ماغي فرح تحمل كُرَة اللَّهب!

تم نشره السبت 07 آذار / مارس 2015 09:53 صباحاً
ماغي فرح تحمل كُرَة اللَّهب!
ماغي فرح

المدينه نيوز -"كرة اللهب تتوسع" هو العنوان العريض أو التوقع، الذي اختارته الإعلامية اللبنانية ماغي فرح لتوقعات الأبراج خاصتها لعام 2015. وفي كتابها الذي صدر هذا العام، سيكون مصير القارئ، وغير القارئ، معلّقا بتلك النوعية من استشراف المستقبل، والتي تعرف بالتنبؤ أو التوقع.

وهي قصة الأبراج التي يفترض العاملون فيها أنها تنطوي على سرد مشفّر لمستقبل الكائن، الإنسان. وعلى الرغم من أن لا دليل ماديا على دقة مثل تلك "التنبؤات"، إلا أنها لا تزال تؤثر في طائفة واسعة من الناس الرازحين تحت ضغط الخوف من المجهول، خصوصا في فترات الحروب والضائقة الاقتصادية والأزمات النفسية، بصفة عامة.

..وللعرب باعٌ في الكهانة والعرافة

وقد عرف العرب أنواعا مختلفة من الكهانة والعرافة قبل الاسلام، كما نقلها المؤرخ الشهير جواد علي، وأجمل تأثرهم بصنوف التنجيم والعرافة بقوله إن العرب في الجاهلية كانوا "ما بين متكهّن وحدّاس ومتنجّم"، في درّته "المفصّل في تاريخ العرب قبل الاسلام"، وذكر منها "الفراسة" و"العيافة" و"الطيرة". كما نقل اعتمادهم على حركات الطير وعموم الحيوان لاستلهام توقع ما، نحسا كان أو فألا حسناً. وكذلك ذكر تشاؤم العرب من طيور الليل كالخفاش والبوم وغراب الليل.

وذكر علي، في فصل مطول، اعتماد العرب على الكهان والعرافين، قبل الاسلام، لتحديد مواعيد الحروب ومواعيد النسل والزرع.. ما يعني أثرها الكبير عليهم وقتذاك. ومن أشهر كاهنات قريش المعروفة بسوداء بنت كلاب، التي رفض حفار القبور أن يدفنها حية، في حادثة طريفة نقلها المؤرخ الكبير.

مستقبلك بالدقيقة والساعة..

أمّا عرّافات العصر الحديث، فهم يربطون التوقع بحركة الأبراج السماوية، عبر تقسيم مجاميع الأبراج الى أبراج نارية ينتمي إليها الحمل والأسد والقوس، وأبراج ترابية ينتمي اليها الثور والعذراء والجدي، وأبراج مائية ينتمي اليها السرطان والعقرب والحوت، وأبراج هوائية ينتمي اليها الجوزاء والميزان والدلو.

أما الفارق الرئيس ما بين عرافات العصر الحديث والعرافات القديمات، كعرافات بابل، فهو في أن العرافة الحديثة تحدد مواقيت دقيقة باليوم والأسبوع والشهر والسنة، بينما القديمة يكون توقعها عاما ومختصرا. وهذا الأمر يوقع العرافة الحديثة بالمبالغة المفرطة وصولا الى عدم التصديق والوثوق، خصوصا إذا ما أخذ بعين الاعتبار فوارق التوقيت ما بين قارة وأخرى، بحيث يكون اليوم في هذه القارة سابقا لليوم نفسه بقارة أخرى.

فمثلا تقول ماغي فرح في كتابها السالف، لمواليد برج الحمل: "حاذر السفر البعيد والمغامرات بين الخميس 1 والسبت 3 إذا أمكن الأمر"، وتضيف للمولود نفسه: "راهنْ على صداقات جيدة بين الجمعة 2 والسبت 3". فما هي معيارية احتساب الزمن باليوم، إذا كان فارق التوقيت ما بين القارات يأتي يوما كاملا؟ ونرى ذلك في احتفالات رأس السنة، حيث تأتي هذه الرأس سابقة لغيرها في بعض البلدان بساعات طويلة.

نقطة حاسمة في حركة الأبراج التي يعتمد عليها "العرّافون والعرافات"، هي مسألة الحركة نفسها. فمن المعروف أن حركة الكواكب والتي هي من صميم علم الفلك، تعتمد على حسابات دقيقة ومعقدة لا يزال يتنافس عليها علماء الفيزياء من خلال الكشف المتواصل عن أجهزة رصد بالغة التعقيد وأقمار اصطناعية تقوم بالتصوير الرقمي المعقّد وبعيد المدى. فلا يمكن، والحالة هذه، الركون الى مسألة التنقل الاعتباطي للأبراج والكواكب، من خلال نظرة معممة يقفز فيها الزهرة على مكان للمشتري، بدون أن تتخلخل أسس علم الفلك من أولها الى آخرها.

فرويد وشكسبير عدوَّان للفلسفة؟!

وحكاية التقسيم المدرسي للطبائع والبشر الى ترابيين وهوائيين وناريين ومائيين، يصطدم في حقيقة التنوع الذي فطر عليه بنو البشر، فمن من الناس يمكن تنميطه في خانة واحدة والقياس على تنميطه لاستلهام طبائع محددة وصفات ثابتة؟. فمثلا، تقول ماغي فرح عن حاملي الأبراج الترابية إنهم يعطون "أهمية بالغة لكل ما هو حسي ملموس وواقعي، فمواليد التراب هم قبل أي شيء آخر واقعيون"، ولذلك تضيف فرح أن أبناء هذه الطبيعة الترابية "لا تهمهم مطلقا النظريات الفلسفية". وكذلك فإن مولود التراب "لا يضيع وقته في الأشياء المجردة وفي علم الفلك"، وهكذا فهو "عملي، شهواني، واقعي، منظم، شره إزاء المال والاستقرار".

وبغض النظر عن نزعة التصنيف التي تهيمن على مثل تلك المقولات، فإن التصنيف ذاته يصطدم بتنوع التركيب البشري الفطري الذي لا يمكن بحال من الأحوال إخضاعه لتعريف نهائي يحدد الصفات ويشمل الملامح، فكيف إذا رأينا أن شكسبير العظيم، وفرويد الاستثنائي، وليوناردو دافنشي، من المشمولين بمواصفات الأبراج الترابية، على ما تنقل الويكيبيديا، كونهم من مواليد برج الثور الترابي. فهل شكسبير لا يحب النظريات الفلسفية؟ أم أن فرويد ناشط سياسي وليس عالما نفسيا واجتماعيا؟ كذلك هل من الممكن أن يكون دافنشي مجرد شره الى جمع المال؟!

الفارق ما بين العرافة القديمة والجديدة، أن الأخيرة تركز أكثر في قصة التفاصيل والتوقع الحَرْفي. وهذا الأمر أوقع "عرافات" العصر الجديد بالإفراط والتضخم الذي وصل حد تحديد موعد باليوم والأسبوع، في الوقت الذي عرفت فيه فلسفة المنطق، أن الزمن الحاضر نفسه مستحيل الادراك لأنه ينتقل الى الماضي فورا، عند إدراكه! فلا يمكن القبض عليه أو تحديده. فكيف يمكن إذن، تحديد موعد في زمن أو وقت، هو عصي على الإدراك في الأصل؟ سؤال برسم علم المنطق وعلم الأبراج في وقت واحد معاً.. كي لا تتوسع كرة اللهب، وتحرق معها أصابع الفلاسفة وعقول العلماء وكتب العرّافين! وكالات 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات