جدل السيد والعبد

المدينة نيوز - قبل هيغل بعشرين قرناً, كان فلاسفة الاغريق يؤسسون لجدل السيد والعبد كما صدره هيغل بعد ذلك.. ولم يكن الفيلسوف الالماني الآخر, نيتشه, بعيداً عن هذا الجدل.. وكان متوقعاً ان يتابع الالمان هذه الفلسفة التي تجلت لاحقاً في العهد الهتلري, ولا أقصد ما يذهب الى الذهن فوراً, النظرة العنصرية ضد الآخرين باعتبارهم عبيداً, بل »عبودية الذات« أولاً.
فكما لاحظ لوكاتش في »تحطيم العقل« فلم تكن الديمقراطية الجرمانية سوى ديمقراطية الالمان في ان يقبلوا العبودية.
فالالماني شأنه في ذلك شأن كل المجتمعات التي تشكلها الدول, مروض على ان ينتظر من فوق كل القرارات التي تتصل بحياته وان يظل مسكوناً بهاجس انتظار المخلص وتمجيده صباح مساء, في صحوه ونومه.
وهو ما فعلته الدعاية النازية بتقديم هذه العبودية للزعيم والحكم بوصفها اشتراكاً للشعب في الحياة السياسية. وكان هتلر يخاطب جنوده:
الناس يحترمون القسوة وهم بحاجة الى البقاء في خوف دائم ممزوج بالشكر لبعض المكاسب الصغيرة. والحق يقال, ان هذه النظرة العبودية شكلت قوام ثقافة الاستشراق الاستعماري التي سعت منذ اليوم الأول لانتاج سيكولوجيا دونية عند الشعوب المستعمرة, وهو ما لاحظته كتابات ادوارد سعيد ومنير العكش خلال وجودهما في الولايات المتحدة. وتخبرنا رنا القباني في »أساطير الغرب عن الشرق« كيف كان كنغليك يرى نفسه في الشرق سيداً ازاء شرقي كسول رخيص شديد الامتنان لأي مبلغ يدفع له, وكيف كان لورنس يصور العرب يمكن تطويعهم بالقليل من الذهب..
مقابل هذا الجدل, جدل السيد والعبد, كان ثمة جدل آخر, سواء جدل المعلم - التلميذ عند الفيلسوف والعالم باشلار أوعند فريري صاحب كتاب تعليم المقهورين الذي حذر مما يعرف »بالاقتصاد المعرفي« الذي يستهدف تحويل الطلبة الى مشاريع بضائع في سوق العمل الرأسمالي, ويقوم على ما يسمى بالتعليم البنكي او المصرفي, فهذا النمط من التعليم ليس الا صورة لمجتمع السادة - العبيد, الذي يشرف عليه البنك وصندوق النقد الدوليين, ومؤسسات مثل راند الامريكية, وريثة الثقافة الالمانية العنصرية..0
موفق محادين