خطبة الجمعة المقترحة : مسؤولية الآباء نحو الأبناء

تم نشره الخميس 23rd تمّوز / يوليو 2015 09:40 مساءً
خطبة الجمعة المقترحة : مسؤولية الآباء نحو الأبناء
خطبة الجمعة المقترحة - تعبيرية

المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة 24/7/2015م ، والتي حملت عنوان : مسؤولية الآباء نحو الأبناء.

وفيما يلي عرض لتلك المحاور :

الأبناء هبة ربانية ، ونعمة عظيمة من الله تعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) ) سورة الشورى ، وهم من زينة الحياة : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) سورة الكهف (46) . وبقدر ما يتصفون بالصلاح والاستقامة يكونون قرة أعين لآبائهم وأمهاتهم ، و الاّ فهم مصدر فتنة وشقاء ، ولذا فقد تعددت أدعية الأنبياء والمرسلين والصالحين بسألون الله تعالى الذرية الصالحة الصالحة ، كقول ابراهيم الخليل عليه السلام : ( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) ) سورة الصافات ، ودعاء زكريا عليه السلام : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) ) سورة الأنبياء ، ودعاء المؤمنين : (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74) ) سورة الفرقان . فالابناء عطاء رباني كريم يستوجب الشكر ، لا باللسان وحده ، ولكن بما هو أعمق وأبلغ ، وهو احسان تربيتهم على ما ير ضي الله تعالى ، ويجعلهم بررة صالحين ، وبذلك يكونون حقا قرة أعين ، وبهذا تتأكد مسؤولية الآباء والأمهات نحو أبنائهم ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ (سورة التحريم (6) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ: أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ ( رواه النسائي وابن حبان .. وقال بعض أهل العلم : إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما للأب على الابن حق فإن للابن على أبيه حق.

إن مسؤولية الآباء والأمهات نحو أبنائهم، واقعة بين دافع المحبة لأبنائهم ، وواجب الدين نحوهم ، فاذا كان حب الذرية مركوزا في النفس الانسانية بالفطرة ، بمقتضى حكمة خلق الله تعالى ورحمته ، فعليها يبنى واجب الدين في تربيتهم على الايمان وحسن الخلق . والآباء والأمهات في ذلك أمام اختبارين شديدين : فإما هي محبة للأبناء حقيقية صادقة ، فشاهدها صدق العناية بهم، أو هي طاعة لله تعالى فيهم بتنشئتهم على الايمان والصلاح ، فبرهانها العمل فيهم بالتربية الصادقة الصالحة، وإلا فإن التفريط والتهاون سيؤدي إلى عواقب وخيمة وإلى الفساد والانحراف ، ولا سبيل لحمايتهم إلا بالتربية الصحيحة التي تجعلهم من أهل الايمان والتقوى والاستقامة . فمسؤولية الآباء والأمهات تجاه الأبناء مسؤوليةٌ كبيرةٌ، ومتعددةٌ ومتنوّعة، وفي رأسها وفي قمتها ومن أبرزها مسؤولية التربية الإيمانية، وذلك بتعليمهم أصول الإيمان وأركان الإسلام وتعليمهم مبادئ الدين القويم والأخلاق الحميدة الفاضلة، جاء في الحديث عن ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( افتحوا على صبيانكم أول كلمةٍ بلا إله إلا الله ) رواه الحاكم .

