عيد الفايز .. بدوي بثياب المدينة !

المدينة نيوز - خاص - كتب محرر الشؤون المحلية- ظل عيد الفايز ممسكا بمفاتيح وزارة الداخلية لاربعة اعوام متتالية، اذ اسند له الرئيس معروف البخيت هذه المهمة ليعتمدها من بعده الرئيس نادر الذهبي، ويكون ابو سداد سببا في اطفاء الحرائق التي اشعلها سابقوه في محيط الوزارة وميدان اختصاصها، وتحديدا في ساحة الاحزاب السياسية والنقابات المهنية، فيما تشير اوراقه الخاصة انه جلس على كرسي الوزارة لعشر سنوات متتالية، اي منذ اسند له الرئيس عبدالرؤوف الروابدة حقيبة العمل عام 1999، غير ان عيد الفايز يستطيع الحديث عن واقع الرياضة الاردنية وسواها، ليس من باب الهواية فقط، بل من باب الاطلالة على كثير من التفاصيل عند تسلمه لحقيبة الرياضة والشباب في حكومة المهندس علي ابو الراغب.
سعى لتقديم صورة مغايرة لوزارة الداخلية ووظيفتها، رغم معرفته بالصورة القلقة التي رسمتها سنوات الأحكام العرفية في أذهان المواطنين، إلا أن عيد الفايز حاول جاهدا مسح بعض تلك الذكريات الأليمة عن صورة وزارة ما تزال الألقاب ذات الوقع العسكري سائدة في أجواء عملها.
الحزبيون الذين كانوا مطاردين في السابق من أجهزة وزارة الداخلية، صار لهم دائرتهم الخاصة في الوزارة، التي تعرف حركة الأحزاب وحجم حضورها السياسي والشعبي، رغم أن عقدين من العمل الحزبي المعلن لم يكسرا تماما ًتلك الصورة التي حفظتها ذاكرة هؤلاء عن وزارة الداخلية، وصار عيد الفايز قادرا على تقديم صورة واضحة للاحزاب الاردنية التي تعرف الى كثير من اسرار حياتها الداخلية .
الذين يعرفون عيد الفايز عن قرب، يعرفون جيدا أنه يتحدث في مجالسه الخاصة كلاما مختلفا عن الكلام الذي كانت تفرضه عليه طبيعة وظيفته الرسمية في وزارة الداخلية او غيرها، ويعرفون أن الرجل الذي ينتمي عشائريا لواحدة من اكبر العشائر الأردنية، يحمل في داخله شجاعة البدوي ونقائه وثقافته ووعيه وشهامته، وهي صفات لم تستطع الوظيفة الرسمية مصادرتها أو تهميشها من سلوكية رجل يعيش في داخله وجعا كبيرا، بعد رحيل رفيقة دربه ام سداد، لكن أخلاق الرجل البدوي فرضت عليه سريعا مغادرة حالة الحزن حين كان يتصدى لقضايا كبيرة تهم الوطن كله، عاضا على جراحه الشخصية من اجل المصلحة العامة.
عيد الفايز المولود في قرية منجا على مشارف عمان، حصل على بكالوريوس في الاقتصاد من الولايات المتحدة الاميركية عام 1969 وعمل هناك حتى عام 1983 حيث قضى فيها ما يقرب من عشرين عاما، لذلك فهو يتقن اللغة الانجليزية جيدا ويعرف اسرار الحياة الاميركية، وعندما عاد إلى الأردن تسلم ادارة شركة النقل البري العراقية الأردنية، في فترة نشاطها الذهبي، ويعرف اصدقاؤه انه كان يباهي بالسيارة التي تسلمها هدية من الرئيس الراحل صدام حسين، ومن ثم عمل ابو سداد مديرا لمؤسسة الموانئ الاردنية وعاش اجواء العقبة وتعرف الى اسرار البحر فيها، قبل أن يصبح في العام 1992 أمينا عاما لوزارة الرياضة والشباب، وهي الوظيفة الرسمية الاخيرة التي شغلها قبل ان يتقاعد رسميا، ليعود للواجهة بعد ثلاث سنوات وزيرا.
منذ تسلم مهام عمله وزيرا للداخلية عام 2005 اتسمت الوزارة ومحيطها بالهدوء، في علاقتها بالمواطن والمؤسسات، وفرضت عليه طبيعة عمله التعامل مع ضيوف عرب بمئات الآلاف قرروا الإقامة المؤقتة في الأردن.
يحرص أبو سداد على اقتناص بعض الوقت لحياته الخاصة، التي يعود من خلالها إلى بيئته الأولى وشخصيته المتماهية مع شروط الحياة في مجتمع تداخلت فيه البداوة والمدينة، وصار قادرا على الإمساك بمفاتيح المدينة التي لم تغادر ثوبها وتقاليدها العشائرية، رغم عماراتها الشاهقة وشوارعها العريضة، ولم يتخل عن مسؤولياته الاجتماعية رغم ضغط ظروف العمل ومتطلبات الوظيفة.
في عهد عيد الفايز ظل باب مكتبه في وزارة الداخلية مفتوحا أمام الصحفيين، وصار طبيعيا أن تجد في مكتبه رجال المعارضة، وهو يحاورهم في هموم الوطن والأمة، فقد كسر الرجل الجدران الإسمنتية الوهمية التي خلفتها مرحلة الأحكام العرفية في محيط الوزارة التي ظل يقودها، لاربعة أعوام.