غطاء شرعي على الإرهاب الحكومي في ظل نظام الملالي الحاكم في إيران

المدينة نيوز - أكمل برلمان النظام الإيراني الخميس 9كانون الأول/ديسمبر، صياغة مشروع الدعم لمن يسميهم بــ«الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر» وعلى ما يبدو أن المشروع قد دخل حيز التنفيذ. وقبل أن نتطرق إلى هذا المشروع وبعض بنوده وأهداف النظام الإيراني من صياغته فمن الضروري أن نؤكد على أن «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الذي جعله الملالي الخبثاء والمتشدقين بالدين مرادفا لقمع واحتقار المواطنين لاسيما بحق النساء والفتيات من خلال عملية رش الأسيد والطعن بالسكين ، هو يعتبر قيمة مشرّفة سامية تدعو إلى رعاية حقوق الشعب من قبل الحكومة بمعنى أن الشعب يستحق أن يوجه انتقاداته إن يواجه الانحراف والفساد لدى الحكومة وأصحاب القرار. وهذا الحق يعتبر نضالا سياسيا بحاجة إلى حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الأحزاب ومن ثم وفي حال لم يفيد النضال السياسي فائدة فمن الضروري أن يشهر الشعب السلاح. وحتى في الكثير من الكتب الفقهية التي يعتبرها هؤلاء الملالي المتشدقين بالدين، بمثابة كتب موثوقة بها، تم تبويب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في أبواب الجهاد. وبتعبير آخر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعد حقا للشعب تجاه الحكومة ولا معنى لعكس ذلك لأن الحكومة تمتلك كافة الأدوات لفرض إرادتها منها القوانين والمؤسسات القضائية والتنفيذية مما يجعلها تغني عن هذا المشروع.
أما الخميني والملالي العائدين إلى عصور الظلام خانوا حرمة الكلمات ونزعوا القداسة عن المفاهيم. وفي الوقت الذي استباحوا فيه ما يقوم به النظام الإيراني من ابتزاز لأموال تبلغ مليارات ولاينبسوا ببنت شفة عن النهب هذا، لكنهم يحتقرون ويقمعون المواطنين البسطاء بذرائع واهية ويجعلونهم عرضة لمشروع «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
وفي يوم 8تشرين الأول/أكتوبر العام الجاري، صوت برلمان النظام الإيراني على عموميات المشروع الداعي الى «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الذي يقع في 24 فقرة. وفي فترة تتراوح بين 8تشرين الأول/أكتوبر و9 كانون الأول/ديسمبر، حاول برلمان النظام الإيراني بضم فقرات وملحوظات مختلفة لهذا المشروع البغيض، أن يملئ فراغاته.
وجاء في المادة الأولى للمشروع :« أي فعل أو تركه وقول أو تركه يقع تحت خطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان العرف الشرعي قد أكد عليه»
وتعتبر عبارة «الشرع والعرف الشرعي» أبعد من القوانين الفاشية للنظام الإيراني وهي فتح الباب أمام قوات ميليشات الباسيج والعملاء القمعية لاعتقال وتحقير أي شخص وإجراء ممارسات الأذى بحقه بذرائع واهية حيثما يشاؤون.
وتحديدا تتطرق المادة السابعة لهذا المشروع إلى مسألة المقاومة وتأديب عملاء ميليشيات الباسيج القمعية، وهي تقول:« لا يمكن تخفيف أو تعليق عقوبة الذين يبادرون إلى ارتكاب الجرائم بحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر» بمعنى أن من يبادر إلى المقاومة أمام ما يقوم به هؤلاء العملاء من اعتداء وإزعاج، هو سيصبح محكوما لا يمكن تخفيف عقوبته بينما يجب تنفيذها في أسرع وقت ممكن.
أما المادة العاشرة لهذا المشروع تؤكد أن:« أي شخص أو كائن حقوقي لا يحق أن يعرقل أمام تنفيذ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بمعنى أنه إذا واجه أحد تحرشا على إمرأة أو فتاة فلا يحق له أن يقف في وجه الجريمة وحتى لايمكنه أن يــُـــنبه الرجل المعتدي. وإذا لم يأذن أحد بعميل لميليشيات الباسيج أن يدخل بيته أو محله التجاري بذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا يعتبر المقاومة أمام الأمر بالمعروف وهذا الفرد يستحق العقوبة خاصة أن المادة الثالثة لهذا المشروع أكدت قائلة:« إن أماكن تقع أمام المرأى العام دون أن تحتاج إلى التجسس فهي لا تعتبر حرما شخصيا.» بمعنى أن المحال التجارية والسيارات وشرفات المنازل وكل أمكنة مرئية في داخل المنازل منها الأروقة أو سقوف الشقق و... تعتبر «ملكا مشاعا» وليس الحرم الشخصي للناس.
وبهذه الطريقة، أصبح المشروع لا يحترم حتى على الورق أي حرم شخصي للأفراد بينما تعتبر وثيقة تظهر الجوهر الاستبدادي لنظام ولاية الفقيه الذي بيــّــض وجه الفاشية الهتلرية.
لكنه لماذا نشر النظام الإيراني أمام الملأ هذه الوثيقة الفضيحة التي تجعله عرضة للإدانات بينما كان النظام في السابق يتعامل مع المواطنين بنفس الطريقة دون أن يحتاج إلى هذه الوثيقة؟ والجواب يكمن في خوف النظام من مقاومة الشعب المتزايدة وفي الأجواء المتفجرة للمجتمع مما أحوجه إلى عملية رش الحامض والطعن بالسكين وتنفيذ أحكام الإعدام يوميا والتي بلغت 1100 حالة منذ مجيء الملا روحاني إلى السلطة.
وفي الوقت الذي يحاول فيه النظام الإيراني وحكومة الملا روحاني أن يقدما وجها مرجوا للنظام إلى الغرب، فإن دخول هذا المشروع اللاإنساني حيز التنفيذ، ناجم عن حاجة ماسة للنظام الإيراني إلى خلق أجواء الرعب وتنفيذ إجراءات تفتيشية وقمعية في الحرم الشخصي للناس لاسيما يصعد النظام هذه الإجراءات القمعية في حين يقف الشباب بشكل متزايد في وجه قوات الحرس القمعية وميليشيات الباسيج ويقومون بتأديبهم.
أما الهدف الآخر لهذه الخطة فهو دعم وإسناد ميليشيات الباسيج التي تتخوف من تنفيذ ممارسات الأذى بحق المواطنين والشباب بحسب مصادر النظام الإيراني ذاته فلذلك إن المشروع تم تسميته بــ«الدعم للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر». وفي السياق نفسه أن الهدف الرئيسي لهذا المشروع يتمحور في تهديد وقمع المواطنين عبر ترسيخ عمليات التفتيش والتجسس للحرم الشخصي لهم والغطاء الشرعي للإرهاب الحكومي.
لكن الحقيقة هي أن إجراءات يتخذها النظام الإيراني من هذا القبيل، لا تجدي له كما وإن التصويت على هذا القانون والدعاية من أجله خلال الأشهر الماضية لم يخففا وقوف المواطنين والشباب أمام عملاء الباسيج وبلطجيي النظام الإيراني وإنما تم الارتقاء بالمقاومة هذه في ظل شعار:« يجب قتل مرتكبي جريمة رش الأسيد إما باستخدام السلاح أو بالقبضة!»