ليسوا رجعيين ولا إرهابيين

في مقال سابق قلنا إن التوصيف العلمي الموضوعي الذي يلائم الجماعات التكفيرية المسلحة، هو عصابات الجريمة المنظمة، وأن التوصيف الارهابي لا ينطبق عليهم.
فالإرهاب ظاهرة عسكرية متطرفة لا تكترث بالجمهور والعمل الشعبي الطويل، وتحاول حرق المراحل عبر اغتيالات النخبة السياسية والفكرية المناهضة، ونادرا ما يتورط الارهابيون بأعمال إبادة جماعية، فضلًا عن الخلفية الثقافية للعديد منهم سواءً في مجال الموسيقى او الفنون بعامة أو الأدب وغيره من الحقول التي يجري تكفيرها من الجماعات المذهبية المتطرفة.
وكما لاعلاقة لهذه الجماعات بالارهاب الراديكالي الذي دشنته الثورة الفرنسية، ووجد طريقه الى بعض الثوريين الاشتراكيين، فلا علاقة لها بالمفهوم الإيجابي للارهاب كما ورد في القرآن الكريم.
ولنا أن نقول ايضًا إنه كما أن الجماعات التكفيرية المسلحة عصابات جريمة منظمة وليس منظمات إرهابية، لنا أن نقول ايضا إنها ليست جماعات رجعية من الزاوية الايديولوجية ولا تمثل امتدادا لظواهر وحركات رجعية تاريخية وقديمة بما فيها كتابات ابن تيمية وغيره، المدانة بطبيعة الحال.
فالجماعات او عصابات الجريمة المنظمة التكفيرية هي أقرب ما تكون الى ادوات استخباراتيىة مرتبطة بالاجهزة الصهيونية والأطلسية وخاصة "الامريكية – البريطانية"؛ حيث يجري تسويقها كجماعات محافظة او متشددة ايديولوجيا وسياسيا.
والفرق كبير بين جماعات متطرفة "رجعية" وشبكات عميلة تدار بالريموت كنترول، مثل داعش وجبهة النصرة وبيت المقدس التي تتحرك مدعومة بالمراكز اللوجستية الصهيونية، كما أثبتت الأحداث في الجولان ضد الجيش السوري، وفي صحراء سيناء ضد الجيش المصري.
والجدير ذكره هنا، أن هذا النمط من عصابات الجريمة المنظمة التي يجري تسويقها كجماعات سياسية او ايديولوجية متطرفة، نمط مألوف في التاريخ السياسي الحديث والمعاصر، ومن ذلك:-
1. عصابات نيويورك، وهي عصابات ومافيات جريمة منظمة جرى تسويقها كجماعات عرقية ومذهبية متقاتلة بالنظر الى اصولها الايطالية والايرلندية، وقد فضحها المخرج الامريكي "سكورسيزي" في اكثر من عمل سينمائي.
2. عصابات السلفادور، وهي عصابات مخدرات وقتل مأجور حولتها المخابرات الأمريكية إلى "عصا دموية" ضد الفلاحين والعمال والفقراء، وجرى تغطيتها باسم فرق الحرية ضد الشيوعية.
3. فرق السلام التي اخترعتها المخابرات البريطانية وورثتها المخابرات الأمريكية، وانتشرت في اكثر من بلد منها فلسطين عندما كانت تحت سيطرة الاستعمار البريطاني.
(العرب اليوم 2015-05-11)