الاحتلال اليهودي الناعم لديار العرب

تم نشره الأربعاء 24 أيلول / سبتمبر 2014 01:47 صباحاً
الاحتلال اليهودي الناعم لديار العرب
د. أحمد الشوابكة

اليهود أصحاب قضية ومشروع، بغض النظر عن العدالة من عدمها، إلاّ أنهم اجتمعوا عليها والتفوا حولها، رغم تباين ما بينهم وتعدد اختلافاتهم وألوانهم وأجناسهم ومساقط رؤوسهم. وقضيّتهم الرئيسية تنحصر بضمان بقاء كيانهم وأمن شعبهم وتفوقهم في كل شيء على مَن حولهم. وفي سبيل ذلك خاضوا حروباً ثلاثة وحقّقوا بموجبها من المنجزات ما يدخل في باب المعجزات، حيث امتلكوا خلالها كامل فلسطين وأجزاء محاذية لها من ديار العرب.
ونظراً للتكلفة الباهظة لهذه الحروب وخسائرها الكبيرة في الأرواح والأموال والسلاح مما لا يستطيع الكيان تحمّله، فقد عمدوا وبالتعاون مع جهات محليّة وإقليمية وعالميّة للتوصل إلى أسلوب آخر للتوسّع والتمدّد وبسط مزيد من الهيمنة والسيطرة والنفوذ دون الحاجة إلى خوض معارك وحروب ومزيد من الاموال والأرواح وهو ما عرف بالاحتلال الناعم، باسلوب عقد الاتفاقيات غير المتكافئة المعلنة والمكتومة مع سائر أطراف المنظومة العربية دون استثناء، وهي ما يتم عادة بين طرفين غير متكافئين في القوة والقدرة والكفاءَة وهي ما يعرف أحياناً بمعاهدات الإذعان الذي يملي فيه الطرف القوي ما يشاء على الطرف الضعيف ويكون جل موادها لصالحه وهي للضّعيف في غير مصلحته.
استطاعت اسرائيل بموجب هذه المعاهدات غير المتكافئة نزع الدسم من غالبية الأنظمة المحيطة بها، وما عادت تخشى منهم طرفاً، فهل تخشى لبنان بعد أن تحوّل السلاح الذي كنّا نظنّه يهدّدها وإذ به يهدد الجيران، أم تخشى سوريا بعد أن خرجت من دائرة الزمان والمكان، أم تخشى مِصر بعد أن أصبحت مرتعاً لكل مأفون وسكران وانكفأت على جراحها وأحزانها لا تلوي على شيء، فاقدة للّون والطعم والرائحة، أم من العراق بعد أن أصبحت أسيرة لرموز الشقاق والنّفاق، ولا تسل بعدها عن سائر العربان بعد أن أصبحت عواصمهم وقلوبهم مشرعة لكل من هبّ ودبّ من قيادة الكيان وموصدة ومحرّمة أمام بعضهم البعض عقوداً من الزمان، وقد عبّر عن هذه الحالة الشائهة والمشينة رئيس وزراء العدو في تصريح له بأن أغلب رؤساء الدول والحكومات من حولهم يتصلون بهم سراً يعربون فيه عن صداقتهم ومودتهم ولا يملكون حتى تاريخه الافصاح علنا عن هذه المشاعر الدافئة.
وليس بعيداً أن نراهم وقد جُلبوا إلى مؤتمر قمّة يجمعهم دون ان يتخلّف منهم أحد حتى من كان مقعداً أو على سرير الموت فقط لاتخاذ قرار يقضي بمراجعة كل مفرداتهم وبياناتهم وقوانينهم ودساتيرهم لتنزع منها كلمة (العدو الاسرائيلي) ويستبدل بها كلمة (الارهاب) الذي هو الاسلام.
وعبّر الوزير الصهيوني ليبرمان المسؤول عن ملف العلاقات الاسرائيلية مع كافة الكيانات العربية التي لم تنشئ علاقات دبلوماسية معلناً عن أمله في أن تنتهي فترة العلاقات السرية التي تتم في لقاءات حميمة غير معلنة أن تتحول إلى معلنة ورسمية ولا داعي لابقائها سرية كل هذا الوقت وهي في هذه الحالة تمثّل حالة من النّفاق الدبلوماسي الذي لا داعي لها أمام تهافت الأنظمة العربيّة على تمتين علاقاتها مع الكيان اليهودي الذي ربما يصبح الغطاء القوي الوحيد لهذه الأنظمة بما يملكه من قدرة على تسريب المعلومات الاستخبارية التي تساعد هذه الدول على التعرّف على منافذ الخطر ضدها ولاسيما في فترة تاريخية فارقة ازدادت فيها عزلة هذه الأنظمة عن شعوبها وأصبحت تغرّد على لحن يهودي في حين تغرد شعوبها لحن الخلاص من عهود القهر والخيانة والاستبداد اعتماداً على ذاتها ومخزونها الاستراتيجي من ثقتها بربها ودينها.

(السبيل 2014-09-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات