انتقادات لإجراءات "الصحة" لمواجهة انفلونزا الخنازير

تم نشره الأحد 12 نيسان / أبريل 2015 09:12 صباحاً
انتقادات لإجراءات "الصحة" لمواجهة انفلونزا الخنازير
رجل وامرأة يلبسان كمامتين ويسيران بمستشفى الأمير حمزة اتقاء من الإصابة بإنفلونزا الخنازير
خبراء يحذرون من أن الفيروس بات متحولا والوزارة تؤكد التزامها بالتعليمات الدولية

المدينة نيوز - لم تتوقع وزارة الصحة أن تواجه فيروسا موسميا، متحولا، أشد شراسة من الأنواع السابقة، ممثلا بفيروس "H1N1"، الذي كانت تصدت له العام الماضي، فضلا عن سيطرتها عليه خلال جائحة إنفلونزا الخنازير العام 2010.

والواقع أن التزام "الصحة" بتوصيات منظمة الصحة العالمية منذ (4) أعوام حتى الآن، بـ"عدم التبليغ عن إصابات انفلونزا الخنازير باعتبارها انفلونزا موسمية"، ساهم في انتشار المرض في ربيع هذا العام 2015، وحصد أرواحا بشرية.

ورغم أن الوزارة لم ترصد خلال الأعوام الماضية إصابات خطيرة، غير أن ظهور هذا الفيروس "المتحول بتركيبته الجينية الجديده"، فاجأها وأربك عمل كوادرها الطبية والتمريضية، ونشر القلق بين المواطنين عامة، وفق خبراء ومختصين برصد الأمراض السارية والوبائية.

ويرى الخبراء ذاتهم أن هناك "ضبابية" ما زالت تغلف اشتداد المرض وشراسته بين الأردنيين في هذا الموسم الربيعي، خصوصا وأنه كان يتعين على الوزارة أن ترصد تحولات الفيروس منذ شتاء العام الماضي.

وكان المفترض أن ترسل وزارة الصحة عينات مخبرية من المصابين الى مختبرات مرجعية عالمية لمعرفة طبيعة الفيروس المتحول "مجهول النوع والاسم"، وإبلاغ منظمة الصحة العالمية بهذه التطورات بشكل سريع، حسب عضو اللجنة العليا لانفلونزا الطيور والخنازير سابقا الدكتور عبد الفتاح الكيلاني.

دعوة لتفعيل أنظمة ضبط العدوى والرصد

ونبه الكيلاني، وهو اختصاصي علم الميكروبات الطبية، الى وجود قلق من الفيروس بعد أن أدى لوفيات عديدة خلال فترة بسيطة، ورصد مئات الإصابات في ظل عدم توفر مطعوم الإنفلونزا الجديد للعام 2015، والذي يتوقع ان تستورده الحكومة ضمن عطاءاتها في الثلث الأخير من العام الحالي.

ويتفق استشاري الالتهابات الميكروبية والحمى الدكتور منتصر البلبيسي برأيه العلمي مع الكيلاني ونائب رئيس الجامعة الأردنية لشؤون الكليات العلمية الدكتور عزمي محافظة، من حيث "شراسة الفيروس وقوته"، الأمر الذي يستدعي اتخاذ "الصحة" إجراءات جديدة ضمن استراتيجيتها، وعدم التعويل على "ذاكرة المواطن في اتباع العادات الصحية السليمة للحيلولة دون إصابته".

وشدد الخبراء، في تصريحات منفصلة لـ"الغد"، على أهمية رفع التأهب والاستعداد لمواجهة الإنفلونزا الشديدة، من خلال تفعيل أنظمة ضبط العدوى والرصد، مشددين على أهمية التشخيص المبكر والعلاج مباشرة، ورفع مستوى الوعي المجتمعي حول طرق الوقاية من الإصابة باستمرار، لتغيير السلوكيات الصحية السلبية.

كذلك، أعرب الخبراء عن قلقهم من تحرك الفيروس في الأشهر المقبلة، معتبرين أنّ ثمة احتمالاً بوقوع موجات من النشاط الفيروسي على نطاق اوسع، حسب تقلبات الظروف الجوية، فيما رأى الدكتور محافظة أنه "من السابق لأوانه الإعلان عن أي وباء أو جائحة".

بيد أن زميله البلبيسي اقترح متابعة واستعراض التطورات الجديدة والمعلومات الوبائية ذات الصلة، على أن تتم مواصلة رصد تطورات الوباء عن كثب وإرسال عينات من المصابين الى مختبرات جامعية، وعدم الاعتماد على تقنيات مختبرات المستشفيات الأردنية.

