متلازمة الاحتراق النفسي والضغوطات لا تستثني احدا

المدينة نيوز:- يجمع اخصائيون نفسيون على أن كثرة الاعمال وضغوطاتها وتداخلها تؤدي الى الاحتراق النفسي, وهي حالة تصيب الجميع, لكن الوقاية تكمن في القدرة على السيطرة بمستوى احتراق نفسي أقل، لكنهم يعتبرون ان هذه الحالة تدرب الفرد على المواجهة والتعلم.
رئيس قسم علم النفس الفسيولوجي في الجامعة الأردنية الدكتور محمد بني يونس يقول، ان الاحتراق النفسي هو متلازمة يعبر عنها "بالموت النفسي البطيء، وهو مرض يشمل زمرة من الأعراض المعرفية والوجدانية والسلوكية، ويرتبط بالأحداث والمواقف الضاغطة الناجمة عن بيئة العمل", مشيرا الى ان أي شخص لديه احتراق نفسي ولكن الفرق يكمن في الكم وليس في النوع، وبدرجات متفاوتة.
واكد ان بعض الأشخاص ممن يعملون في بيئات عمل متنوعة ويتحملون مسؤوليات ومهام قد تكون اكبر من طاقتهم وإمكاناتهم الجسمية والنفسية ؛ يكونون عرضة لاستنزاف واستهلاك الطاقة المخزونة لديهم، موضحا ان وضع الشخص المناسب في المكان المناسب يسهم في تلافي ضغوطات العمل, وكلما كان الرضا عن العمل اكثر كلما كان هناك رضا نفسي اكبر وهذا يؤدي الى حالة احتراق نفسي اقل.
وأشار الى ان بعض الطلبة ممن يلتحقون بتخصصات لا تنسجم مع توقعاتهم يكونون عرضة للقلق والإحباط والتوتر، وبالتالي ظهور حالة الاحتراق النفسي، لافتا الى دور تكيف الشخص مع هذا الواقع لتقليل الضغط والظروف التي تزيد من الاحتراق النفسي.
تشير إحدى الدراسات الاجتماعية ان الاحتراق النفسي والضغط النفسي يعبر كلاهما عن حالة من الإجهاد أو الإنهاك النفسي والبدني؛ فقد يكون الضغط داخليًا أو خارجيًا، طويلاً أو قصيرًا، وإذا طال هذا الضغط فإنه يستنزف الفرد ويؤدي إلى انهيار في أداء وظائفه، أما الاحتراق النفسي فهو عرض طويل المدى يرتبط حدوثه بالضغوط النفسية، وعوامل أخرى؛ وبذلك فإن الضغط النفسي يكون سببًا في الاحتراق النفسي إذا استمر.
"مصعب" 25 عاما احد العاطلين عن العمل يقول مستهترا بالظروف التي جعلته عاطلا عن العمل "لا شيء في هذه الحياة يجعلك مسرورا.. ضغوط الحياة والحاجة الى تكوين نفسك وانت لا تجد العمل يجعلك محبطا بصورة دائمة".
احدى الدراسات تبين ان فقدان الشخص للدافعية, او حتى في حالة الانسجام الشديد في العمل وعدم تحقيق النتائج المتوقعة "هي ابرز اسباب الاحتراق النفسي", حيث يتنوع مفهوم هذا المصطلح وفقا للمجال الذي يقاس عليه, سواء في التعليم او التمريض أو... أو..., حتى العاملين في مجال الصحة النفسية معرضون للاحتراف النفسي لكثرة القضايا التي تمر عليهم ما ينعكس سلبا على حياتهم.
المحامي مالك يشير الى انه كان يرغب بدراسة الحاسوب لكن معدله في الثانوية العامة لم يمكنه من الالتحاق بهذا التخصص, فالتحق بتخصص القانون، مشيرا الى ان العمل بهذا التخصص يعكس عليه حالة من الضغط لكثرة القضايا التي يعمل بها والتي باتت تثقل نفسيته وتشغل معظم وقته.
وأشار الى ان الكثير من الاصدقاء الذين يلتقيهم يكون محور الحديث معهم عن القضايا التي يرغبون باستشارته عنها.. هذا يشكل حالة سيئة له, متوقعا انه لو درس الحاسوب لكان ذلك مجالا افضل يفجر بداخله الابداع ويعطي الحياة نوعا من الإصرار والمثابرة.
تقول عضو التدريس في قسم علم الاجتماع بجامعة اليرموك الدكتورة ناديا حياصات "اننا كأخصائيين اجتماعيين نسمع قصص الأشخاص ومشاكلهم التي يعانون منها، وقد نتأثر كأشخاص بما نسمع ما ينعكس سلبا على حياتنا الخاصة، وقد يصل بنا الحال الى افتقاد الحلول لأنفسنا, من كثرة ما نسمع عن حالات الكبت.
واكدت ان الانغماس في العمل احيانا، وإتقانه بصورة جيدة يجعلك تشعر بإرهاق وإجهاد بدني ونفسي كبير, ما يزيد من الاعباء على الشخص، فالعمل لساعات طويلة يشكل تصادما بين الواقع وما هو مفروض عليك كشخص.
وتشير الى ان انغماس الطلبة في الدراسة والعمل التطوعي قد يؤدي بهم الى الأرق, وكذلك الاخصائي عندما ينغمس مع الآخرين ويعيش حالتهم, يتأثر بالمشكلة وتنعكس على حياته.
بطل العالم في رفع الاثقال من ذوي الاحتياجات الخاصة معتز الجنيدي يشير ان هناك الكثير من التحديات والصعوبات التي تفرض نفسها في حياتنا, وتشكل عادة مصادر القوة في داخلنا, "وهناك الكثير من الضغوطات التي تزداد في حياتي كشخص والتي جعلتني استمر بالعطاء ومواصلة تحدي الظروف المحيطة بي وتجاهل جميع ما يحبطني ما امكن".
وأشار الى ان نظرة المجتمع لذوي الإعاقة بأنهم عاجزون وغير قادرين على تحقيق طموحاتهم كان تشكل عاملا ضاغطا، وتسبب لي بعض الاحتراق، ولكن الاصرار على تجاهل المثبطات ومواصلة العطاء, خاصة انني امارس رياضة تحتاج الى جهد بدني كبير يمنحني القدرة على مواصلة انجازاتي رغم الاعاقة".
رأي الطب النفسي يوضحه الدكتور رشيد الزاغة بقوله "ان تعبير الاحتراق النفسي غير مستخدم في الطب النفسي, وهو مصطلح غامض يمكن ان يكون ناتجا عن كآبة او قلق وتوتر نفسي بفعل عوامل وظروف متعددة، ويمكن تعريفه بأنه عامل خطورة يمكن ان يؤدي الى مرض نفسي معين, وغالبا الاشخاص الذين يعانون من هذه الحالة هم الأقدر على علاج أنفسهم".
وأوضح "يمكن رصد هذه الحالة وتشخيصها ومحاولة تشجيع الانسان على التفكير الايجابي على المستوى النفسي والاجتماعي للتغلب على هذه الحالة", مشيرا الى ان فقدان الحماسة في الاعمال التي يتوجب على الشخص فعلها هي اول اعراض هذه الحالة ويمكن تجاوز هذه الحالة المرضية والتغلب عليها بمساعدة طبيب نفسي ماهر.
(بترا)