خطبة الجمعة المقترحة : فضل شهر رمضان والإنفاق فيه

المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة 19/6/2015م ، والتي حملت عنوان : فضل شهر رمضان والإنفاق فيه .
وفيما يلي عرض لتلك المحاور :
قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) . سورة البقرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيماناً وإحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
إن هذا الشهر المبارك نفحةٌ ربانية من نفحات الله المباركة منحها لهذه الأمة ، قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم : ( إن لربكم في دهركم نفحات فتعرضوا لنفحات ربكم ، واسألوا الله من فضله ) رواه الطبراني بسندٍ صحيح .
في شهر رمضان يفتح الله خزائن رحمته وفضله وإحسانه وغفرانه ، ويضاعف فيه الأجر لمن أطاعه ، وتعرض لنفحاته ، وتوجه إلى خالقه ورازقه ودعاه بقلب خاشع ودعاءٍ صادق ، وفي هذا الشهر العظيم يتجلى الله على عباده بالرحمات ، ويخصهم فيه بالبركات ، ويزيدهم فيه من الخيرات ، قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم : ( أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطها أمة قبلهم : خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا . ويزين الله عز وجل كل يوم جنته ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك .ويصفد فيه مردة الشياطين ، فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره . ويغفر لهم في آخر ليلة ، قيل : يا رسول الله ، أهي ليلة القدر ؟ قال : لا ، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله . رواه البيهقي . فهنيئاً لمن أدرك رمضان وأطاع الرحمن ، وشمله رب العزة والجلال بالصفح والعفو والغفران ، وفتح له أبواب الجنان .
ليس الصيام الحق أن نمسك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات فقط ؛ بل إن الصيام الحق أن يمسك الصائم عن كل ما يؤذي الناس من قول أو عمل ، والإبتعاد عن كل معصيةٍ وخطيئة ، والإمساك عن الشر والفساد والإنحلال . وغض البصر ، وحبس للسان عن نافلة الكلام ، وعلى الصائم أن يكثر من ذكر الرحمن وتلاوة القرآن وتسبيح لله الواحد الديان ، وفي الحديث الشريف : ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك) رواه إبن أبي شيبه ، وليحذر الصائم من ضياع أجره وثوابه فقد جاء في الحديث الشريف: ( رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر ) رواه أحمد والبيهقي . وقال صلوات الله وسلامه عليه : ( من لم يدع قول الزور ، والجهل ، والعمل به ، فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البيهقي .
شهر الصوم هو شهر الرحمة والمغفرة والتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ، فها هي أبواب الرحمة مفتوحة في هذا الشهر المبارك العظيم . قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) متفق عليه ، وفي رواية : ( وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ) رواه الترمذي .
إن الصيام ينمي في النفس مراقبة الله تعالى ، ومن راقب الله تعالى فقد زكى نفسه وحصلة له التقوى ، فالله سبحانه وتعالى بدأ آيات الصيام بالتقوى قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) سورة البقرة . كما ختم آيات الصيام بالتقوى قال تعالى : ((كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )) سورة البقرة .
فالتقوى ثمرة من ثمرات هذا الصيام وقد عرفها طلق بن حبيب ( أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معاصي الله على نور من الله تخشى عذاب الله ) فالصائم ينغرس في قلبه مبدأ المراقبة لله تعالى .
إن أصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين الله وقاية تقية من عذابه وسخطه وغضبه وذلك بفعل الطاعات وإجتناب المعاصي وترك المحرمات وإتقاء الشبهات قال صلى الله عليه وسلم : ( إتقي المحارم تكن أعبد الناس ) والتقوى تهذب النفس وتقوم الأخلاق وتضبط سلوك المسلم على منهج الله تعالى ، فلا تراه إلا خائفاً من الله تعالى ، راجياً لرحمته ، منيباً إليه ، أميناً صادقاً محافظاً على صلاته وصيامه .
في شهر رمضان المبارك تتجسد روح الأخوة والمحبة بين الناس ، فترى الأمة كالجسد الواحد يتحدون في مظاهر متعددة ، حيث تشرق قلوب العباد على نسق واحد من الفرحة والمحبة والإقبال على الله تعالى فالصائمون يعيشون المبادىء الإنسانية السامية لأن دينهم دين الإنسانية فتراهم يعرفون للزمن قيمته وللصدقة أثرها وللرحمة عنوانها على الصغير والكبير ، يعيشون حيات التقارب ونبذ الخلاف ويحيون حياة الأخوة الإيمانية فهلالهم واحد وآذانهم واحد وصيامهم وفطرهم وإمساكهم على نسق واحد.
شهر رمضان المبارك شهر الخير والعطاء ، شهر الإنفاق والصدقة ، شهر الجود فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان فهو كالريح المرسلة ) حيث يغتنم كثير من الناس هذا الشهر الكريم ويخصونه بإخراج زكاة أموالهم . فهذا شهر التكافل يتكافل فيه الأغنياء مع الفقراء والمساكين والأيتام ويخصونهم بشيء من أموالهم لمعالجة مشكلتي الفقر والبطالة .
حيث أن المال مال الله وإنما جعل الناس مستخلفين فيه قال تعالى ( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) سورة آل عمران .
إن الجهة الرسمية المخولة بجمع الزكاة هو صندوق الزكاة واللجان التابعة له المنتشرة في جميع محافظات المملكة والحذر الحذر من الذين يجمعون التبرعات والزكاة والصدقات بغير صفة رسمية فلا يضعونها موضعها فأنت أيها الأخ الكريم مؤتمن على زكاة مالك وعلى صدقة فطرك فضعها حيث تثق أنها تنفق كما أمر الله تعالى .
فبادروا عباد الله بإخراج زكاة أموالكم قال تعالى ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) فهذا شهر المسابقة والمسارعة بالخيرات لأنه شهر تضاعف فيه الأعمال وهو شهر الإنفاق والجود .