الراقصون مع ظلالهم!!

تم نشره الأربعاء 11 حزيران / يونيو 2014 12:23 صباحاً
الراقصون مع ظلالهم!!
خيري منصور

ما من حجر يلد الشرارة بمفرده وبدون احتكاك بحجر آخر، إلا في واقعنا العجيب الذي يكون التصفيق فيه بيد واحدة، وكذلك رقصة التانغو التي تتألف من راقص واحد وظله، وكلمة العصامية لم تعد تكفي لتوصيف هذا الكدح في الصخر، وهذه الحراثة في البحر، فبعد أن بلغت القطعنة ذروتها وأصبح الفرد الذي يرى بعينيه ويسمع بأذنيه ويفكر بدماغه أشبه بالعنزة السوداء في القطيع أو كالبعير الأجرب المطرود من القافلة.
لقد هاجر العربي من نسيج القبيلة إلى نسيج الحزب والنقابة والجماعة، ولم يمر بأية مرحلة تتبلور فيها فرديته ويشعر بأن له الحق في أن يعبر عن ذاته كيفما يشاء مع الحفاظ على حريات الآخرين وحدودها.
وجذر المأساة الثقافية في العالم العربي أبعد من التعليم ومن الأمية أنه يتلخص في إنكار حقوق الفرد، الذي يجد نفسه رهينة من المهد إلى اللحد، ولدينا في موروثنا سلسلة جبال من الأمثال التي تعني شيئاً واحداً هو ضع رأسك بين الرؤوس وليأت من يقطع هذه الرؤوس، فكل اختلاف هو مشروع نبذ وإقصاء، لأن الأعراف أقوى وأشد نفوذاً من القوانين، وكل ما نثرثر به من عبارات مستعارة من معجم الحياة المدنية والمعاصرة يتوارى لحظة الاحتكام الحقيقية. وكأنه مجرد قبعات أو اكسسوارات تصلح للعرض فقط.
وما يسمعه الفرد العربي على مدار الساعة من أمثاله وهو من أنت ومن تكون وماذا تتصور نفسك ساهم في تقزيمه ووأد ذاته وحوله إلى صفر بحجم إنسان!
لهذا سادت ثقافة التنميط وتحويل البشر إلى قطع غيار، أي واحد منهم يسد مكان الآخر بلا زيادة أو نقصان. وما كان للحضارات أن تستمر وللفلسفات والثقافات أن تتطور في التاريخ لولا دور الفرد الذي يرقص على إيقاعه الخاص، لهذا فالمقابر تعج بهؤلاء، لكنها مقابر كما وصفها ادجار الن بو تعج أيضاً بالعائدين. وعدد من اعتذرنا إليهم وحاولنا إعادة الاعتبار لما أنجزوه يجزم بأن الماضي سيبقى أشد جذباً من المسقبل، وأن الملايين التي تمشي بمحاذاة الجدران وتحذر من آذانها هي مجرد كتلة ديمغرافية صماء قد تصلح للزحام على الأرصفة أو أمام شارات المرور!
إن عدد المواهب التي وئدت منذ الصبا في العالم العربي ينافس عدد العلماء في قارة لا تطلق النار على الأقمار لأنها تضيء ولا تقطع الشجر كي يتدفأ عليه أو تحوله إلى هراوات!
ويبدو أن المعادلة القائلة أن المجتمع هو حاصل جمع الأفراد بحاجة إلى إعادة نظر!!

(الدستور 2014-06-11)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات