الجذعية علاء العجارمة قال "اصبت بهذا المرض منذ العام 2006 ، وطبيعة المرض تظهر وتختفي في اماكن متعددة من جسمي، وزاد عندي بشكل كبير ومتواصل منذ العام 2008".

واضاف انه كان يراجع عددا من الاطباء المتخصصين في العظام والدماغ والاعصاب والقلب الا انه لم يصل الى تشخيص دقيق لمرضه , الى ان ظهرت لديه بقع بيضاء في الدماغ أواخر العام 2010 تبين بعدها عن طريق الرنين المغناطيسي بأنه تصلب لويحي ، وبدأ بالعلاج من خلال ابر انترفينون حتى العام 2013 ، لكن تبين ان جسمه لا يتجاوب مع هذا النوع من الابر ولم يكن أمامه الا العلاج من خلال الخلايا الجذعية .

وقال ان هذا المرض في ادبيات الطب غير معروف سببه والذي قد يكون خللا في المناعة، فالاعراض تصيب اي جزء من اجزاء الجسم مضيفا انه كان يشعر بالم في يده اليسرى ورجله اليسرى ايضا , وحرارة ومشكلة في التوازن , أما الان فهو يشعر بالتحسن والمشي افضل من ذي قبل معربا عن أمله في المزيد من التحسن بعد انتهاء مدة دراسة حالته المقررة -سنة ونصف السنة -.

بنوك الخلايا الجذعية .......................

وحول توافر بنوك للخلايا الجذعية في الاردن ، أشار الدكتور العبادي الى انه لا يوجد الى الآن بنك مرخص لغايات تخزين دم الحبل السري أو الخلايا الجذعية من الأسنان اللبنية , ووفقا لنظام الخلايا الجذعية فإنه يسمح بتخزين الخلايا الجذعية في الاردن سواء للقطاع العام او الخاص اذا ما توفرت الشروط اللازمة للترخيص وهي شروط فنية صارمة ومتماشية مع المعايير العالمية في الخارج مثل الولايات المتحدة الاميركية او المملكة المتحدة , اذ يضع النظام , البنوك المخزنة تحت مظلة قانونية فيها حماية لهم وللمواطن .

ابو دامس قال أنه سيتم اقرار لائحة الاجور لكل بنك يريد الترخيص واعتماد اللائحة من قبل وزير الصحة بناء على تنسيب اللجنة الوطنية للخلايا الجذعية ما يؤدي الى استقطاب اعداد كبيرة من المرضى وتأكيد مبدأ الشفافية والمصداقية في الممارسات الصحية .

اكاديمية عربية ..................

الدكتور العبادي اشار الى انه من الناحية التعليمية للاطباء من خارج المملكة للدراسة في المركز فانه يتم وفقا لمذكرات التفاهم بين الجامعة الاردنية والمؤسسات الاكاديمية مشيرا الى مذكرة التفاهم مع جامعة النيلين السودانية .

الدكتورة هبة بدر الدين خليل احمد من قسم امراض الدم في جامعة النيلين تروي تجربتها الدراسية في الاردن وقالت انها بمثابة فرصة العمر لدراستها وتدريبها وفقا للامكانيات المتطورة في مركز الخلايا الجذعية في الجامعة الاردنية مشيدة بروح العمل الجماعي والمثابرة في المركز لمعرفة المزيد .

وقالت "انها كانت الاولى في بلدها التي نالت الدرجة الفلسفية في هذا المجال النادر ما لفت الانتباه لها ودفعها للاستمرارية في التعمق في علم الخلايا الجذعية , وتطبيقه لمعالجة الامراض اصبح واقعا لابد من الخوض فيه".

(بترا )