لقد حرص الإسلام علي إرساء الأسس الكفيلة ببناء الأسرة على قواعد ثابتة وأركان متينة لحمايتها من الهدم والتخريب ، وفصَّل في ذلك الحقوق والواجبات لكل من الآباء والأبناء، وبيان طبيعة العلاقة بينهم وكيفية التعامل فيما بينهم بيانا واضحاً لا يسوغ إنكاره، وجعلها فريضة إلهية يجب الوفاء بها وسيكون السؤال عنها يوم القيامة، ويكون الجزاء بما يناسب العمل، ومن جملة هذه الحقوق هو أن يحسن كل من الزوجين اختياره للآخر ففي الحديث الشريف : ( اختاروا لنطفكم المواضع الصالحة ) وقال صلى الله عليه وسلم : (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) ، فإن حسن اختيار الزوجة وحسن اختيار الزوج ليس حقا خالصا للزوج أو الزوجة فقط وإنما هو حق الولد أن تكون له أم صالحة وأن يكون له أب صالح ، وقد سئل عمر بن الخطاب ما حق الولد علي أبيه؟ فقال: « أن ينتقي أمه ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن»، فعملية الإعداد والرعاية في مرحلة النشأة الأولى للإنسان وهي مسؤولية الوالدين وهي مناطة بهما. ومن جملة حقوق الأبناء حماية حياتهم من الأخطار والمهالك والمفاسد ، وتوفير البيئة الصالحة لنموهم وصحة أبدانهم ونضج عقولهم ، وهم ليسوا بالغذاء وحده يحيون ويعيشون وإنما هم بأمسِّ الحاجة إلى غذاء الحب والحنان والود والرعاية ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلت أحداً منهم، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( من لا يرحم لا يرحم )، لذا فإن الود والرحمة تجعل من الابن سوي السلوك بعيداً عن العلل النفسية والأمراض الاجتماعية.. ومراعاة للحالة النفسية لدى الأبناء وبهدف غرس المحبة بينهم فقد اهتم الإسلام بموضوع العدل بين الأبناء؛ فنهى عن التفريق في المعاملة بينهم وكانت نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف) فإن العدل يحمي الأولاد من كل صور الاضطراب النفسي والاجتماعي .. وفي ذات الوقت كذلك فقد حرص الإسلام علي حماية الأبناء بكل الوسائل المشروعة التي تحقق لهم الأمن الاجتماعي، ومنها بل وأهمها ألا يكونوا مسرحاً للصراع بين الوالدين وشقاقهما ونزاعهما أو أن يساوم بهم في الصراع بينهما، قال تعالي: (لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا (سورة البقرة (233) .

أيها لآباء أيتها الأمهات أيها المربون : الأبناء يعكسون صورة آبائهم وأسرهم من خلال تصرفاتهم وممارساتهم القولية والعملية ، فأنتم أيها الآباء ترسمون بما تمثلونه لأبنائكم من قدوة شخصيتهم وسلوكهم وأخلاقهم ، يتأثرون أكثر بأفعالكم وأحوالكم، فحين يجدونكم على الايمان والصدق والعبادة وحسن الخلق في جميع مناحي الحياة ، فأنتم بذلك توجهون لهم حقا الخطاب التربوي المقنع والفاعل .. ولكنهم حين يؤمرون منكم بما لا يجدون فيكم ، أو ينهون عما يجدون ، فإن ذلك يقتل عنصر الثقة والمصداقية ، قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) ) سورة الصف ، فكم من منكرات وانحرافات في بعض الأبناء ما هي الا انعكاسات وآثار لقدوات سيئة من بعض الآباء ، لا يشعرون بها أو لا يكترثون .

أيها المسلمون : إن النصوص الشرعية الحكيمة تدعونا جميعا بأن نتقي الله تعالى في أبنائنا ، فهم أمانة في أعناقنا ويجب أن نتحلى بروح المسؤولية نحوهم وأن نحيطهم بالتوجيه والإرشاد وغرس القيم والأخلاق والعادات والتقاليد الإيجابية في نفوسهم ، وأن نتعاون مع جميع المؤسسات في مجتمعنا من أجل أن نأخذ بأيدي أبنائنا نحو الخير والفضيلة والصلاح والعطاء ، وتحقيقا لمبدأ التعاون وحفاظا على أبنائنا فإننا نوجه الآباء الكرام إلى حث أبنائهم على الالتحاق بالمراكز الشبابية الثقافية التدريبية التي تعقد بالتعاون مع القوات المسلحة الاردنية مجانا ولمدة شهر واحد ، ويشرف عليها أساتذة مختصون على درجة كبيرة من الخبرة والكفاءة في التربية والتوجيه والتعليم، ويقضون هذا الشهر بأيدٍ أمينة حريصة على أبنائنا وعلى صقل قدراتهم وتوجيه طاقاتهم وتأهيلهم كي يكونوا أكثر عطاء وفاعلية في المجتمع ويسهموا في أمنه واستقراره .

الخطبة الثانية :

السعادة والفرح والسرور والاحتفال بحدوث نعمة وتحقيق بُغية مشروع في ديننا الحنيف ، وفي إطار القاعدة الشرعية : ( لا ضرر ولا ضرار ) فإن الأصل أن يعبر الإنسان عن فرحه وسروه ضمن ضوابط الشرع دون إحداث معصية أو إيذاء للآخرين ومراعاة ما أوجبت الشريعة الغراء حفظه من الضرورات الخمس : الدين ، النفس ، العقل ، العرض ، المال ، دون مخيلة ولا إسراف ولا تبذير ، إلا أننا نعيش أمام ممارسات وتصرفات ترافق بعض المناسبات والأفراح وحفلات الزواج أو التخرج أو نتائج الثانوية العامة ، تلك الممارسات التي تضر بالآخرين فضلا عن أنها تضر بالمصلحة العامة ، التي منها إطلاق العيارات النارية ومواكب السيارات والمركبات وما تطلقه من أصوات مزعجة فضلا عن إغلاق الطرقات ، وكذلك بناء الخيام الكبيرة للأفراح أو الأتراح في وسط الطرقات مما يؤدي إلى إغلاقها وعدم استفادة الناس من استخدامها ، وكذلك تلك الألعاب النارية التي تطلق بعشوائية وأسلوب خطير وبأصواتها المزعجة ..

وهنا نتساءل كيف يفرح بعض الناس على حساب تعريض حياة الآخرين للخطر والهلاك وإغلاق الطرقات وإعاقة السير ؟ ألم يسمع هؤلاء بقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58) ) سورة الأحزاب ، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم ) .

فكم من آمن أزهقت روحه برصاصة أطلقت في غمرة فرح أحدهم ، وكم من طفل صغير أو طفلة يعيش بين أهله بفرح وسرور فتأتي يد آثمة تغتال الابتسامة والفرحة من هذا الطفل وتلك الأسرة فيعيش حياته في إعاقة دائمة وشقاء وعناء للأسرة والعائلة ..

إنها أحوال مؤلمة نعيشها في حياتنا نتيجة عدم التمعن او التفكر فيما يتصرفه بعض الناس ، ويا حبذا أن يعي هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لرجل أن يروع مسلماً ) وفي رواية ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يروعن مسلماً ) رواه الطبراني .

وفي هذا المقام نتوجه بالنداء بأن لا نجعل من أفراحنا أكدارا وأتراحا وأحزاننا وآلاما عند الآخرين بل لنجعل الجميع يفرح بفرحنا وذلك بحسن التصرف وإحياء هذا الفرح بطريقة حضارية لا تعرض حياة الآخرين للخطر ، ولنستبدل تلك السلبيات بعادات وتصرفات إيجابية تدخل الفرح والسرور على أبناء المجتمع جميعهم .

ولا يفوتنا أن نذكر في هذا المقام وحيث انه تكثر في فصل الصيف الرحلات للمتنزهات والحدائق ويبحث الناس عن متنفس لهم ولأسرهم ، وكما هو معلوم فإن ديننا الحنيف لا يمنع ذلك إلا انه ينبغي التنبيه إلى الاهتمام بالنظافة والمحافظة على البيئة بعدم ترك بقايا الطعام والنفايات في مكان جلوس الناس وظلهم ، وكذلك المحافظة على الأشجار بعدم تقطيعها أو أجزاء منها بغية الحصول على الحطب أو التسبب بإحراقها .

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات