على أي أساس نبني علاقتنا بزملائنا في العمل

تم نشره الثلاثاء 02nd شباط / فبراير 2010 03:06 مساءً
على أي أساس نبني علاقتنا بزملائنا في العمل
وكالات

المدينة نيوز - إنسَ صورة المؤسسة التي يُنظر إليها كمصنع يجبر جميع العاملين فيه على إخفاء ما يشعرون به تجاه بعضهم بعضاً. ففي يومنا هذا، بتنا نلاحظ أكثر فأكثر حصول لقاءات ونموّ روابط متينة من صداقة وحب أو حتى كراهية في ما بين الموظفين. لكن المشكلة في ذلك تتمثل في معرفة كيفية التوفيق بين هذه المشاعر المختلفة والحياة المهنية. ولذلك، ينبغي معرفة كيفية أخذ مسافة من الزملاء في العمل مع الحفاظ على علاقة جيدة بهم.

جميعنا بحاجة إلى إقامة نوع من العلاقة مع زملائنا في العمل. ويرى المعالجون النفسيون أن الأمر يتعلق بالاستجابة إلى حاجة ثلاثية الأبعاد لدى الفرد الذي يعمل في المؤسسة. ثمة أولاً الرغبة في الشعور بالانتماء إلى المجموعة والشعور بالتمتع بالكفاءة، والشعور بنيل التقدير على الأداء والعمل المقدّم، وثمة الرغبة في الشعور بتقبّل الآخرين وحبّهم لنا.

هذه هي الأمور التي تدفعنا إلى إقامة العلاقات مع زملائنا في العمل. من الصعب التصرف بخلاف ذلك. فالمؤسسة عالم مصغر وهي جزء من المجتمع. كذلك، يمكننا أن ننمّي في موقع عملنا الصداقات كما العداوات. حتى أن بعض الأشخاص يلتقي بشريك حياته في مكان عمله. وثمة أيضاً أشخاص يمضون 10 سنوات من حياتهم في شركة معينة، ثم ينتقلون إلى شركة أخرى لكنهم يحافظون على علاقاتهم الجيدة مع زملائهم القدامى. المؤسسة عبارة عن مكان نستطيع أن نلتقي فيه بأشخاص نتشارك معهم نقاط اهتمام مشتركة. هذا بصرف النظر عن التقارب الذي يحصل نتيجة التقارب اليومي بين الناس في مكان عملهم. نعرف جميعاً في لاوعينا أن علينا وضع مشاعرنا الشخصية جانباً في مكان عملنا، لكن نواجه غالباً صعوبة في تطبيق ذلك على أرض الواقع.

أصدقاؤنا وأعداؤنا

من الطبيعي جداً إقامة علاقة دائماً مع شخص يشاركنا حياتنا اليومية. غير أن تقارباً كبيراً جداً مع هذا الشخص قد يضعف شعورنا بالراحة في مكان عملنا. كذلك علينا أن نعرف ما هي الخطوط التي لا ينبغي تخطيها والمسافة الجيدة التي ينبغي وضعها لتفادي تأثير مشاعرنا على علاقاتنا المهنية. إذا أُغرم مثلاً موظفان، يفضَّل أن يعيشا قصة حبهما بطريقة سرية قدر الإمكان (عدم إظهارها في مكان العمل) وتفادي أن يراهما زملاؤهما سوياً، مع الحرص في الوقت عينه على عدم الغوص في عزلة تامة. أما في حال بدأت العلاقة بصداقة بريئة، وهذا ما يحصل في معظم الأحيان، فتتمثل النصيحة الفضلى في عدم المزج بين الحياة الخاصة والحياة المهنية، وهو أمر قد يبدو سهلاً قولاً لكنه صعب فعلاً بالنظر إلى قوة تأثير المشاعر علينا. فجميعنا نميل إلى التقرب كثيراً من شخص يعمل معنا في المكتب نفسه والإفصاح له عن مكنونات قلبنا وحتى عن أسرارنا الشخصية. وهنا يكمن الخطر. كيف يمكن التوصّل إلى التوازن الصحيح، والحفاظ عليه؟ وكيف يمكن إقامة علاقات عادلة مع الجميع من دون أن تكون هذه العلاقات سطحية جداً، أو أن تكون عميقة جداً؟ المهم هو العمل على الذات لتفادي أي سلوك مبالغ فيه. ينصح الاختصاصيون الموظفين بعدم الامتناع عن إقامة أي نوع من العلاقات الاجتماعية، وإحاطة أنفسهم بجدار، وينصحونهم أيضاً بعدم فتح قلوبهم كثيراً لزملائهم والبحث عن الصداقة مهما كان الثمن. فهذا النوع من العلاقات يمكن أن يؤثر سلباً وإلى حد كبير على علاقات العمل البحتة بين الزملاء، ويجعل الاعترافات الشخصية تنقلب على من قام بها.