يشار الى أنه منذ العام 2010 توقف الإبلاغ عن حالات إنفلونزا الخنازير، لمركز الوزارة ومديرية الامراض فيها، باعتبارها باتت "إنفلونزا موسمية".

وفي ظل عدم التفضيل الطبي والشعبي، للتحصين حاليا ضد المرض بأخذ مطعوم الانفلونزا (التامي فلو) المجاني للعام 2014، والذي سينتهي مفعوله الشهر المقبل أيار" مايو"، لا سيما أن "مدة صلاحية المطعوم هي 12 شهرا فقط"، يرى مختصون وخبراء أن تطعيم المواطنين الآن "غير مجد"، مقارنة بفاعليته، لو تم تحصينهم به خلال شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) الماضيين.

وزارة الصحة، بدورها تؤكد أن الفيروس الموسمي لم يحدث عليه أي تحويل، بيد أن خبراء عاملين في منظمات صحية إقليمية وعالمية، فضلوا عدم ذكر اسمهم لـ"الغد"، اعتبروا أن هذا الفيروس "مختلف تماما" من حيث شراسته وقوته عن فيروس إنفلونزا الخنازير، مما أدى الى حالات وفيات، محذرين من "اللامبالاة والاستهتار" الرسمي بالتعامل مع مستجدات الفيروس.

وكان أمين عام وزارة الصحة الدكتور ضيف الله اللوزي جدد في تصريحات صحفية مؤخرا، بأن "الإصابات هي من نمط الانفلونزا الموسمية (اتش ون إن ون) H1N1، وأن الوضع لا يدعو الى القلق والخوف والهلع السائد في المجتمع، إذ ان الادوية والعلاجات متوفرة، والمستشفيات والمراكز الصحية تطبق اجراءات ضبط العدوى، وكوادرها مدربة بشكل جيد فضلا عن توفر متطلبات الوقاية والتشخيص المخبري".

كما اعتبرت "الصحة" أن شكاوى المواطنين هي عبارة عن "فزع وخوف من المرض لا أقل ولا أكثر"، حسب الدكتور اللوزي، مضيفا أن الوزارة "وفرت العلاج المناسب والمضادات الحيوية في جميع المستشفيات الحكومية والسوق المحلي".

بيد أن الخبراء يتساءلون، بعد محاولات "الصحة "التقليل من أهمية مخاوف وقلق مواطنيها، عن كيفية ردم "الفجوة" بين المواطنين والسلطات الصحية، مع اقتراب نفاد كميات المطعوم الحالي، واقتراب انتهاء مدة صلاحيته، وإقناعهم بتغيير ثقافة مجتمعية تساهم في انتشار الفيروس، في ظل الترجيحات بـ"حصول حالات وفاة وإصابات جديدة، خصوصا عند الأطفال تحت سن الخمسة أعوام وكبار السن فوق 65 عاما، والمصابين بأمراض مزمنة وسرطانات وكلى وبدانة، وغيرهم، نظرا لضعف مناعتهم".

يشار إلى أن نسبة الوفيات من هذا المرض في الأردن "بلغت 2.2 % من مجموع الحالات"، في حين أن "حالات الإصابة الشديدة تتراوح ما بين 150 و200 سنويا".

يشار، أيضا، إلى أنه عندما انحسرت موجة انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير في المملكة العام 2010، بعدما أصاب نحو مليون مواطن، بما نسبته 20 % من سكان المملكة، بحسب تصريحات صحفية سابقة لخبير علم الوبائيات الدكتور بسام حجاوي، فإن الأخير لم يستبعد عودة الفيروس مستقبلا بانتظار "تغيير في سلوكه أو شكله الى فيروس آخر، لم يتم التعامل معه مسبقا"، وذلك بالاستناد إلى الخبرات السابقة لخريطة انتشار الأوبئة العالمية الكبرى، التي حدثت في القرون الماضية لفيروسات الإنفلونزا (الاسبانية، والموسمية، والخنازير).

الصحة مستمرة برصد الإصابات

مدير الأمراض السارية في وزارة الصحة الدكتور محمد العبداللات أكد لـ"الغد" أن الوزارة ملتزمة بتوصيات منظمة الصحة العالمية بعدم التبليغ عن إصابات الانفلونزا الحالية، عقب الإعلان عن حصر الجائحة في المملكة، لكنها ملتزمة بسياستها المحلية برصد الإصابات وتسجيلها، مؤكدا ان الفيروس "لم يتحول" استنادا إلى حقائق علمية وميدانية"، وفق رأيه.

