اضطرابات الجوار تنهك القطاعات الاقتصادية

المدينة نيوز - وجهت الفوضى والاضطرابات السياسية والأمنية في الدول المجاورة للمملكة ضربة كبيرة للاقتصاد الوطني، سيما بعد سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على منطقة الأنبار الحدودية مع العراق وسيطرة التنظيمات المتطرفة على الجبهة الجنوبية لسورية، بحسب خبراء.
وانعكس ذلك بشكل بارز على مؤشرات العديد من القطاعات من أبرزها الشحن والتصدير والطاقة.
الشحن
وقال نقيب أصحاب الشاحنات في المملكة، محمد الداوود، ان الأزمات السياسية والأمنية تركت أثر كبيرا على قطاع الشاحنات، حيث اغلقت العديد من المنافذ البرية أمام حركة الشاحنات الاردنية.
وأضاف إن قطاع الشاحنات من أكثر القطاعات التي تضررت بسبب الأزمات العربية، إذ بلغ عدد الشاحنات المتوقفة عن العمل 4500 شاحنة.
ولفت الداوود الى أن الأوضاع السياسية في المنطقة دفعت العاملين بقطاع الشاحنات للبحث عن بدائل للخروج من الأزمة، إلا أن أغلب الحلول والبدائل المطروحة تعتبر صعبة أمام أصحاب الشاحنات.
وقدر الداوود حجم خسائر قطاع الشاحنات بسبب الاضطرابات في المنطقة بـ350 مليون دينار؛ حيث اغلقت 7 اسواق امام حركة الشاحنات الاردنية منها 5 دول عربية وتركيا اضافة إلى أوروبا الشرقية.
التجارة
وقال رئيس غرفة تجارة الاردن، نائل الكباريتي، إن التوترات التي تشهدها بعض دول المنطقة منذ سنوات أثرت بشكل سلبي على التجارة المحلية من خلال ارتفاع الكلف وانخفاض القوة الشرائية.
وأوضح الكباريتي ان كلف استيراد السلع ارتفعت نتيجة اغلاق معابر حدودية، خصوصا سورية التي كان يتم من خلالها انسياب البضائع القادمة برا للمملكة من الاسواق الاوروبية وتركيا، الامر الذي دفع الى التوجه نحو الاستيراد عبر الموانئ البحرية.
وبين الكباريتي ان التوجه نحو الموانئ البحرية لها تأثيرات سلبية وايجابية؛ حيث تتمثل الآثار السلبية في تأخر وصول البضائع التي يتم التعاقد عليها في حين تتمثل الآثار الايجابية في تنشيط الحركة على ميناء العقبة.
وقال الكباريتي ان اي توتر في المنطقة يؤثر سلبا على القوة الشرائية بالانخفاض سواء كانت الداخلية او الخارجية من خلال تراجع الحركة السياحية وتراجع الانفاق على السلع الكمالية.
وبين الكباريتي أن التوتر في المنطقة، خصوصا خلال عامي 2013 و2014 جعلت الاستثمار والتوسع في التجارة في حالة ترقب لما سيحدث بالمنطقة.
وأشار الكباريتي الى تأثر بعض المصانع المحلية، خصوصا التي تعتمد على الاسواق المجاروة؛ حيث ان التوتر في المنطقة يؤثر على دخول منتجاتها الى تلك الاسواق، ما ينعكس على تراجع انتاجها، وبالتالي اغلاقها في حال كان الاعتماد بشكل كامل على اسواق تلك الدول.
من جانب آخر، قال رئيس غرفة صناعة عمان العين زياد الحمصي أن الاردن لم يكن بمعزل عن التطورات التي شهدتها المنطقة، وحيث أن الصادرات الصناعية الى الدول العربية تمثل حوالي 63 % من مجمل الصادرات الوطنية، فمن الطبيعي أن تتأثر بالأحداث التي تعم المنطقة.
وبين الحمصي أن البيانات الإحصائية الصادرة عن غرفة صناعة عمان خلال فترة الربع الأول من العام الحالي بالمقارنة مع صادرات الغرفة لنفس الفترة من العام الماضي، تشير إلى تراجع الصادرات الى العراق بنسبة 19 % لتبلغ 190 مليون دينار، والى سورية بنسبة 14 % لتبلغ 22 مليونا وإلى مصر بنسبة 3 % لتبلغ 19 مليونا والى اليمن بنسبة 28 % لتبلغ حوالي 7 ملايين والى ليبيا بنسبة 24 % لتبلغ 5 ملايين وهذه الأرقام مرشحة للزيادة خلال الفترة المقبلة في ظل اغلاق الحدود البرية مع سورية وكذلك التعقيدات الأمنية التي يشهدها العراق الشقيق مما تسبب بأزمة للشاحنات على الحدود العراقية الأردنية.
وأوضح الحمصي أن هذا التراجع الكبير يدفع الى التفكير جديا بالبحث عن أسواق جديدة للصناعات الوطنية، حيث يوجد فرص واعدة للصناعات الأردنية في دول غرب افريقيا وكذلك دول البلقان، وستقوم الغرفة بالمشاركة في عدد من الوفود الاقتصادية التي ستزور هذه البلدان لدراسة واقع اسواقها.
واشار الى ضرورة عدم إغفال الجانب الايجابي في هذا الموضوع من حيث زيادة عدد المستثمرين العرب في الأردن، وخصوصا من الاشقاء السوريين، ونأمل ان تسهم استثماراتهم بإحداث نقلة نوعية لصناعتنا الوطنية، نظرا للخبرات المتراكمة التي يملكها هؤلاء المستثمرين، اضافة ان هذه المصانع جاءت وأسواقها التصديرية موجودة أصلا، كما أن هذه الاستثمارات تسهم في تحريك العديد من القطاعات الأخرى مثل قطاع النقل والخدمات وتشغيل الأيدي العاملة الوطنية.
قطاع الطاقة
وفي الوقت الذي رأى فيه البعض أن قطاع الطاقة كان من أهم القطاعات التي تأثرت سلبا من تبعات الفوضى والاضطرابات، رأى آخرون ان هذه الأزمة كانت سببا في تحفيز الأردن للمضي جديا في اجراءات تنويع مصادره من الطاقة وأهم ذلك انجاز منظمة موانئ الغاز في العقبة.
بدأت أزمة قطاع الطاقة تظهر جلية بعد تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك في 11 شباط (فبراير) من العام 2011 وما تبع ذلك من تنفيذ تفجيرات على خط الغاز الطبيعي من مصر إلى المملكة نتيجة هجمات مسلحة.
غير ان مصادر حكومية مطلعة قالت لـ"الغد"، في وقت سابق، أن مصر ضخت خلال الفترة الماضية كميات محدودة جدا إلى المملكة عبر خط الانابيب وفقا لمصدر مطلع دون توضيح مقدار الكميات المستوردة.
وفي هذا الخصوص، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأسبق المهندس مالك الكباريتي ان مشكلة الغاز المصري سبقت احداث الاضطرابات في العالم العربي إذا بدأت الكميات بالتراجع عن المستويات التعاقدية منذ العام 2009 ولم تصل في ذلك الوقت إلى 250 مليون قدم مكعب يوميا، المتضمنة في العقد بين البلدين إلى في أوقات محدودة.
وأضاف الكباريتي أن توريد الغاز دخل بعد ذلك في منحى تراجع الاحتياطيات في مصر وتوجهها إلى تأمين احتياجاتها الداخلية في ظل انخفاض احتياطيات الغاز لديها ونقص إنتاج الآبار لعدة اسباب تتعلق بالصيانة وتطوير الانتاج.
وكانت مصر تمد الأردن بحوالي 250 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا استخدمت في انتاج حوالي 80 بالمائة من الكهرباء المولدة في المملكة، الا ان هذه الكميات تراجعت مع نهاية عام 2009 الى ان وصلت مطلع العام الحالي الى ما دون الخمسين مليون قدم مكعب يوميا ومن ثم انقطعت نهائيا منذ شهر نيسان الماضي.
إلا ان الكباريتي بيّن ان من التبعات التي يمكن ان تكون ايجابية لهذه الازمة هو انها كانت دافعا قويا ومحركا للأردن لان يكون اكثر جدية في تنفيذ استراتيجية تنويع مصادر الطاقة والتي تمثلت في بناء موانئ الغاز التي تتيح استيراد الغاز من اي مصدر في العالم وباسعار افضل.
ومن أهم الاسباب الاخرى التي شكلت عبئا على قطاع الطاقة في الاردن الزيادة الكبير في أعداد السكان مع تدفق لاجئين من عدة دول نتيجة للاضطرابات الامنية في بلادهم التي رافقت الاحداث والاضطرابات، ما أدى إلى ضغط على هذه الموارد المحدودة اصلا، والحاجة إلى ايصال الخدمات خصوصا الكهرباء إلى مناطق جديدة متعددة مثل مخيمات اللاجئين ناهيك عن الأعداد الكبيرة من المستهلكين في مختلف المدن والقرى.
من جهته، قال الناطق الاعلامي باسم الوزارة حيدر القماز ان الخسارة التراكمية نتيجة انقطاع الغاز المصري حتى نهاية العام الماضي وصلت إلى 4.7 مليار دينار، نتيجة لاعتماد شركة توليد الكهرباء على الديزل والوقود الثقيل.
وبين القماز ان وزارة الطاقة وضعت استراتيجية تتضمن عدة محاور لتفادي أثر انقطاع الغاز المصري، ويعد تنويع مصادر الغاز الطبيعي أهم هذه الحلول اذ وقعت الحكومة اتفاقية توريد الغاز مع شركة 'شل' العالمية لمدة 5 سنوات، بقيمة اجمالية تبلغ نحو 2.5 مليار دينار.
وقال ان أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال ستصل المملكة في الخامس والعشرين من الشهر المقبل قادمة من قطر، وذلك بعد اكتمال تهيئة ميناء الغاز الطبيعي المسال فيما أقرت الحكومة في وقت سابق اتفاقية بيع وشراء الغاز الطبيعي المسال مع شركة شل العالمية التي فازت بعطاء تنافسي تم طرحه لهذه الغاية، فيما بدأت الحكومة مفاوضات أولية مع الجزائر لاستيراد الغاز الطبيعي منها
أما بالنسبة للغاز النفطي المسال فاستقبل الميناء المخصص لذلك في العقبة اول باخرة بداية آذار (مارس) الماضي؛ إذ تصل قدرة هذا الميناء إلى استقبال البواخر النفطية ذات الأحجام الكبيرة والتي تصل سعة تخزينها 25 ألف طن من الغاز المسال وبقدرة تفريغ 300 متر بالساعة.الغد