الالتهاب الرئوي القاتل ... ماذا اعدت وزارة الصحة لمواجهته ؟

المدينة نيوز- بدأ الناس في الاونة الاخيرة يلحظون تراجعا كبيرا في الضجيج الذي رافق ظهور إنفلونزا إتش1 إن1 وخصوصا بعد ان تم اداء فريضة الحج لهذا العام ، وهي اكبر مناسبة كونية تشهد حشدا بشريا لا نظير له على وجه الارض ، وبلا اي انتشار يذكر للعدوى بين الحجاج ، مما يؤكد حسب رأي الكثيرين من المراقبين ان تهويلا متعمدا قد حدث ، كان السبب في حالة الفزع والارباك التي عمت مختلف ارجاء العالم ، ولكن في المقابل فإن توقف مد هذا الفيروس في هذه المرحلة لا يعني حسب خبراء الصحة في المؤسسات الدولية ان الأمر قد انتهى ، ففصل الشتاء لم يزل في بداياته ، هذا بالاضافة الى ان هناك بعض الالغاز لا زالت بحاجة الى حل ، كعلاقة فيروس (إتش1 إن1) بالالتهاب الرئوي الحاد الذي يصيب حتى الاشخاص الاصحاء مسببا في كثير من الاحيان وفاتهم بصورة غير مفهومة .
معاناة مع المرض
ام احمد زوجة احد الاشخاص الذين توفوا بالاتهاب الرئوي الحاد قبل ايام قالت :"البداية كانت في مستشفى البشير حيث راجعنا مستشفى البشير وكان زوجي يشكو من اعراض انفلونزا حادة وسارع الاطباء في قسم الطوارىء لاجراء اللازم طبيا وتم تحويله الى قسم الامراض الصدرية على انه يشكو من التهاب رئوي حاد ، وذلك خلال ساعات الصباح الباكر وفي المساء زادت حالته سوءا مما دفع الاطباء الى اخذ عينة لفحص انفلونزا الخنازير ، ثم قرر الاطباء ان المريض بحاجة الى جهاز تنفس اصطناعي ويجب وضعه على جهاز التنفس بسرعة قصوى ، ولم يتوفر في حينه اي جهاز داخل المستشفى الامر الذي ادى الى زيادة اعراض المرض ، وبقي الى وقت طويل على هذا الحال الى ان قمنا بتأمين مبلغ من المال من اجل نقله الى مستشفى خاص .
وهناك طلبوا تقريرا عن حالته المرضية فافاد مستشفى البشير انه تم ارسال عينة لفحص انفلونزا الخنازير الى مستشفى الامير حمزة ، وعلى الفور بدأت الاجراءات الطبية لمعرفة ماهية المرض ، وبعد يومين تم الاستفسار عن نتيجة الفحص المخبري للانفلونزا فتفاجئوا بان العينة التي بعثت الى مستشفى الامير حمزة وصلت فارغة وبالتالي ليس هناك نتيجة لفحص انفلونزا الخنازير ، وبقي المريض لمدة ستة ايام في ذلك المستشفى في غرفة العناية الحثيثة وعلى جهاز التنفس الاصطناعي ، وبعد ذلك تم نقله الى مستشفى البشير وذلك لارتفاع التكاليف المادية في المستشفى الخاص ، وبقي هناك ثلاثة ايام ولم يطرأ اي تحسن على حالته المرضية ، ومن ثم انتقل الى رحمته تعالى ، ليظهر بعد ذلك في تقرير الوفاه ان السبب الرئيسي للوفاة هو التهاب رئوي حاد ادى الى فشل تنفسي وتسمم بالدم وتوقف للقلب ، وكان الاطباء اكدوا في السابق بأن فحص الانفلونزا يتم في المراحل الاولى للمرض ولكن وبعد ضياع العينة الاولى فأنه من الصعب معرفة اذا كان مصابا بانفلونزا الخنازير ام لا.
اما ابو طارق وهو زوج سيدة توفيت بالالتهاب الرئوي ايضا ، فأكد ان بداية اعراض مرض زوجته كان ارتفاعا بدرجة الحرارة وسعالا وضيقا في التنفس مما استدعى ادخالها الى العناية الحثيثة ، وبين ابو طارق بان التشخيص المرضي للحالة كان في اول ثلاثة ايام التهاب بالرئة ، ثم انفلونزا الخنازير ، وقال: بعد مضي ستة ايام دخلت زوجتي في حالة غيبوبة ، ومن ثم انتقلت الى رحمته تعالى ، وتم تحديد سبب الوفاة بأنه التهاب رئوي حاد.
ومن جانبه اكد محمد نبيل وهو مشرف رئيسي في قسم الموافقات الطبية في الشركة الاردنية الفرنسية للتأمين بأن مرض انفلونزا الخنازير غير مشمول بالتأمين الصحي لدى شركات التأمين ، حيث انه يعد مرضا وبائيا وحسب غالبية العقود التي تبرم ما بين الشركات والجهات المؤمنة تنص على استثناء الامراض الوبائية من قائمة الامراض المشمولة بالتأمين الصحي.
خلل في جهاز المناعة
بدوره بين د.عبد الحميد القضاة خبير ومتخصص في علم الجراثيم والفيروسات ، ان مرض انفلونزا الخنازير هو نوع من الانفلونزا الشبيهة الى حد كبير بالانفلونزا الموسمية التي تصيب الانسان ، حيث يبدأ الالتهاب بالانف والحلق مع ظهور ارتفاع في درجات الحرارة مصحوباً بالسعال والعطس وفي حالات معينة حدوث مغص وقيء ، واضاف د.القضاة انه كنتيجة من نتائج الاصابة بانفلونزا الخنازير عند الذين يعانون من خلل في جهاز المناعة "ضعف" فإن جراثيم اخرى تشترك في اصابة الرئتين بالتهاب مواز محدثة تطورات شديدة تؤدي الى التهاب رئوي حاد وفقاً للمعادلة التالية"، ضعف في جهاز المناعة مع الاصابة بفيروس انفلونزا الخنازير ودخول جراثيم اخرى الى الجسم يؤدي الى حدوث التهاب رئوي حاد" ربما يؤدي الى وفاة الشخص المصاب.
استعمل بشكل استثنائي
وحول المطعوم والاجراءات التي اتخذتها الحكومة في مواجهة المرض اوضح د.القضاة قائلاً: اجتهدت وزارة الصحة وموسسة الغذاء والدواء في العمل على استيراد نفس المطعوم الذي صنع واستعمل في دول اوروبا من قبل شركة "نوفارتس" ، وصنع هذا المطعوم كما ذكروا بأحدث الطرق واستعمل بشكل استثنائي قبل اكمال الدراسة عليه بسبب تصنيف منظمة الصحه العالميه انتشار الوباء الى الدرجة السادسة "درجة الخطر" ، واستطرد في مثل هذه الحالات الاستثنائية تجيز المنظمات الدولية بما فيها منظمة الصحة العالمية استعمال مطاعيم او علاجات لم تكتمل دراستها ولم تجرب على البشر من قبل ، لذلك فأن الاثار الجانبية لهذا المطعوم غير معروفة على وجه الدقة وكل ما يقال هو قياس واستنتاج لاحداث حصلت في السابق عند استعمال بعض المطاعيم الاخرى وضد امراض اخرى ، وللعلم فان منظمة الصحة العالمية تقول ان 60 مليون انسان تلقوا المطعوم ولم يمت منهم الا خمسة اشخاص ، وعلى هذا الاساس فان المطعوم وتاثيره مازالا تحت المراقبة الدولية حتى شهر 5 من عام 2010 ، عندها تستطيع منظمة الصحة العالمية تقييم المطعوم ومعرفة الاثارالجانبية المترتبة عليه ، فإما تجيز استخدام هذا المطعوم او ان تلغيه. اما عن رأيه الشخصي في استخدام هذا المطعوم فقال: الافضل عدم الاستعجال في فرض المطعوم بشكل اجباري على المواطنين ، بحيث يبقى اختياريا وحسب رغبة الشخص لمن هم ليسوا من الحالات الخاصة التي يخشى عليها من مضاعفات هذا المرض.
تضخيم وتهويل اخاف الناس
وفيما يتعلق بالاجراءات الحكومية فقد كان هناك ارباك عالمي في التعامل مع هذا الوباء ، بحيث تم العمل على اجراء الكثير من الفحوصات المخبرية وادخال الكثير الى المستشفيات المعنية بلا مبرر كاف ، بعدها انتهى الامر الى ادخال الحالات الخاصة التي تستدعى الوضع تحت الرقابة والمتابعة الصحية ، حيث ثبت ان هذا المرض سريع الانتشار وقليل الفتك ، بالتالي فان الغالبية العظمى من الاصابات تشفى وربما دون علم الجهات الصحية"، اي ان كثيرين يعالجون في بيوتهم مع اخذ قسط وافر من الراحة ، وهذا ما استقرت عليه بروتوكولات التعامل العالمي مع الاصابات في هذه المرحلة ، وبالتالي فإن التزام وزارة الصحة بالبرتوكول الرابع في التعامل مع الاصابات خفف العبء وازال الارباك ووفر على وزارة الصحة الكثير ، لان الذي حصل في السابق كان فيه تضخيم وتهويل اخاف الناس دون قصد".
صحة هذه الاشاعات
وبالاستفسار منه عما اذا كان فيروس انفلونزا الخنازير من ابتكار شركات الادوية اوضح د. القضاة قائلاً: انني لا استطيع ان اجزم بشكل قطعي صحة هذه الاشاعات ، وبان فيروس انفلونزا الخنازير صنع في المختبرات لاغراض غير نبيلة وغير انسانية هدفها الربح المادي ، ولكنني لا استبعد ذلك لان التهويل والتخويف الاعلامي كان اكثر من الحقيقة ، وما ظهر من انتشار قليل للوباء في موسم العمرة والحج لهذا العام دليل على عدم صحة هذا التهويل الذي رافق ظهور المرض.
إنفلونزا إتش1 إن 1
الدكتور هاشم علي الزين ممثل ورئيس بعثة منظمة الصحة العالمية في الاردن قال بأن العالم يشهد فيروسا جديدا يتسبب فى الإصابة بعدوى شديدة قد تصل الى حد الوفاة بين البشر ، وخاصة بين الفئات عالية الإختطار( مثل الحوامل والأعمار فوق ال65 عاما والأطفال دون الخامسة من العمر والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة) وتشير بيانات المراقبة الوبائية إلى أن هذا الوباء (H1N1 9002)قد أصبح الفيروس المهيمن تقريبا في جميع البلدان. فقد فاق عدد الحالات المؤكدة مخبريا ثلاثة أرباع المليون ، والوفيات أكثر من 8 الاف حالة وفاة فى جميع انحاء العالم هذا ونحن ومازلنا فى أول الشتاء.
المرضى والعلاج
وبين الزين ان الأطباء الذين شاركوا فى علاج مرضى أتش1 إن 1 أوضحوا بأن الصورة السريرية في الحالات الشديدة تختلف عن النمط المرضي لأوبئة الإنفلونزا الموسمية ، وقال: أن بعض الناس لديهم بعض المشاكل الصحية بما في ذلك الحمل ، وهؤلاء من المعروف أنهم معرضون لخطر اكثر من غيرهم ، كما ان العديد من الحالات الشديدة قد يحدث لأشخاص أصحاء ايضا .ولهؤلاء المرضى هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالأمراض الحادة ولكنها ليست مفهومة في الوقت الحاضر ، والأبحاث لا تزال جارية في هذا المجال ، وفي الحالات الحادة الشديدة يبدأ التدهور بعد نحو 3 إلى 5 أيام من ظهور الأعراض ، ويكون التدهور سريعا بين كثير من المرضى بصفة عامة ، حيث يؤدى الى فشل الجهاز التنفسي في غضون 24 ساعة ، الأمر الذي يتطلب الإدخال الفوري الى وحدة العناية المركزة. ومعظم المرضى يكونون بحاجة فورية لدعم الجهاز التنفسي والتهوية الميكانيكية. ومع ذلك فإن بعض المرضى لا يستجيبون بشكل جيد لدعم اجهزة التنفس الصناعي التقليدي مما يزيد من تعقيد العلاج ، اما على الصعيد الايجابي فقد اوضحت النتائج بالأدلة على أن العلاج الفوري مع العقاقير المضادة للفيروسات ، وهما أوسيلتاميفير أو زاناميفير ، يقلل من شدة المرض ويحسن من فرص البقاء على قيد الحياة. وتعزز النتائج السابقة توصيات منظمة الصحة العالمية بضرورة تقديم العلاج المبكر مع هذه الأدوية للمرضى المصابين بالفيروس حتى في حالة عدم وجود اختبار إيجابي مؤكد.
التهاب رئوي
وقال الزين انه بالإضافة إلى الإلتهاب الرئوي الناتج عن الإصابة المباشرة بالفيروس فإن الأدلة تبين أن الالتهاب الرئوي الناجم عن العدوى المشتركة مع البكتيريا يمكن أن يسهم أيضا بسرعة وشدة الإلتهاب والمرض. والباكتيريا التى كثيرا ما ذكرت تشمل البكتيريا العقدية الرئوية والمكورات العنقودية الذهبية ، بما في ذلك سلالات مقاومة في بعض الحالات ، وبعض الوفيات جراء الالتهاب الرئوى الحاد قد حدثت بسبب الوصول المتأخر للعلاج ، حيث لايمكن حتى للإجراءات الطبية الأكثر تطورا إنقاذهم من الموت ، أما عن عوامل الخطر بالنسبة للأشخاص الأصحاء واصابتهم بالمرض الحاد فهى غير مفهومة تماما ، فقد أشير إلى أنه ربما تكون السمنة تلعب دورا ولكن ليس هناك أدلة كافية على ذلك ، ولكن لدى منظمة الصحة العالمية أخيرا 3 توصيات فيما يخص العلاج ، التوصية الاولى هي ضرورة ان يتم علاج الأشخاص في المجموعات الأكثر عرضة للخطر في أسرع وقت عندما يكون لديهم اعراض الانفلونزا بالأدوية المضادة للفيروسات ، وهذا يشمل النساء الحوامل والأطفال دون سن سنتين ، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مشاكل في الجهاز التنفسي ، والتوصية الثانية هي علاج الاشخاص الذين ليسوا من المجموعات الأكثر عرضة للخطر ولكن لديهم باستمرار اعراض تتفاقم بسرعة. وتشمل هذه الأعراض صعوبة في التنفس وارتفاع في درجة الحرارة يستمر إلى ما بعد 3 أيام ، اما التوصية الثالثة فهي سرعة معالجة الأشخاص الذين لديهم بالفعل التهاب رئوي وذلك بأن تعطى لهم الأدوية المضادة للفيروسات ، وكذلك المضادات الحيوية ، ذلك انه ثبت انه في كثير من الحالات الشديدة من H1N1 قد صاحبتها عدوى بكتيرية. ومن الثابت ان الأدوية المضادة للفيروسات والمضادات الحيوية اذا استخدمت في الوقت المناسب ، يمكن أن تساعد في إنقاذ الأرواح.