واعتمد العبداللات في تحليله على أن "الأمراض التنفسية الشديدة في المملكة التي رصدت من خلال المراكز المختارة ومن ضمنها الانفلونزا، كشفت أن النمط السائد هو (اتش ون إن ون)H1N1، وأن عدد الحالات التي سجلت من بداية الموسم هي 152 حالة من مختلف الفئات العمرية، وأغلب الوفيات هي بين فئات الاختطار العالي".

ورغم ذلك فإن وزارة الصحة، حسب العبداللات، "لا تزال مستمرة في تطبيق توصيات اللوائح الصحية الدولية التي تم إصدارها من أجل التصدي للطوارئ الصحية العمومية، متمثلة بعدم إغلاق الحدود أو تقييد حركة السفر والتجارة على الصعيد الدولي؛ ومواصلة رصد الحالات المرضية غير المألوفة التي تشبه الإنفلونزا، وحالات الالتهاب الرئوي الوخيمة".

وحول المطاعيم الوقائية للإنفلونزا الموسمية ومدى مأمونيتها، والتي ما يزال هناك جدل طبي حيالها، ما أدى إلى ضعف اقبال المواطنين عليها وعزوف من الفئات الأكثر عرضة للإصابة من التحصين، قال الدكتور العبداللات إن "ما أثير حول عدم مأمونية المطاعيم ومضاعفاته ترفضه الوزارة ومنظمة الصحة العالمية"، لافتا الى أن "معظم الشعوب تحصن به، ولم تحدث أي آثار جانبية أو مضاعفات خطيرة حتى الآن".

وشدد العبداللات على دور الإعلام كشريك استراتيجي للوزارة بنشر التوعية بين صفوف المواطنين والتخفيف من الرعب والقلق بينهم بعد حدوث الوفيات، موضحا أن الوقاية بسيطة وممكنة عن طريق غسل اليدين باستمرار بالماء الدافئ والصابون بعد العطس أو مصافحة شخص مصاب بالانفلونزا، واستخدام الكمامات في الأماكن المزدحمة التي تمنع انتقال الفيروسات، وأيضاً استخدامها في الطائرة والقطارات.

يشار الى أن اللقاح الموسمي (البشري) للعام 2010 -2011 كان أحد مكوناته لقاح إنفلونزا الخنازير، باعتباره من أكثر 3 فيروسات انتشارا في العالم، ولم ترصد الوزارة أي إصابات قوية أدت الى وفيات.

رعب الكوادر التمريضية

عقب إصابات طالت القطاع الطبي والتمريضي، اقترح نقيب الممرضين ‏والممرضات والقابلات القانونيات‏ محمد حتاملة على الحكومة "مخاطبة منظمة الصحة العالمية لإعادة تقييم توصياتها الحالية، والتعامل مع واقع جديد طرأ على المجتمع الأردني خاصة".

فيما رأى رئيس لجنة ضبط المهنة في نقابة الأطباء الدكتور باسم الكسواني أن رفض الأطباء للمطعوم "ليس عبثيا بل علميا" عازيا ذلك الى أن" توقيت إعطاء المطعوم لهم جاء متأخرا".

وأكد الكسواني، وهو مستشار لوزير الصحة، لـ"الغد" أن الوزارة "لا تستطيع ان تجبر كوادرها، سواء في القطاع الطبي أو التمريضي على التطعيم، لكن تطلب منهم ذلك لحمايتهم وحماية مرضاهم".

واعتبر أن ما يثار إعلاميا عن الانفلونزا الموسمية والعلاج والمطعوم ومضاعفاته، قد تكون "كيدية" تستهدف وزارة الصحة التي تسعى نحو تأمين المطاعيم مجانا للمواطنين.

بدوره، طالب نقيب الممرضين حتاملة الكادر التمريضي التواصل مع النقابة لتوفير وسائل الوقاية من أي مرض معد حفاظا على سلامتهم، رافضا ما أثاره عدد من الممرضين والممرضات في حديثهم لـ"الغد" حول "عدم توفر أي وسيلة لحمايتهم من كمامات طبية وكفوف وتدريب ضبط العدوى، خصوصا في المستشفيات الحكومية".



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات