خطبة الجمعة المقترحة : المسؤولية الجماعية

المدينة نيوز - بثت وزارة الاوقاف الخميس محاور مقترحة لخطبة الجمعة ( 10/4/2015 ) حملت عنوان " المسؤولية الجماعية " .
وفي ما يلى عرض لتك المحاور
روى البخاري في الصحيح من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ – وفي رواية مَثَلُ الْمُدْهِنِ أَيِ الْمُحَابِي - وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا "
( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72) ) سورة الأحزاب .
أمة الشهادة : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) سورة البقرة (143) .
يعيش عالمنا العربي والإسلامي أوضاعا حرجة، ومن هنا يجب أن نتحلى بروح المسؤولية ..
سورة المؤمن تخليدا لمؤمن آل فرعون الذي تحلى بروح المسؤولية : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) سورة غافر (28(
النملة والهدهد يعلمون البشر روح المسؤولية ..
النملة تتحلى بروح المسؤولية : ( قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (18) ) سورة النمل
الهدهد يتحلى بروح المسؤولية : ( أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (24) ) سورة النمل .
صدق انتمائنا لديننا ووطننا ينبثق من التحلي بروح المسؤولية التي يتحقق من خلالها غاية وجود الإنسان على الأرض حيث جاء قول الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) سورة البقرة ، ذلك أن هدف الإستخلاف هو تحقيق عبادة الله تعالى التي تتحقق من خلال بناء الوطن وعمارة الأرض ؛ فقال تعالى : (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) سورة هود ، وجاء في الحديث الشريف عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن ( الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون ) رواه الإمام مسلم .
لقد استطاع بلدنا الأردن بحمد الله وفضله أن يحقق الأمن والاستقرار ، وأن يكون مضرب المثل وأن يحقق العديد من المكتسبات ، وأن يواجه العديد من الأزمات حتى بات حصنا منيعا ووطنا شامخا ، وما كان ذلك ليتحقق إلا بإيمانه بالله الواحد الأحد وبحكمة قيادته ووعي شعبه وصدق ولائهم وانتمائهم لوطنهم النابع من تمسكهم بدينهم واعتزازهم بحضارة أمتهم ، لقد تضافرت جهود الجميع حتى تحقق لبلدنا ما تحقق ، ونحن الأردنيين بسواعدنا وعطائنا حققنا لأنفسنا هذه الحياة الكريمة .. ومن هنا فإن مسؤولية الحفاظ على هذه المكتسبات وهذا الأمن والاستقرار هو مسؤولية جماعية .. وليست المسؤوليةُ تقتصر على مؤسسة أو فئة أو مجموعة بعينها .. ولا تتحقق المسؤولية بالركون والاتكالية والكسل والتنصل من المسؤولية أو التخلي عنها ..
إنها مسؤولية الجميع وأمانة في أعناق الجميع ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ سورة الأنفال (27) ، وفي حديثِ عبدالله بن عُمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( كُلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعِيَّته؛ فالإمامُ راعٍ ومسؤولٌ عن رعِيَّته، والرجلُ راعٍ في أهلِه ومسؤولٌ عن رعِيَّته، والمرأةُ راعِيَةٌ في بيتِ زوجِها ومسؤولةٌ عن رعِيَّتها، والخادمُ راعٍ في مالِ سيِّده ومسؤولٌ عن رعِيَّته؛ فكلُّكُم راعٍ وكلُّكُم مسؤولٌ عن رعِيَّته )؛ أخرجه البخاري ومسلم ، وعن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ) رواه أبو نعيم في الحلية ..
(( أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك )).
يحرس حدود الوطن أسود الجيش العربي يحمونه من أي اعتداء أو نيل من ترابه الطهور ، وتسعى الأجهزة الأمنية على صون الوطن وأمنه واستقراره داخل حدوده ، ولكن حفظ الوطن من أي فكر دخيل يعكر صفاءه ويشق صفه ويسعى إلى زرع الفتنة فيه هو مسؤولية جماعية تقع على جميع أبناء الوطن ، وإن أي تهاون أو تكاسل في ذلك سيؤدي إلى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها .
يحاول أعداء الوطن أن يزعزعوا وحدة صفه وتلاحم أبنائه من خلال إشاعات مغرضة يطلقونها بين فترة وأخرى ، وهذا يدعو إلى أن نحصِّن أنفسنا ومجتمعنا وأن لا نقع فريسة تلك الشائعات المسمومة التي تستهدف أمن واستقرار الوطن وتزرع فتيل الفتنة بين الناس ، والمنهج الشرعي يأمرنا أن نتثبت من أي خبر أو إشاعة وأن لا نسهم في ترويج تلك الإشاعات وتناقلها ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ) سورة الحجرات ، وقال صلى الله عليه وسلم : (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) رواه الإمام مسلم ، وينبغي الحذر كل الحذر من نشر خبر أو ترديد شائعة فكم من مجتمع فتكت به الإشاعة حتى دمرته وشتت أهله وأراقت دماء وشردت أقواما ..
وفي الوقت الذي نسعى فيه لنهضة وطننا وتحصينه من الأمراض الفكرية والاجتماعية والسلوكية ، فإنه يجب علينا كذلك أن نسهم لتحصين المجتمع وأبنائه صحيا من الأوبئة والأمراض ، وأن يتعاون الجميع مع المؤسسات الصحية واتخاذ جميع الاجراءات الوقائية في ذلك ، فإن العقل السليم في الجسم السليم ، وبخاصة ونحن في هذه الأيام أمام أخطار وبائية ، الأمر الذي يؤكد بأن نبادر في اتخاذ جميع وسائل الحيطة والحذر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلا وَقَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً إِلا هَذَا الْهَرَمِ ) .
تحقيقا للمواطنة الصالحة حث القرآن الكريم على التعاون ؛ فقال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) سورة المائدة ، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في مجتمعه بالجسد الواحد فقال صلى الله عليه وسلم : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) رواه البخاري ومسلم .. وفي الوقت نفسه جاء الحث على فعل الخير والعمل الصالح بشتى صوره وأنواعه ؛ فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) ) سورة الحج ، وقد بيَّن الحديث الشريف أن العمل الصالح متنوع ومن أشكاله ما يحقق خدمة عامة ومصلحة وطنية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ ) رواه البخاري ومسلم.
وطننا أمانة في عنق كل واحد منا فلنتق الله فيه .. قال الله تعالى : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) سورة الأنفال ..