جماعة مضر بدران وجماعة زيد الرفاعي !

المدينة نيوز - خاص – محرر الشؤون المحلية - ستذكر الوثائق الرسمية والشعبية ان الجنرال مضر بدران هو الذي دخل بحكومته الرابعة عهد الديمقراطية الحديثة في الاردن، وان الباشا الذي تربى في المؤسسة الامنية هو الذي اعلن انتهاء الاحكام العرفية، وطمأن الاردنيين على مستقبلهم السياسي، وهو كلام له معناه حين يصدر عن باشا يقيم في الدوار الرابع، قرأ جيدا اتجاهات الريح في دول العالم، وهو الذي منح عددا من مقاعد حكومته لجماعة الاخوان المسلمين، تلك الحكومة التي رافقت تصاعد الانتفاضة الفلسطينية الاولى والعدوان على العراق.
مضر بدران الذي اقتسم قيادة السفينة السياسية في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته مع الرئيس زيد الرفاعي، استطاع تجاوز العديد من المطبات الخطيرة، وامتلك رؤية خاصة ترتكز على سياسة اسناد الظهر لجدار الاشقاء، مستفيدا من قراءته الامنية لتداعيات المشهد السياسي العربي والدولي.
اذا كان الرئيس زيد الرفاعي هو الذي اختار مضر بدران ليكون وزيرا للتربية والتعليم في حكومته الاولى عام 1973، فان السنوات اللاحقة جعلت من الباشا ابي عماد "ندا " سياسيا قويا للباشا ابي سمير، وهما الرجلان الاكثر قوة في عقدي السبعينات والثمانينات في مرحلة تداول السلطة بينهما، اذ صار لكل منهما صالونه ومريدوه، فاشتهرت في الاردن مقولة : " جماعة زيد .. وجماعة مضر " وترك كل منهما بصمته على الحياة السياسية في تلك المرحلة.
لم يكن محرجا وهو يقف على منصة البرلمان الحادي عشر مبشرا بعصر الديمقراطية والتعددية، فالرجل يؤمن بأن طبيعة الحياة السياسية والاجتماعية فيها اكثر من اللونين الاسود والابيض، وان تلاقح الافكار الايجابية سيصب في مصلحة الوطن.
اختفى مضر بدران عن واجهة المشهد السياسي منذ سنوات، وهو مطمئن انه وضع الركائز القوية لسياسة تحميها سواعد ابناء الوطن وعقولهم المنفتحة على الفضاءات المتعددة، لكن اسمه وسيرته لم تغيبا عن ذاكرة الناس، حتى اؤلئك الذين اختلف معهم.
مدني قاد سفينته بعصا الجنرال وعقليته، لكنه ظل مستعدا للحوار مع الاخر، لقناعته بأن الزمن لن يعود الى الوراء، وان الابواب المغلقة لن تصمد طويلا امام رياح التغيير.
لم يرث طربوش احد، ولم يقدم نفسه بانجازات عائلية وعشائرية، فالرجل الذي تجول موظفا في مختلف المدن الاردنية تعرف الى هموم الناس وقرأ منظومة علاقاتهم الاجتماعية جيدا، لذلك كانت مهمته تنحاز الى الواجهة الشعبية احيانا.
اول مدير للمخابرات يتسلم مفاتيح الدوار الرابع، لكن مضر بدران جاء الى الحكم بعقلية السياسي في مرحلة كان فيها الاردن يضع آماله بين يدي رجاله المخلصين، وتشير القراءات المتعارضة للجنرال الذي قاد الحكومة بعقلية تمردت على حدود الطربوش ان الرجل احرق الكثير من الملفات التي ورثها وهو يدخل عتبة العصر الديمقراطي في العام 1989.
يعيش اليوم بهدوء بعيدا عن تجاذبات السياسة وهمومها، وتقول الرواية انه يضع راسه في الليل على وسادته مرتاحا ، وان بيت الباشا ظلت طريقه سالكة امام اصدقائه وتلامذته ومريديه الذين لم يديروا له ظهورهم، حتى وهو يغادر هيلمان السلطة.