ويلفت الاختصاصيون أيضاً إلى ظهور بعض النزاعات في مكان العمل وتأثيرها على الجو العام وعلى العلاقات الشخصية كما المهنية بين الموظفين. فغالباً ما يحصل سباق بغية الحصول على ترقية ما مثلاً، كذلك قد لا يُظهر بعض الموظفين المنطوي على نفسه أي تضامن مع زملائه الآخرين. وبذلك يمكن القول إنه في مكان العمل ثمة أسباب متعددة للضغط النفسي. هذا فضلاً عن أن لكل زميل شخصيته وأطباعه التي تختلف عن أطباع زملائه الآخرين: ثمة من هم قلقون، ومن يعانون من جنون الارتياب ومن يحبون أن يقدموا دائماً أداءً مثالياً لا غبار عليه، ومن هم عدائيون، وآخرون منغلقون جداً على أنفسهم أو على الآخر أو منفتحون جداً على الآخرين... وبذلك علينا أن نبذل جهداً كبيراً جداً للتوفيق بين هذه العناصر كلها والبقاء على مسافة واحدة من الجميع. يفضّل حصر العلاقات قدر الإمكان بهذا النوع من الناس والاكتفاء بالتبادل البسيط معهم. كذلك من الضروري التعرف إلى كيفية اتخاذ الخيارات الجيدة وتفادي الأطباع التي يمكن وصفها «بالخطيرة».

بالإضافة إلى ذلك كله، تظهر مشكلة أخرى: كيف يمكن التصرف مع رب عمل مستبد جداً أو في مواجهة أي نوع من التحرّش؟

اعتماد التوازن السليم

يشير الاختصاصيون في هذا المجال إلى ضرورة التصرف بكياسة مع رب العمل، أو مع المسؤول الذي يفوقنا في التراتبية. ينبغي إظهار الاحترام له مع التمكّن في الوقت عينه من وضع الحدود وخصوصاً في ما يتعلق بالمسائل الخاصة والشخصية. إذا حاول رب العمل التطرّق إلى مسائل شخصية جداً مثلاً نستطيع بكل بساطة الاكتفاء بالإفصاح عن أقل قدر ممكن من المعلومات، أو التحايل حول الموضوع وإعادة الحديث إلى المسائل المهنية، أو حتى الاعتراف بكل بساطة بأننا نفضّل عدم التحدث عن تفاصيل حياتنا الخاصة. كذلك، لا بد من الابتعاد قدر الإمكان عن الأشخاص الذين قد يكونون «مزعجين جداً» في مكان العمل فينغّصون علينا حياتنا بتحرّشهم المبالغ فيه بنا. نادراً ما نصادف حالات تحرش حقيقية بكل ما للكلمة من معنى، لكن ذلك خطير جداً على صحة الضحية النفسية. ينبغي على هذه الأخيرة محاولة الخروج من هذا الموقف، وضع مسافة بينها وبين الشخص المعني، أو محاولة الانتقال إلى قسم آخر في الشركة. جلّ ما يهم في هذه الحالة عدم الانعزال والابتعاد عن الموظفين الآخرين بل على العكس محاولة التمتع بدعمهم.

خلاصة القول: لا يمكننا أن نملي قواعد معينة في ما يتعلق بما إذا كان ينبغي وضع مسافة بيننا وبين زملائنا في العمل. وهنا يظهر السؤال، لمَ الرغبة في وضع مسافة من الجميع مهما كان الثمن؟ ينبغي التفكير ملياً قبل الدخول في علاقة صداقة أو حب مع أشخاص يعملون مثلنا في المؤسسة عينها، وذلك بالنظر إلى العواقب السلبية كما الإيجابية التي قد تنشأ عن ذلك كله. المؤسسة، أو مكان العمل، ليس عائلة بكل ما للكلمة من معنى، قد نجد الأصدقاء لكن علينا تفادي أي ارتباك أو سوء تفاهم. كذلك من السيئ جداً حصر نطاق صداقاتنا بمكان العمل، وفي هذا الإطار ينبغي التمكّن من إقامة التوازن الصحيح والتمتع بالصداقات في المؤسسة وخارجها. في الوقت عينه علينا أن نبقي في ذهننا أن التخلي كلياً عن أي نوع من الصداقات في مكان العمل ليس بالأمر المنطقي أبداً.

في الختام يمكن القول إن الاعتدال ومعرفة كيفية التوصل إلى حل وسط يسمحان لنا ببساطة بتحقيق التوازن الصحيح بين حياتنا الخاصة وحياتنا المهنية.

يكفي أن نتمتع بنوع من حسن التمييز لنعرف إلى من نولي ثقتنا وعمّن نحجبها.

- هل علينا توخّي الحذر من زملائنا في العمل؟

حتى وإن كان مكان العمل فسحة للتبادل الاجتماعي حيث يمكننا التعرف إلى أصدقاء رائعين، إلا أنه في الوقت عينه مكان تسيطر عليه المنافسة على السلطة، بالتالي ثمة أشخاص ينبغي التزام الحذر أثناء التعامل معهم. لا يمكننا دائماً أن نولي كامل ثقتنا إلى أصدقائنا في العمل: سيحاول البعض منهم أن يؤذي البعض الآخر ليتمكن من بلوغ منصب أرقى وتولي مسؤوليات أكبر أو بكل بساطة لإبراز نفسه. وأحياناً قد يحاول الأشخاص النرجسيون لفت الانتباه إليهم والتباهي بأنفسهم وكأنهم أكثر قيمة من الآخرين، وذلك بجميع الأساليب المتاحة أمامهم. كذلك، هم ينسبون إلى أنفسهم العمل الذي قام به زميل لهم، أو العمل الذي قامت به المجموعة التي هم ضمنها. يفضّل الابتعاد عن هذا النوع من الأشخاص وعدم الدخول معهم في علاقة صداقة حقيقية، فهم في نهاية المطاف سيسعون إلى استغلال أي وضع بما يتماشى مع مصلحتم الخاصة. لكن لحسن الحظ أن هذا لا ينطبق على السواد الأعظم من الموظفين. من هنا لا داعي إلى المبالغة في تضخيم الأمور.

- أين هو مكمن الخطر في التقرّب كثيراً من زميل في العمل؟

قد تسبّب علاقة صداقة تشكلت في مكان العمل بعض المشاكل أحياناً في حال، مثلاً، كانت علاقة صداقة تربط بين موظفين يعملان في المكتب نفسه وقد حصل أحدهما على ترقية وأصبح المسؤول التراتبي عن الآخر. هذا وضع قد يكون من الصعب التحكم به. فإذا استأنا في الأحوال العادية من صديق، يمكننا أن نتجنب لقاءه أو رؤيته إلى أن تتم تسوية المشكلة. لكن الوضع يزداد تعقيداً إذا كان هذا الصديق زميلاً لنا يعمل في المكان نفسه. عندئذٍ، يتطلب الأمر بذل جهد أكبر لحل المشكلة التي تتداخل فيها عواطف مختلفة. غير أن الحل الأسلم يتمثل في فصل كل ما يتصل بالصداقة عن المسائل المهنية، والتصرف بطريقة تسمح للطرفين بالاستمرار في التعاون، أقله على المستوى المهني. من هنا لا بد من التفكير مطولاً قبل إقامة صداقة وثيقة مع زميل في العمل. ينبغي أن يكون هذا الشخص أهلاً للثقة، وأن نشعر معه بالراحة ونستمتع برفقته.

- ما هي المسافة التي ينبغي أن نضعها بيننا وبين زملائنا في العمل؟

يعتمد الجواب على شخصية كل واحد وطبيعته: ليست إقامة علاقة صداقة مع زميل في العمل أمراً سلبياً إلى حد كبير من جميع النواحي. كذلك، من المستحيل تفادي إقامة أي نوع من العلاقات مع الزملاء في العمل، هذا فضلاً عن أنه من المستحيل تماماً عدم إقامة علاقة مع زميل تجمعنا به قواسم مشتركة كثيرة ويشبهنا إلى حد بعيد، فهذه هي الصداقة: القدرة على التعرف إلى أناس، الارتباط بهم عاطفياً، والمشاركة معهم في نشاطات خارج نطاق العمل. لكن في الوقت عينه ينصح الاختصاصيون الناس بعدم الكشف بالكامل عن أسرارهم لأصدقائهم في العمل أو منح هؤلاء الثقة المطلقة. ويعزى ذلك إلى أن أي نوع من الثقة قد يُستغل لأغراض لا تكون إيجابية دائماً، مثل انتشار الشائعات والمعلومات الخاطئة التي ستتناقلها كل شفة ولسان في مكان العمل من دون علم الشخص المعني. من هنا لا بد من التزام الحذر في ما يتعلق بالأشخاص الذين نختار مصادقتهم: ففي العمل كما في المجتمع، ثمة أشخاص سيئون يستمعون إلينا ليطعنوا بنا في الظهر. عموماً، يمكن التعرف بسهولة إلى هذا النوع من الأشخاص: يكفي الاستماع إلى ما يقولونه عن الآخرين. غالباً ما يكون في الشائعات والأقاويل نوع من الصحة، ولا دخان من دون نار. كذلك، لا ينبغي الاندفاع إلى حد كبير في أي نوع من الصداقة بل الإصغاء إلى صوت عقلنا الباطني، القيام بما نرغب فيه، وعدم السماح لأنفسنا بأن نتأثر أو ننخدع بأشخاص يحاولون سحب المعلومات منا لنشرها على نطاق واسع. فهذا النوع من الموظفين أشبه بالطاعون، ينبغي تفاديه مهما كلف الأمر. فضلا عن ذلك، لا بد من الحذر من الأشخاص النرجسيين، وأولئك الذين يحبّون معرفة كل شيء عنا من دون الإفصاح عن أي معلومات مرتبطة بهم. يكفي التمتع بنوع من حسن التمييز وحسن الإصغاء والملاحظة الجيدة لنعرف إلى من نولي ثقتنا.

وكالات


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات