غذاؤنا وتغذيتنا في فصل الشتاء

المدينة نيوز - يلعب غذاؤنا وتغذيتنا دور مهم في مجتمعنا خاصة في فصل الشتاء إذ يعد موسم البرد فرصتنا العائلية لتناول بعض الأغذية التقليدية أو الشعبية الدافئة وأهمها الكرشات والمقادم والملفوف والمنسف، وإلى حد أقل الرشوف والبازينة. كما ويرتكز إهتمامنا على تناول الأغذية النشوية كالأرز والفريكة والمفتول والبرغل بالإضافة الى الخضار النشوية كالبقوليات مثل العدس والفاصولياء والفول والحمص.

ولعل غالبا ما يسيطر على مشاعرنا وجلساتنا هاجس المعاناة من زيادة الوزن في فصل الشتاء نظرا للزيادة الملحوظة في تناول الأغذية المركزة على النشويات، والذي عادة ما يصاحب بتناول الحلويات والشوكولاتة بكميات كبيرة لما تعطيه من طاقة. ومن أشهر ما يتم تناوله في الشتاء هو السحلب والكاسترد والشوكولاتة الساخنة والإينر والكاكاو بالاضافة الى الحلويات التي تؤكل مع القطر كالحلبة والهريسة والمطبق.

وتعنى التغذية السليمة في موسم الشتاء بتناول الأغذية التي تؤدي الى زيادة طاقة الجسم وينتج عن هضمها حرارة كالبروتينات الحيوانية التي تتمثل في اللحوم والدجاج والأسماك والبيض، بالإضافة الى الخضار النشوية كالبطاطا والجزر والذرة، والبقوليات كالعدس والحمص والفول والفاصولياء بالإضافة الى الفواكه المجففة كالتمر والقطين.

 كما وتعنى التغذية المتوازنة بالحصول على جميع العناصر الغذائية للجسم عن طريق مراعاة التنوع في أنواع وكميات الأطعمة المتناولة مع مراعاة التنوع في طرق الطهي الصحية كالشي والسلق والقلي بزيت نباتي وبكميات محددة، لذا يجب تنويع الأطعمة في الوجبات الغدائية لتجنب تعرضنا إلى مشاكل صحية وأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، أمراض السكري، هشاشة العظام، وإرتفاع ضغط الدم وبعض أنواع السرطانات.

ويحتوي غذاؤنا على مكونات طبيعية أساسية هي النشويات والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن والأملاح. ويعتمد معدل إحتياج جسمنا من السعرات الحرارية على العمر والسن والجنس والوزن وما نبذله من نشاط ذهني وبدني، كما وتؤثر الحالة النفسية على إحتياجنا لبعض العناصر الغذائية مثل مجموعة فيتامبن (ب) والتي تلعب دور مهم في الحفاظ على نشاط الخلايا العصبية. وتتواجد مجموعة فيتامبن (ب) في مصادر نباتية مثل البطاطا والموز والعدس والفلفل والخميرة الطبيعية، وفي مصادرحيوانية أيضا مثل الكبدة والتونا والديك الرومي واللحم المفروم. فمثلا، يعد طبق يخنة البطاطا (أو البطاطا المحشية باللحم المفروم) من الأطباق الصحية والشتوية في حالة التوتر النفسي.

وترتكز أسس التغذية السليمة على تنظيم وجبات الطعام واتباع نظام غذائي منوع، بالإضافة الى اختيار الطعام الصحي، ومراقبة وزن الجسم والموازنة المتكافئة بين كمية ونوعية الطعام المتناول مع النشاط البدني والحرص على شرب الماء في فصل الشتاء حتى وان لم نشعر بالعطش، ويفضل شرب ستة أكواب من الماء يوميا على الأقل (مع مراعاة الاحتياجات الفردية والطبية للجسم). ويجب أن يكون الماء فاترا وليس باردا لأنه لو كان باردا سيأخذ من حرارة الجسم الداخلية فنشعر بالقشعريرة أو البرودة.

ومن الإرشادات التغدوية الهامة في فصل الشتاء هي توزيع كميات الأطعمة خلال اليوم مع مراعاة الانتظام في تناول الوجبات الخفبفة وذلك لأنه في حالة تعرضنا للبرد، تقوم خلايا جسمنا بإرسال إشارات لدماغنا عن حاجتنا الى الدفء مما يفتح من شهيتنا للأغدية ويزيد من تكرار وجباتنا وكمياتها بدون مراعاة احتيجاتنا الفعلية من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية. وكلما كان هنالك خلل في تناول العناصر الغذائية المفيدة، كلما زاد ميولنا لتناول الأغذية عالية السعرات الحرارية والدسمة.

ومن الإرشادات الأخرى هي تناول الخضار المطبوخة والدافئة مع مراعاة عدم الإكثار من الخضار الطازجة المبردة لأن الخضار المطبوخة الساخنة تحتاج الى حرارة أقل أثناء الهضم ولا تأخذ من حرارة جسمنا ليتم هضمها. هذا لا يعني بأن لا نتناول السلطات والخضار الطازجة، وإنما يجب مراعاة تناولها بكميات محددة وعلى درجة حرارة معتدلة، خاصة إذا كانت مبردة لأنها أيضا ستأخذ من درجة حرارة جسمنا في البداية قبل أن يتم هضمها.

ومن المفيد أيضا الإكثار من البهارات والتوابل والفلفل الحار في الطعام لأنها تمد جسمنا بالحرارة في أجزاء جهازنا الهضمي مما يقلل كمية الدم التي نضخها من أجل عملية الهضم، وتذهب هده الكمية من الدم الى تدفئة باقي أطراف جسمنا. ولكن يجب التنويه بأن استخدام البهارات والتوابل والفلفل الحار يشكل ضرر لبعض الأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو التهابات المجاري البولية.

وتتضمن أهم الأسباب لزيادة وزن الجسم أو السمنة في فصل الشتاء هو قلة الحركة والإعتماد على النشويات والسكريات المركزة والإفراط في تناول السمن، والزبدة والشوكولاتة، لذلك فان اتباع أسس الغذاء السليمة بمراعاة التنوع والتوازن والإعتدال مع مراعاة الحركة بشكل دائم ومستمر تساعد في الحفاظ على وزن صحي، كما وتساعد على تنظيم نسبة الدهنيات في الدم وتخفيف نسبة الحموضة فيه، ومنع الامساك والتعقيدات المحتملة في الجهاز الهضمي، وارتفاع نسبة الدهون في الدم، وارتفاع نسبة الملوحات خاصة في البول، وزيادة نسبة السكر في الدم. ولعل لموسم الشتاء خصوصية في الأطباق المعدة، فلا مانع من تناول وجبة تقليدية بين الحين والآخر.

ومن ناحية أخرى، تعتبر الصحة النفسية والإكتئاب من أهم عوارض فصل الشتاء لدى العديد منا إذ تلعب الصحة النفسية ودرجة الإكتئاب دورا في تغيير نمط تناولنا لأغذية ما إذ يزداد ميول المكتئب إلى تناول الحلويات والنشويات بصورة أكبر أو النفور من تناول أي طعام، إلا أن بعض الدراسات أشارت إلى أهمية تناول السمك للصحة النفسية والحماية من الإكتئاب إذ توصلت دراسة واسعة النطاق بأن الأشخاص الذين يتناولون السمك أقل من مرة في الأسبوع هم أكثر عرضة للإصابة بالإكتئاب المعتدل والشديد (وبمعدل 31 %) مقارنة بمن يتناولون الأسماك أكثر من مرة في الأسبوع، ويعود ذلك الى إحتواء السمك على الأحماض الدهنية الثلاثية (الأوميغا 3) الموجودة في السمك.وتوجد الأحماض الدهنية الثلاثية أيضا في البذور مثل بذر الكتان، وفاكهة الأفوكادو، وجوز القلب. كما وتعنى الفواكه والخضار في موسم الشتاء بتحسين الصحة النفسية، مثل الحمضيات (كالبرتقال والليمون الحامض والجريبفروت والكيوي والمانجو) نظرا لإحتوائها على فيتامين (ج) والذي بدوره يمنع تأكسد الخلايا. أما بالنسبة لمجموعة الخضار الشتوية فتتمثل بالبروكولي، الملفوف واللفت والشمندر، والفلفل الأحمر، والذرة، والبصل والثوم، والباذنجان، والسبانخ. فلتغذيتنا وغذاؤنا الدور الرئيسي في تمتعنا بشتاء دافيء وصحي.