مأمونية لقاح إنفلونزا إتش1 إن1
اما بالنسبة لمأمونية لقاح انفلونزا إتش 1 إن1 فقال الدكتور هاشم الزين ان هذا اللقاح تم صنعه خصيصا للحماية من هذا المرض وهو يمكن أن يوفر وقاية مناعية جيدة ضد المرض ، والآن بعد حوالي سبعة أو ثمانية أسابيع من الخبرة مع توزيع لقاح الوباء (واستخدام ما لا يقل عن 100 مليون جرعة في حوالي 40 بلدا) فإن برامج التطعيم ضد الوباء تسير بلا مشاكل غير عادية فيما يخص سلامة اللقاحات ، كما ان تاريخ لقاحات الإنفلونزا الموسمية يرجع الى ستين عاما ، وخلال هذه الفترة الطويلة كانت سلامة اللقاحات المستعملة سنويا جيدة ولم تحدث منها مضاعفات صحية جسيمة ، وعند إستعمال إى لقاح جديد يكون هناك رصد قوي بشكل خاص وجهود كبيرة للتحرى عن إى مضاعفات او أحداث سلبية من جراء التطعيم ، اما الأحداث السلبية التى حدثت ورصدت بدقة لم تتعدى الآثار المعروفة كبعض الألم وإحمرار في مكان الحقن ، ونحن بحاجة لبناء الثقة في إستخدام لقاح إنفلونزا إتش 1إن 1 ، و نعتقد أن فوائد التطعيم تفوق بكثير المخاطر التي تشكلها ردود الفعل السلبية للمطعوم ، فقد تم كما ذكرت إستخدام اللقاح فى عدد كبير من البلدان وتلقاه الآن ملايين من البشر ، وبناء على هذه التجربة ترى منظمة الصحة أن كل المعطيات المتوفرة تشير الى مأمونية وسلامة اللقاح ، ومن المعروف ان اللقاح قد تعرض لهجوم شديد وانتقادات وتشكيك ، وأغلب هذه التشكيكات أتت من مصادر فردية وفى أغلب الأحيان ليس لها مرجعية علمية قوية ، فإنتاج اللقاح ليس قرارا فرديا لمنظمة الصحة العالمية إنما يأتى إختيار اللقاح عبر منظومة علمية كبيرة ، حيث أنه فى حالة إنتاج لقاح الإنفلونزا الموسمية تجمع حوالى 175000 عينة سريرية من مرضى مصابين بالإنفلونزا فى 99 دولة فى العالم عبر 128 مركزا وطنيا للإنفلونزا ، وترسل هذه العينات الى 5 مختبرات عالمية ( مركز السيطرة على الأمراض بأطلنطا ومركز بلندن بالمملكة المتحدة ومركز بملبورن باستراليا ومركز طوكيو باليابان ومركز ممفيس بالولايات المتحدة وهو مختص بالفيروسات الحيوانية) ، وهذه المعامل تقوم بإختيار أكثر الفيروسات إنتشارا فى نصف الكرة الشمالى والجنوبى ، ومنها يتم إختيار 3 لإنتاج اللقاح الموسمى لشمال الكرة الارضية وجنوبها عن طريق شركات تصنيع اللقاحات المختلفة ، ولقاح جائحة إتش1 إن1 تم إنتاجه بنفس الطريقة وهو يحتوى على فيروس إتش1 إن1 الموهن (عن طريق الحقن) أو الحي (عن طريق البخاخ).واستعماله لا يتم إلا بعد أن تجيزه سلطات تنظيم الدواء المحلية فى كل بلد . ولكي يكون اللقاح مجازا للإستعمال يجب ان تتوفر فيه ثلاث أشياء ، هى السلامة ، والنوعية ، والفعالية. وهذه كلها متوفرة فى اللقاح المطروح حاليا ونحن فى منظمة الصحة العالمية نطلب من المواطنين إستقاء أى معلومات تخص هذا الوباء أو اللقاح من المصادر الموثوقة والمؤيدة علميا ، وليس من إستنتاجات وإجتهادات شخصية لا يسندها علم موثوق فيه. والواقع الحالى حتى الآن يدحض كل الإدعاءات التى شابت إستعمال اللقاح كما دحضت من قبل كل الإدعاءات التى شككت فى حدوث الوباء وأعتبرته حدثا مقصودا لإبعاد النظر عن الأزمة الإقتصادية العالمية أو فرصة لإنعاش سوق الدواء ، والخيار فى النهاية للمواطن في تلقي التطعيم لأن التطعيم ليس إجباريا ، وعلى المواطن أن يوازن بين ماهو متوقع أن يصيبه إذا أخذ اللقاح ، وبين المخاطر التى قد تحدث إن لم يأخذه ، وفي الحقيقة إن نقل المعلومات بأمانة الى المواطنين أمر هام ، حتى يتم التطعيم ضد الجائحة بإقتناع المواطن لإن ذلك من مصلحته. وهنا تحتاج كثير من الجهات الصحية فى العالم الى تكثيف توعية المواطنين بالحقائق فى هذا المجال.
مقاومة العلاج
واوضح الزين ان تقارير منظمة الصحة العالمية أوضحت أن مجموعتين منفصلتين لديها مقاومة لعقار الأوسيلتاميفير تم تحديدها في المستشفيات خلال الفترة الماضية ، واحدة في المملكة المتحدة وأخرى في الولايات المتحدة. وكانت بين مجموعات مرضى ضعيفة المناعة و أكثر عرضة للخطر ، وكانوا يعالجون بالفعل لظروف أخرى وتم إعطاؤهم الدواء لمواجهة جائحة الأنفلونزا. وحتى هذا التاريخ ، فإن معظم التقارير عن مقاومة الدواء تتعلق باستخدامه للوقاية وليس العلاج ، والتحقيقات جارية في كلتا الحالتين ، ومنظمة الصحة العالمية في اتصال مع الأطباءولكن الآثار الصحية العمومية غير واضحة حتى الآن. ولكن لايزال عقار الأوسيلتاميفير هو العلاج الفعال الشامل ، وفي الواقع هناك أدلة متزايدة على فعاليته.
تغيرات على الفيروس
اما عن التغييرات التي تطرأ على الفيروس فقال الدكتور الزين ان النرويج ابلغت عن تحور الفيروس في ثلاثة مرضى كانوا يعانون من مرض شديد (2 حالة وفاة ، وحالة مرضية شديدة 1) وقد تم من قبل تبليغ عن طفرات مماثلة قد حدثت منذ نيسان ـ ابريل الماضى في البرازيل ، والصين ، واليابان ، والمكسيك ، وأوكرانيا ، و الولايات المتحدة (وفرنسا اعتبارا من 27 تشرين الثاني) ، وطفرات الفيروس قد حدثت بين حالات مرضية معتدلة وحالات أخرى شديدة.وإذا تم التبليغ عن كل طفرة يكون ذلك مثل الإبلاغ عن تغييرات طفيفة في الطقس من ساعة الى ساعة أخرى بدلا من التبليغ عن التوقعات العامة ليوم أو أسبوع ، ولفهم مغزى التحولات ينظر العلماء للتغييرات في أنماط الأمراض السريرية المرتبطة بتحور الفيروسات ومقارنتها بالفيروسات قبل حدوث الطفرة ، ويتوقع مع مرور الوقت بحدوث تغيرات تطرأ على الفيروس تتلاءم مع نمط آخر من فيروسات الأنفلونزا. وحتى الآن فان أهمية التغييرات التي تطرأ على الفيروس على الصحة العامة غير واضحة ، ولكن تتواصل المراقبة عن كثب ، والفيروس مع هذه الطفرة ما زال حساسا تجاه العلاج ، واللقاحات الحالية ضد الوباء تضفي حماية. وهذه الطفرات والتى تحدث بين حين وآخر ، حتى الآن لم يحدث انتشار واسع لها.
