مؤتمر "اللاجئون السوريون" يواصل أعماله في البحر الميت

المدينة نيوز:- رأى مشاركون في مؤتمر "اللاجئون السوريون: سؤال الاعلام والمجتمع"، الذي ينظمه معهد الإعلام الأردني في البحر الميت، أن قضية اللجوء السوري الى الأردن تتطلب وضع استراتيجية للتعامل هذه الملف بأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وقال هؤلاء، وهم شخصيات اكاديمية وسياسية وإعلامية من الأردن ولبنان وتركيا، وممثلون عن منظمات دولية معنية بشؤون الإغاثة واللاجئين، ووسائل إعلام عربية ودولية، ان ازمة اللجوء السوري تركت اثارا اقتصادية واجتماعية عميقة ما يفرض على الجهات القائمة على الازمة مواجهة التحديات التي يفرضها اللجوء خصوصا في المجتمعات الاكثر تأثرا والتي استقبلت اعدادا كبيرة منهم.
وبحث المشاركون عبر جلسات المؤتمر اثر ازمة اللاجئين السوريين على المجتمع الاردني والمراحل التاريخية للجوء السوري وتأثيرات الاجتماعية للاجئين السورين واثاره التنموية على المملكة، وانعكاساته على خطط الدولة المستقبلية.
وقال الدكتور أحمد عبدالسلام المجالي من جامعة البلقاء التطبيقية في ورقة عمل له ان اللجوء السوري ادى الى ظهور اثار كثيرة تتسم بالسلبية الخالصة وتركت اثارا اقتصادية ضاغطة على التعليم والطاقة و الصحة والخدمات الامنية والدفاع المدني.
واكد ضرورة ان يعمل المجتمع الدولي على مساعدة الاردن لتحمل اعباء اللجوء الذي ترك اثارا سلبية على العديد من القطاعات خصوصا قطاع العمل ومزاحمة الاردنيين فيه.
واشار الى اهمية ان تبدأ وزارة العمل بتنظيم امور العمالة السورية داخل سوق العمل ومنحهم تصاريح عمل رسمية في القطاع المصرحة.
واستعرض الدكتور حسين محافظة المراحل التارخية اللجوء السوري الى الاردن، مشيرا الى ان المرحلة الاولى بدأت ابان الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي حيث كان اول لجوء بعد معركة ميسلون وعلى الرغم من ان الدولة لم تكن موجودة وقتها لكن هذه اللجوء امتد على الجغرافية الاردنية .
أما الحقبة المرحلة الثانية فكانت حقبة الانقلابات منذ نهاية عام 1948 ، في حين جاءت المرحلة الثالثة في اعقاب الربيع العربي والتي لاتزال اثارها ماثلة ومؤثرة في الأردن.
وقال المحافظه انه وحتى الان لم يتم تقديم استراتيجية حل عربي للازمة السورية، محذرا من ان ترك القضية للمجتع الدولي مما سيعمق المشكلة.
واضاف انه " لابد من وضع استراتيجية للتعامل مع ظاهرة اللجوء السوري والتعامل مع الازمة السورية بشكل عام".
وتطرق الدكتور ظاهر القرشي من جامعة عمان العربية الى الاثار التنموية للجوء السوري وتاثيراته على البنى التحتية ورفع نسب البطالة .
وقال ان تدفق اللاجئين السوريين الى مدن وقرى وارياف وبادية المملكة ادى الى رتفاع مفاجئ في الاسعار في جميع المنتجات الاساسية واصبح اللاجئ السوري ينافس المواطن الاردني على لقة عيشه.
وبين ان اللاجئء السوري يشتري جميع المنتجات المدعومة من الحكومة، وغير المدعومة بالسعر نفسه الذي يشتريه الواطن الاردني ما رتب زيادة في حجم المديونية العامة.
بينما أشارت الدكتور زينب النابلسي الى التأثيرات الاجتماعية للاجئين السوريين على المجتمعات المحلية، ولفتت الى أن هذا اللجوء ساهم في زيادة العنف في المجتمع، مبينة ان عدد القضايا التي ارتبكها للجوء السورين في عام 2011 كانت 981 وفي عام 2012 كانت 1836 بينما وصلت في عام 2013 الى 2900 حالة عنف.
وتناولت الجلسة الثانية الجوانب القانونية للاجئين السوريين وحقوقهم، وجهود الهيئة الخيرية الهاشمية في إغاثة اللاجئين السوريين واستعراض لدراسة نوعية حول مفهوم الحرمان الوظيفي.
وقال الدكتور صخر الخصاونة من معهد الإعلام الأردني ان اكبر المشكلات التي تبرز عند الحديث عن العمالة السورية، هو عدم وجود إحصائيات حقيقية وأرقام تبرز نسبتهم المئوية من العاملين، حيث ان كل الدراسات تتحدث عن أرقام تقريبية تقدر بـ 38 الفا الى 50 الف عامل.
واعتبر تشغيل العامل الأجنبي دون تصريح يجعل العقد صحيحا واعتبار المخالف هو صاحب العمل، كما ان العامل الاجنبي بمجرد حصوله على العمل أصبح يستحق الحقوق العمالية وهي الاجر وساعات العمل والاجازات وعدم الاستغلال.
مدير مركز الدراسات التشريعية صدام ابو عزام تناول التحديات القانونية التي يواجهها اللاجئون السوريون، والتي تصنفها تقارير الامم المتحدة الى حقوق تتساوى مع المواطن الاصيل "الحقوق الاصيلة" وحقوق تتساوى مع حقوق الاجنبي، وهذا يفرض وجود تشريعات لحماية هذه الحقوق.
وقال ان التقارير التي تصدر من الأردن حول حقوق الإنسان أو التي توجه إلى الجانب الدولي لا تتطرق الى قضية اللجوء في الأردن إلا بشكل قليل جدا لا يتجاوز 4 الى 5 سطور وهذا يتناقض مع المطالب والمناشدات الحكومية.
و أشار ابو عزام الى ان التشريعات الاردنية لا تتحدث عن اللاجئين، وغياب قانون ناظم للتعامل مع موجات اللجوء التي تأتي الى الاردن، وعدم وجود مراكز قانونية توضح من هو اللاجئ وما هي المهام تجاهه، إضافة إلى أن التغطية الاعلامية تواجه اختلالات كبيرة على مدار سنتين ماضيتين حيث تعاني أزمة مصطلحات وخلط بين الأجنبي واللاجئ والانتهاكات ضد الاطفال.
ممثل الهيئة الخيرية الهاشمية في المؤتمر محمد ناصر الكيلاني تحدث عن الجهود التي بذلتها الهيئة مع اللاجئين السوريين منذ بداية الازمة والتي بدأت بموجات لجوء بسيطة.
وبحسب الكيلاني واجهت الهيئة عددا من التحديات أولها البنية التحتية وكذلك وسائل الاعلام التي تركزت على السلبيات وكذلك الشغب الذي يؤثر بشكل كبير على موظفي الهيئات الدولية وبالتالي عمل الهيئة.
وقدمت الدكتورة وسام دراوشة من الجامعة الاردنية دراسة نوعية حول مفهوم الحرمان الوظيفي لدى اللاجئين السوريين، لم تتوصل الى نتائجها بعد.
وقدمت في المؤتمر دراسة مشتركة في الصحة النفسية للاجئين السوريين، لكل من الدكتور عدي خصاونة، والدكتور خالد خير الله، والدكتور زياد بطاينة، والدكتور هاشم جدوع، من قسم الصحة العامة، في كلية الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. وكان عنوانها "تقييم استرشادي لليافعين واليافعات"، درست الفئة العمرية من 13- 17 عاما.
ولفت الباحثون إلى حقيقة أن الصحة النفسية في الأردن وفي الوطن العربي، لا تلقى بشكل عام، حتى في الأوضاع الطبيعية، الاهتمام الذي تلقاه الصحة الجسدية، وأن هذا انطبق على التعاطي مع اللاجئين السوريين الذين انصب الاهتمام على تأمين حاجاتهم المادية من غذاء ومأوى، من دون أن يترافق ذلك مع اهتمام مواز بصحتهم النفسية، التي تأثرت بشكل كبير بتجربة اللجوء.
وشدد الباحثون على أن هذا، إن كان مفهوما في مراحل اللجوء الأولى، فإنه يجب أن يتغير بعدها، ليوجه اهتمام مناسب إلى انعكاسات اللجوء على الصحة النفسية، بالتحديد لدى الفئات الهشة.
وهدفت الدراسة إلى تقييم مستوى "متلازمة توتر ما بعد الصدمة"، لدى فئة اليافعين، وتحديد العوامل المرتبطة، وكان من بين العوامل المسببة للاكتئاب، وفاة أحد أعضاء الأسرة، أو إصابته.
وقدمت الدكتورة سيناريا عبد الجبار من الجامعة الأردنية دراسة، بعنوان "أثر النزاع في سوريا على الأطفال في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن"، وهي دراسة أجريت للتحقق من أثر النزاع المسلح في سوريا على أطفال اللاجئين السوريين.
