هل تساءلت يوماً عن الاختلافات بين اللهجات العربية؟

المدينة نيوز :- تختلف اللهجات العربية من منطقة إلى أخرى، وتكون أحياناً متقاربة من حيث التركيب أو المعجم أو النطق، بينما تكون أحياناً أخرى شديدة التباين على جميع المستويات. ما هي أهم اللهجات العربية من حيث التوزيع الجغرافي؟ وما هي مظاهر الاختلاف بينها؟
مهما اختلفت الدول العربية من حيث المساحة والموقع الجغرافي، تتميز جميعها بتعدد اللهجات التي يتكلمها سكانها. في البحرين على سبيل المثال، أصغر بلد عربي بمساحة لا تتجاوز 765 كلم، يسهل التفريق بين ثلاث لهجات محلية واضحة، هي اللهجة البحرانية، واللهجة الخليجية، واللهجة المحرقية. أما في الدول الشاسعة، فربما تعدّ اللهجات بالعشرات، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أدق التفاصيل المحلية للتفريق بينها. رغم هذا التنوع الكبير، يُمكن اختصار اللهجات العربية في أربع مناطق جغرافية كبرى، يوجد في كلّ واحدة منها عدد من اللهجات المتقاربة، من حيث النطق والتركيب والتنغيم، ولا يجد متكلموها صعوبة في فهم بعضهم البعض.
منطقة الخليج: وفيها اللهجات المختلفة باختلاف دول الخليج، واللهجة اليمنية، ولهجات بدو الأردن. أحياناً تكون هذه اللهجات متشابهة إلى درجة أنه يصعب على من لا يتكلمها إيجاد فوارق واضحة بينها.
بلاد الشام: وفيها اللهجات اللبنانية والسورية والفلسطينية واللهجة الحضرية الأردنية (خاصة العاصمة عمان)، وتتميز هي الأخرى بتقارب كبير على جميع المستويات.
مصر: يوجد تنوع لهجات كبير في مصر، ولا يصعب على أي ملاحظ أن يدرك الفوارق التي تميز اللهجات الحضرية في هذا البلد ولهجات المناطق الداخلية، مثل الصعيد أو الجنوب. ولكن هذا التنوع الداخلي يُعطي للهجات مصر طابعاً خاصاً يجعلها مختلفة عن باقي اللهجات العربية.
المغرب العربي: تمتد اللهجات المغاربية من الشرق الليبي إلى الساحل الغربي لموريتانيا. ورغم وجود اختلافات بينها، إلا أن معظم هذه اللهجات متشابهة، وقد يكون من الصعب رسم حدود جغرافية واضحة بينها.
بالتأمل في الجزئيات التي تعطي للهجات العربية هذا الاختلاف والتنوّع، يُمكن أن نلاحظ أن أغلب الفوارق التي تميزها تتلخص في ثلاث مسائل رئيسية: وهي نطق الحروف، خصائص المعجم المستعمل، والتنغيم المصاحب لها.
على المستوى الصوتي، توجد اختلافات واضحة بين المناطق العربية في نطق بعض الحروف، حتى صار ذلك مقياساً يسهل به تحديد المنطقة الجغرافية التي تُستخدم فيها لهجة معينة. على سبيل المثال، يكفي أن نلاحظ كيفية نطق حرف "القاف" حتى نستخلص الانتماء الجغرافي لأي متكلم، فـ"قمر" [gamar] الخليج تختلف عن "أمر" [amar] الشام ومصر، وعن "قمر" [qmar] المغرب العربي، رغم أن أصل الحرف واحد. وكذلك "جيم" مصر تختلف عن جيم الخليج والمغرب العربي، فينطق الخليجيون "الجمل" بإضافة سكون خفيف قبل الحرف الأول فتصير شبيهة بـ"دْجمل"، بينما يتغير الحرف الأول بشكل كامل في اللهجة المصرية فيصير [gamal]. ورغم وجود تشابه بين المغاربة وأهل الشام في نطق حرف "الجيم"، إلا أن لكلّ منهما طريقته في نطق هذا الحرف في بداية الكلمة، فبينما ينطقه أهل الشام مفتوحاً "جَمل"، يعمد سكان المغربي العربي إلى تغيير الفتحة بسكون "جْمل". من الحروف الأخرى التي قد يقترن نطقها بلهجات معينة حرف "الكاف" الذي يُنطق في بعض المناطق العربية "شيناً"، مثل الكويت والعراق، وخاصة إذا جاء في موضع "كاف المخاطب"، فتُنطق عبارة "أحبك" "أحبتش"، وينطبق ذلك على جميع العبارات التي تأخذ هذا الشكل.