الوضع فى الاردن
وتحدث الدكتور الزين عن وضع الوباء في الاردن ، فقال انه منذ بدء الوباء وتشخيص أول حالة مثبتة فى أوائل شهر حزيران تعاملت وزارة الصحة بكل جدية وأهتمام وشفافية عالية مع الوضع ، فعملت على إحتواء الوباء فى بداياته ثم تلى ذلك إستراتيجية تخفيض الإصابات ، وبعد أن تم توفير اللقاح للفئات الأكثر عرضة بدأت الوزارة مرحلة الوقاية بتطعيم تلك الفئات. وقد كان أداء الوزارة والعاملين فيها مميزا خلال كل هذه الفترة فى مجال التقصى والتشخيص المختبرى والعناية السريرية للمرضى ، وقد كان لتعاون جميع الأطراف المعنية خاصة وزارة التربية والتعليم دور كبير فى تخفيض الإصابات ، وقد تعامل كل المعنيين بكل جدية ومسؤولية مع هذا الأمر. والآن اللقاح متوفر لتطعيم الحوامل لأنهن أكثر عرضة للإصابة بالمرض ، فحسب التقارير العالمية فى الدول التى سبقتنا فى تجربة الوباء فإن معدل إدخال الحوامل للمستشفيات للمعالجة من المرض تراوح بين 7 الى %10 من للحوامل فى وسط وآخر شهور الحمل ، وأحتمال إدخالهن للعناية المكثفة يمثل عشرة أضعاف المصابين الآخرين ، ولهذه المعطيات بدأت حملة التطعيم بالنساء الحوامل ،
أما معدل الإصابات فى الأردن فهو لا يختلف كثيرا عن الدول التى أصابها الفيروس فى إقليمنا ، وكل مرحلة من الإنتشار تتطلب تغيرا فى الاستراتيجية لتلائم الوضع ومتطلباته ، خاصة وأن هذا الفيروس جديد ولا يمكن التكهن بما سيحدث مستقبلا منه.
وزير الصحة
من جانبه حسم وزير الصحة الدكتور نايف الفايز «في الحكومة المستقيلة» الجدل الحاصل حول الاصابات او الوفيات بمرض انفلونزا الخنازير ، وخاصة مع حدوث امراض مزمنة اخرى يصاب بها الانسان قائلاً: بان الوزارة حريصة كل الحرص على صحة المواطنين اينما كان موقعهم ، حيث تقوم الوزارة من خلال المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في كافة انحاء المملكة والتابعة لها بتقديم كافة الخدمات الطبية لكافة المرضى ودون تمييز بين احداً منهم ولكافة الامراض.
خط دفاع
ونوه د. الفايز الى ان المراكز الصحية الاولية تعتبر هي خط الدفاع الاول لصحة المواطنين كون اي شخص يشعر بأي اعراض مرضية يتوجه الى اقرب مركز صحي في منطقته السكنية ، وبناءاً على تسخيص الطبيب المختص في الحالة يتم الكشف على المريض وتقديم الخدمات الطبية له واعطائه العلاج المناسب لحالته ، واذ تبين ان المريض يعاني من اعراض اخرى كأن يشتبه باصابته بمرض انفلونزا الخنازير يتم تحويله الى المستشفيات المعنية. ولفت د. الفايز النظر الى ان جميع مستشفيات وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية تعالج المصابين بمرض انفلونزا الخنازير مجاناً ، فيما المريض الذي يرغب بتلقي العلاج في المستشفيات الخاصة يتم معالجته على نفقته الخاصة.
عدد الاصابات
وصرح د. الفايز بان مجموع الاصابات التراكمي بمرض انفلونزا الخنازير بلغ منذ تسجيل اول اصابة في الاردن في منتصف شهر حزيران من العام الحالي ولغاية يوم ( 20 - 12 - 2009 )"2984"حالة ، فيما بلغ عدد الوفيات 14 حالة وفاة حتى التاريخ المذكور ، مبيناً ان كثيرا من الوفيات كانت تعاني من امراض اخرى كالسل ، والالتهاب الرئوي الحاد ، وامراض القلب وتصلب الشرائيين ، كما سجلت وفيات بين نساء حوامل نتيجة لضعف في جهاز المناعة.
حملة تطعيم
وختم د . الفايز حديثه بالقول: منذ وصول المطعوم الى المملكة اطلقت وزارة الصحة حملة لتطعيم المواطنين في منتصف شهر تشرين ثاني ، استهدفت فئات كالاطفال والسيدات الحوامل في الثلث الاخير من الحمل والاشخاص المصابين بالامراض المزمنة كالفشل الكلوي ، ومرضى السرطان ، والربو القصبي والتلاسيمياء ، منوهاً الى ان التطعيم اختياري وليس اجباري لهذا الفئات ويعطى بشكل مجاني في المستشفيات والمراكز التي حددتها وزارة الصحة.
الدستور