نم قليلا .. ليتحسن مزاجك وتتجنب امراض القلب

المدينة نيوز - عادة ما نردد عبارة ''نم قليلا'' ،كنصيحة للآخرين حين يبدو التعب ظاهرا على قسمات وجوههم ..
وهذه العبارة لم تعد تعبر عن حالة من الكسل؛ بل صارت وفقا لأحدث الدراسات العلمية ضرورة هامة، تجعل الفرد أكثر تركيزا وعطاء خلال اليوم، وتنعكس على انتاجيته في عمله.
هذا ما أشار إليه باحثون متخصصون في النوم بوكالة ناسا الأمريكية الذين انتهوا إلى أن 26 دقيقة من النوم خلال النهار ترفع من مستوى جودة العمل بنسبة 34 %، كما أنها تحسن من مزاج الشخص، وتجعله أكثر انتباها. وأثبتت الأبحاث أن القيلولة تخفض من نسبة حدوث سكتة قلبية بأكثر من الثلث، وتساعد في تدفق الدم إلى الدماغ بشكل صحيح.
وقالت ابحاث إن غفوة القيلولة في غاية الأهمية بالنسبة للطفل للحفاظ على صحته،وأوضحت أن الطفل في الشهر الأول لا يعرف نوم القيلولة؛ حيث ينام نحو 20 ساعة باليوم، غير أنه ومع الشهر الثاني وحتى عمر ستة أشهر يجب أن ينام مرتين على الأقل بالنهار.وأشارت إلى أن الطفل من 6- 12 شهرا ينام 14 ساعة يوميا، وهي نسبة تقل من عمر سنة إلى ثلاث سنين حيث يبلغ معدل النوم من 10-12 ساعة فقط في اليوم، غير أنه وبعد تجاوز ثلاث سنوات يتوقف عن نوم النهار ليقتصر نومه فقط بالليل.
جدير بالذكر أن دراسة طبية سابقة أشارت إلى أن الأشخاص الذين ينامون فترة قصيرة خلال فترة النهار أقل تعرضا للموت بسبب أمراض القلب. وجاء في نتائج الدراسة التي أجريت على نحو 23 ألف يوناني، وتعتبر أكبر وأفضل اختبار لهذه المسألة حتى الآن، أن احتمالات الإصابة بأمراض القلب أقل بنسبة 30 في المائة لدى الأشخاص الذين ينامون مدة قصيرة خلال فترة منتصف اليوم.
وجاء في دراسة نشرت في مجلة ''العلوم النفسية'' من أن القيلولة لمدة 10 - 40 دقيقة (وليس أكثر) تكسب الجسم راحة كافية، وتخفف من مستوى هرمونات التوتر المرتفعة في الدم نتيجة النشاط البدني والذهني الذي بذله الإنسان في بداية اليوم.
ويرى العلماء أن النوم لفترة قصيرة في النهار يريح ذهن الإنسان وعضلاته، ويعيد شحن قدراته على التفكير والتركيز، ويزيد إنتاجيته وحماسه للعمل.
وأكد الباحثون أن القيلولة في النهار لمدة لا تتجاوز 40 دقيقة لا تؤثر على فترة النوم في الليل، أما إذا امتدت لأكثر من ذلك، فقد تسبب الأرق وصعوبة النوم.
وتقول الدراسة التي تمت تحت إشراف الباحث الأسباني د. إيسكالانتي: ''إن القيلولة تعزز الذاكرة والتركيز، وتفسح المجال أمام دورات جديدة من النشاط الدماغي في نمط أكثر ارتياحا''. كما شدد الباحثون على عدم الإطالة في القيلولة، لأن الراحة المفرطة قد تؤثر على نمط النوم العادي. وأشار الدكتور إيسكالانتي إلى أن الدول الغربية بدأت تدرج القيلولة في أنظمتها اليومية، وأوصى بقيلولة تتراوح بين 10 - 40 دقيقة'' المسلمون عرفوا القيلولة قبل الأبحاث
ورغم كثرة الأبحاث العلمية التي تناولت القيلولة، ومع أهمية هذه الأبحاث، فإن القيلولة سنة نبوية ،فقد كان من السنة أن يقيل المسلمون إذا كان الجو حارا، ويؤخرون صلاة الظهر، فيصلون جماعة، وليس فرادى، إلا يوم الجمعة، فإنهم كانوا يبكرون بالصلاة، ثم يقيلون بعدها.
وفي حديث أخرجه ابن ماجه بسنده عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ''ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة''، وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: ''كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة''.
وكان الصحابة يحرصون على وقت القيلولة حرصا شديدا، حتى إن أحدهم إن لم يستطع القيلولة بالبيت، قال في المسجد، وهذا ما يظهر من حكاية خصام علي مع فاطمة، والحديث أخرجه البخاري عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال :أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل (ينام القيلولة) عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو. فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد..
وإن كان للقيلولة فوائد صحية، أشارت إليها الأبحاث، فإن للقيلولة فوائد إيمانية، أهمها:اراحة الجسم حتى يستطيع القيام بالعبادة، فكلما كان الجسد في راحة، بعيدا عن الإجهاد والتعب، كان أداء الإنسان لعبادته أفضل، وفرق بين من يتجهز للصلاة والطاعة، وبين من يفعلها إسقاطا لأداء الواجب ،ومعلوم أن من يقرأ القرآن وهو مجهد، تغيب عنه بعض معانيه، ولذا فإن إراحة الجسد بالقيلولة فيه دعوة لإتقان العبادة.
كما ان القيلولة تساعد على الاستعداد لقيام الليل، و على المحافظة على صيام النافلة، فقد أخرج البزار كما في اللآلئ من حديث قتادة سمعت أنسا يقول: ثلاث من أطاقهن أطاق الصوم: من أكل قبل أن يشرب، وتسحر، وقال، يعني نام بالنهار وقت القيلولة.
وقطعا فأن الاتفاق على فوائد القيلولة ،يستدعي سؤالا : كيف نستعيدها وقد تاهت منا في زحام العمل وضنك الحياة ؟