محللون "إسرائيليون": سياسات أوباما منحت إيران وضعا استراتيجيا قويا
تم نشره الخميس 25 حزيران / يونيو 2015 11:20 صباحاً

المدينة نيوز :- قدر محللون إسرائيليون أن عدم التلويح الأمريكي بإمكانية استخدام الخيار العسكري ضد إيران في حال فشل المفاوضات، يعني ضعف موقف مجموعة الدول الست الكبرى في هذه المفاوضات، وأن رغبة الإدارة الأمريكية في توقيع الاتفاق، إلى جوار الانتقادات التي تواجهها بشأن التنازلات التي نص عليها اتفاق “لوزان”، تقود إلى امتناع الإدارة الأمريكية تماما عن التلويح بهذا الخيار، ما وضعها في موقف ضعف استراتيجي أمام المفاوض الإيراني، الذي صار بدوره في وضع استراتيجي قوي أمام المجتمع الدولي.
وطبقا لتحليل نشره مركز بحوث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، فإن الموقف الأمريكي يحتم عليها البحث عن خيارات بديلة، تعتمد على إشهار الخيار العسكري بصورة جديدة، والتلويح باستخدامه، بما يعيد البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء سنوات طويلة حال انتهكت الاتفاق، لأن وقف الحديث عن الخيار العسكري يظهر إيران في موقف قوة أمام المجتمع الدولي، ويدفعها إلى التمسك بالمزيد من الشروط التي تفرضها.
ولفت المحللون إلى تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي باراك أوباما مطلع الشهر الجاري، حين أكد أن “الخيار العسكري لا يمكنه أن يحل الأزمة الإيرانية، وأنه حتى ولو شاركت الولايات المتحدة في عمل عسكري ضد إيران، فإنها قد تؤدي فقط إلى تأجيل تطوير البرنامج النووي الإيراني لفترة زمنية محدودة فقط، ولكنها لن يمكنها أن تمنعها من امتلاك مثل هذا البرنامج”.
ويرى المحللون الإسرائيليون أن وجهة نظر الرئيس الأمريكي تلك، توجه رسالة واضحة بأن الخيار العسكري الأمريكي ليس مطروحا وليس منطقيا بشأن البرنامج النووي الإيراني، وأنه كان واضحا حين قال إنه “لا يمكن منع تحول إيران إلى قوة نووية سواء عبر العقوبات أو عبر العمل العسكري”. أي أنه لا يؤمن عمليا بفاعلية وسائل الضغط الرئيسية على طهران (العقوبات أو العمل العسكري).
وأشار المحللون إلى أن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن انتقد أيضا المطالبة الإسرائيلية بالتلويح بالخيار العسكري خلال كلمة ألقاها في أحد معاهد الأبحاث في واشنطن، وأنه بذلك يرفض الدعوات لوضع نهاية جذرية للبرنامج النووي الإيراني.
وطبقا لمركز بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، فإن “التجربة الأمريكية المريرة في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، دفعتها لإبداء بعض التواضع في التقديرات التي تصيغها بشأن العديد من القضايا، ومنعتها عن التلويح باستخدام القوة، لدرجة أن وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، التي تقف على رأس الوفد الأمريكي للمفاوضات النووية، ذهبت أبعد من ذلك، حين قدرت أن “لدى إيران القدرة على إعادة بناء منشآتها النووية بعد عام واحد، حال تعرضت لضربة جوية، وأن الخيار الوحيد أمام واشنطن والمجتمع الدولي هو المفاوضات”.
وأبدى المحللون الإسرائيليون حالة من القلق إزاء “تآكل الخيار العسكري الأمريكي تجاه البرنامج النووي الإيراني في الشهور الأخيرة، وبخاصة بعد التوصل إلى تفاهمات لوزان”، وقدروا أن “هذا الموقف يتناقض مع الموقف الأمريكي طوال السنوات الأخيرة، والذي كان يميل إلى أنه في حال فشل المسار الدبلوماسي، فإن جميع الخيارات ستكون مطروحة، ولا سيما الخيار العسكري”.
لكن هناك إشارات أخرى أتت من وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر، والذي قال في تصريحات سابقة إن “الجيش الأمريكي لديه القدرة على تدمير البرنامج النووي الإيراني وإعادته إلى الوراء سنوات طويلة، وأن الإيرانيين يدركون تلك الحقيقة”.
كما أن الجنرال جيمس ماتيس، قائد القيادة المركزية بالجيش الأمريكي، كان قد نوه بأن “لدى الجيش الأمريكي المقدرة على تركيع طهران”، على حد قوله. ولفت ضباط كبار بسلاح الجو الأمريكي إلى أن “سلاح الجو يمتلك خيارات كثيرة للغاية للتعامل مع المنشآت النووية الإيرانية”.
وكان الجنرال مارتن ديمبس، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، قد أكد أن “لدى الجيش الأمريكي خيارا عسكريا حاسما يمكنه منع إيران من امتلاك القدرات النووية”.
وقدر المحللون أن التناقض بين التصريحات السياسية والعسكرية ربما يعني أن إدارة أوباما تريد تمهيد الطريق بأي وسيلة للتوقيع على الاتفاق النهائي، وتوصيل رسالة إلى جميع الأطراف التي تعارض الاتفاق بأن لدى الولايات المتحدة خيارا وحيدا وهو المفاوضات.
وذهب المحللون إلى أن موقف أوباما يعتمد على التسويق لفكرة المفاوضات كخيار وحيد، وأنه لا يريد المخاطرة بحرب كارثية ضد إيران، وأنه في سبيل ذلك على استعداد للتراجع عن مواقفه السابقة، والتي ترى أنه سيُسمح لإيران فقط باستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، لذا فلا حاجة لمواصلة أنشطتها في مفاعل (فوردو) المحصن تحت الأرض، أو مفاعل المياه الثقيلة (آراك) أو تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة.
وقدر المحللون أن أوباما لا يدخر جهدا للسير في هذا الطريق، ولو كان على حساب المواجهة مع الكونجرس، ومع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم السعودية ودول الخليج فضلا عن إسرائيل.
ويعتقد المحللون بمركز بحوث الأمن القومي الإسرائيلي أن وقف الحديث عن الخيار العسكري هو ما دفع إيران لتشديد مواقفها، وأنه ينبغي التجهيز لسلسلة من العمليات العسكرية لضرب المنشآت النووية الإيرانية حال تبين أنها ماضية في برنامجها النووي بعد الاتفاق، وأن هذا الأمر لا يعني بالضرورة شن حرب شاملة أو غزو أمريكي بري، ولكن كخيار يعزز وضع المجتمع الدولي خلال المفاوضات أو بعد التوقيع على الاتفاق.