معادلة الرواتب والأسعار تضع نصف الأردنيين تحت خط الفقر

المدينة نيوز - "ايجار المنزل والمواصلات وفواتير الكهرباء والمياه، جميعها مصاريف عملت على ابتلاع راتبي بالكامل"، بهذه الكلمات أبدى أمجد فضل وهو رب لاسرة مكونة من ثلاثة أفراد امتعاضه الشديد من الظروف المعيشية التي تحتم عليه صرف راتبه دون قدرته على توفير أي مبلغ.
وبين فضل وهو موظف في إحدى الشركات ويتقاضى راتب 370 دينار، أن راتبه يصرف في أول ثلاثة أيام من الشهر، مفصلاً ذلك بدفعه ايجار المنزل 180 دينارا في إحدى الاحياء الشعبية، ومواصلاته الى ذهاباً وإياباً 35 دينارا، و30 دينارا بدل فواتير كهرباء ومياه، وما تبقى من راتبه 125 دينارا يخصصها لاحتياجات المنزل وأطفاله الاثنين.
وقال الثلاثيني وفي عينيه بصيص أمل في إيجاد فرصة عمل ثانية، " أتمنى إيجاد عمل إضافي حتى لو كان عامل فحم في أحد المقاهي، لعلي اختلط مع الطبقة الغنية ويجدون لي عملاً اخر لكي أدخر لدراستي أبنائي في الجامعات مستقبلاًمعا".
وكشف أحدث مسح العمالة والبطالة السنوي لدائرة الإحصاءات العامة، أن 51% من العاملين في الأردن يتقاضون رواتب بين 300 و499 دينار خلال العام الماضي و60% منهم من عمر 25 وحتى 39 عاماً.
وفي ذات السياق يقول مروان التميمي (27 عاماً) والذي يعمل كبائع في أحد محال الالبسة من الساعة العاشرة صباحاً وحتى منتصف الليل، "انا اتقاضى راتب 300 دينار ولا يشملني الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وراتبي لا يغطي الالتزامات الحياتية المفروضة على أي مواطن، خصوصاً في ظل الارتفاع المستمر لاسعار المشتقات النفطية والتي يصحبها ارتفاع في أسعار المواد الغذائية".
وكشفت بيانات المسح أن 10.5% من العاملين في المملكة، يتقاضون رواتب تزيد على 500 دينار، و18% منهم يفوق أعمارهم الـ40 عاماً، في حين أن 7% من من العاملين في المملكة يتقاضون رواتب تقل عن 200 دينار، و15% منهم من عمر الـ15 وحتى 24 عاماً، وهو ما يشكل خرقاً للحد الأدنى للأجور المعتمد في الأردن والبالغ 190 ديناراً.
وزاد التيتي وهو أب لطلفلين انه يتمنى الحصول على فرصة عمل في الخارج لكي يواكب الغلاء الواقع على المجتمع، متسائلاً عن مدى قدرة جيل الشباب المقبل على الزواج في توفير مصاريف دخول القفص الذهبي في ظل الغلاء المعيشي التي تشهده المملكة، وفي المقابل تآكل مداخيل المواطنين وتراجع القدرة الشرائية.
في سياق متصل، كشفت البيانات أن 38% من العاطلين عن العمل يقضون فترة تزيد على عام في البحث عن فرصة وظيفية، من بينهم 17 % يقضون أكثر من عامين.
من جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري، ان تراكمات سياسات الحكومات السابقة وارتفاع كلفة المعيشة وعدم متابعة الزيادة في الدخول جعلت من نصف الاردنيين تحت خط الفقر، ما يعمل على ارتفاع معدل التضخم، الامر الذي يستوجب تدخلا سريعا من الحكومة بتغيير سياستها في الضريبة بما يتواءم مع مداخيل المواطنين.
وبين الحموري ان الطبقة الوسطى في المجتمع أصبحت تهبط تدريجياً ليتم شمولها مع الطبقة الفقيرة ما ينذر بحالة خطر جراء تراجع القدرات الشرائية لدى المواطنين، ما يعمل على زيادة نسبة الفقر في المجتمع، الامر الذي يؤدي الى زيادة معدلات البطالة خصوصاً بين فئة الشباب.
وأشار الحموري، أن نسبة الرواتب والأجور والعلاوات تشكل تشوها كبيرا في الموازنة، الأمر الذي يتطلب من الحكومة العمل على وجود حلول لتغطية هذه النسبة من خلال تعظيم إيراداتها بشكل يستهدف الطبقات الغنية.
وفي مفارقة أخرى للأنظمة والتشريعات المعمول بها يقضي 6% من العاملين في الأردن أكثر من 60 ساعة في الأسبوع في العمل.
وباحتساب 6 أيام عمل في الأسبوع، فإن هؤلاء يقضون أكثر من 10 ساعات طيلة 6 أيام أسبوعياً في العمل، فيما كانت النسبة 61% لمن يقضون 40 الى 60 ساعة أسبوعياً في العمل.الغد