ووفق الباحثة فإن الأطفال في الحروب يعانون عواقب منها القتل، والسجن والتجويع والإهانة والكوابيس والاكتئاب والصدمة النسية والشعور بعدم الأمان ونوبا الذعر، وهي تبعات للحرب على الأطفال توصلت إليها أبحاث درست أثر الحرب على أطفال العراق، ودارفور في السودان،، وكرواتيا بعد استقلالها العام 1991.
وتحدث منسق برنامج الأغذية العالمي جوناثان كامبل عن العوائق التي تواجه البرنامج، وهو أحد أكبر الوكالات الإنسانية في العالم، التي بدأت عملها في الأردن العام 1964، وانخفضت نشاطاتها فيه العام 2007، ولكنها عادت إلى توسيع نشاطاتها فيه منتصف العام 2011، مع بداية الأزمة السورية، بطلب من الحكومة الأردنية.
وأشار كامبل إلى تعليق برنامج المساعدات الغذائية لللاجئين السوريين في الأردن ولبنان، بسبب شح التمويل، وقال إن البرنامج يحتاج 35 مليون دولار أسبوعيا لخدمة اللاجئين السوريين في الأردن والدول المحيطة المستضيفة، منها 20 مليون دينار لمساعدة اللاجئين في الأردن، وهذا عبء كبير.
وقدمت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان، الدكتورة سوسن المجالي عرضا لمجموعة من البيانات المتعلقة باللجوء السوري إلى الأردن، مشيرة الى ان الأردن يعاني التوزيع السكاني غير المتوازن ، حيث تتركز نسبته 63 بالمائة من السكان في منطقة إقليم الوسط التي لا تتجاوز مساحته 2ر16 بالمائة من مساحة الأردن، وتتركز 23 بالمائة من السكان في أقليم الشمال، الذي يشكل 6ر32 بالمائة من مساحة المملكة، في حين أن 9 بالمائة من السكان يتركزون في إقليم الجنوب، الذي يشكل 2ر51 بالمائة من مساحة الأردن.
وبينت توزيع الجاليات غير الأردنية، حيث يبلغ عدد السوريين، ويشمل ذلك اللاجئين مليونا و400 ألف سوري، ويبلغ عدد المصريين 550 ألف مصري، والعراقيين 200 ألف عراقي، والفلسطينيين 220 ألف فلسطيني، في حين أن هناك 50 ألف عربي من الجنسيات الأخرى. وبهذا يبلغ عدد العرب المقيمين في الأردن مليونين و400 ألف، مقابل 100 ألف أجنبي .
وذكرت المجالي الانعكاس السلبي للجوء السوري على سوق العمل الأردني، إذ ان هناك 150 ألف سوري في سوق العمل، ينافسون الاردنيين في العديد من المهن، وهي أيضا أقل كلفة.
وأوصت المجالي، بالانتقال من المساعدات الإنسانية إلى المساعدات الإنمائية التي تمكن المجتمعات المحلية، وتأهيل السوريين بمهارات مهنية تعدّهم للعودة إلى بلادهم وإعماره، وربط تقديم الخدمة للاجئين بتسجيلهم، وتركيز ترشيد نشاطات استهلاك الطاقة والمياه، إضافة إلى تضافر الجهود الدولية التي تساعد الأردن على مواصلة تقديم الخدمة للاجئين السوريين.
وقدمت الناطق الإعلامي باسم بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الأردن هلا الشملاوي ، عرضا للخدمات التي قدمها البعثة للاجئين السوريين في الأردن، وقالت إن البعثة عززت منذ العام 2011 نشاطاتها في الأردن، وهي تساعد اللاجئين داخل المخيمات وخارجها مشيرة الى ان البعثة ساهمت في تأهيل البنية التحتية للمياه في الشمال، وهي أكثر المناطق تضررا من اللجوء السوري، وهو مشروع سيخدم إضافة إلى اللاجئين نحو 60 بالمائة من المجتمع الأردني.
وتحدثت المتطوعة في منظمة الهلال الأحمر الأردني، ليلى طوقان، عن جهود المنظمة في التخفيف من أثر أزمة اللجوء، مشيرة إلى ان المستشفى الميداني في مخيم الأزرق، يقدم العديد من الخدمات الطبية بالتعاون مع منظمات دولية وعربية اضافة الى عيادات الدعم النفسي للاجئين، ودورات تعليم الإسعافات الأولية التي تقدم للاجئين داخل المخيمات.
وقالت إن كل خدمة تقدم للاجئين السوريين، يستفيد منها من 20-30 بالمائة من أبناء المجتمع المحلي.
يتبع...يتبع --(بترا)