خطبة الجمعة المقترحة : الارهاب خطر على الأمة وشعائر الاسلام

المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة بتاريخ 7/8/2015 ، والتي حملت عنوان : الارهاب خطر على الأمة وشعائر الاسلام
وفيما يلي عرض لتلك المحاور :
الخطبة الأولى :
قال الله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَـاةِ(.
المساجد بيوت الله تعالى شرفها وعظّمها، فقال تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ) وحثّ على عمارتها، فقال جل وعلا: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ) وهي أحبّ الأماكن إلى الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب البلاد الى الله مساجدها) يؤمّها المسلمون ويقيمون فيها شعائر الله تعالى من صلوات وجُمع وعبادات ودعاء، حيث يقفون فيها صفاً واحداً متوجهين بقلوب الضراعة الى الله (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) .
وتأكيداً على مكانة المساجد وحرمتها، أمر الاسلام باحترامها وتعهدها والمحافظة عليها والاعتناء بها، وتطييبها وتزيينها من الأقذار والروائح الكريهة، كما نهى عن انتهاك حرمتها، فقال الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا).
وإن مما يدمي القلب ويندى له الجبين وتقشعر له الابدان، ما نسمع به وما نشاهده بين فترة وأخرى من انتهاك حرمات المساجد وتفجيرها وهدمها على رؤوس المصلين الموحدين، مما يستنكره كل صاحب ضمير.
ونحن في المملكة الاردنية الهاشمية نرفض هذا الاعتداء الصارخ وندينه بشدة، وبخاصة تلك الاعتداءات الآثمة على بيوت الله تعالى في المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الكويت الشقيق، حيث تتزامن هذه الاعتداءات على المساجد وبيوت الله تعالى مع تلك الاعتداءات الآثمة التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي نحو المسجد الاقصى المبارك.
ان هذا العمل الارهابي الجبان، الذي أودى بعشرات الضحايا في بيت من بيوت الله تعالى لهو أكبر دليل على استخفاف هؤلاء المجرمين القتلة بحرمات الله تعالى وحرمات المساجد، مما يؤكد أن هؤلاء القتلة لا يمتّون للإسلام بصلة، وأنهم يخالفون بذلك أمر الله تعالى بالمحافظة على النفس وعدم التعرض لها بالقتل أو الاذى، قال الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ)، كما يخالفون أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: (ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهون عند الله تعالى من قتل أمرئ مسلم) .
ان هذا العمل الارهابي الجبان انما ينّم عن فكر فاسد عقيم استحق اصحابه الوعيد من الله تعالى، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء 93 ، حيث قاموا بجريمة شنيعة نكراء فقتلوا أنفساً تقف بين يدي الله تعالى، ودمّروا بيتاً ترتفع من على مآذنه كلمة التوحيد، وبذا فان هؤلاء المجرمين يستحقون ما أوجب الله تعالى من عقوبة، قال الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ).
إن مِثل هذه الاعمال الارهابية الجبانة انما يحقق مصالح واطماع اعداء الامة ولا يجر على عالمنا الاسلامي إلا المزيد من العناء والفرقة والاختلاف وقتل الابرياء وزعزعة الأمن وترويع الآمنين ونشر الذعر والخوف والرعب.
إن واجبنا امام هذا الحدث الجلل أن نواجه كل أشكال التطرف والارهاب والغلو بحزم وجدية، وأن يلتف الناس تحت راية القيادة الحكيمة في مواجهة هؤلاء القتلة الذين يشوهون صورة الاسلام ويسيئون اليه، وأن نعمل جميعا على تجفيف منابع الارهاب وتطهير المجتمعات من تلك الفئة الضالة المخربة المجرمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد السهم على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منا في شيء، من قتلهم كان أولى بالله منهم قالوا: يا رسول الله ما سيماهم قال التحليق) رواه أبو داود.
الخطبة الثانية :
إن العناية بالبيئة والمحافظة عليها من خصال الإيمان وشعبه ومن أخلاق الإسلام، وهو مطلب شرعي أكد عليه ديننا الحنيف من خلال الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ، ومن ذلك ما ذكرته آيات القرآن الكريم من أمر بالعناية بالبيئة والنهي عن الإفساد فيها فقال الله تعالى: ( وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ) سورة الأعراف (56) ، وقال الله تعالى: ( وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152) ) سورة الشعراء، وقوله تعالى: ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) ) سورة القصص، كما جاءت الأحاديث النبوية الشريفة تدعو إلى حماية البيئة والعناية بها وصيانتها والمحافظة على سلامة عناصرها .
نعيش في أيامنا هذه بعض الاعتداءات الصارخة على البيئة ومكوناتها وبخاصة الثروة الحرجية والغابات والمتنزهات، تلك التي ينشد فيها الناس استنشاق الهواء العليل وجمال الطبيعة، فتصدر عن بعض الناس تصرفات سلبية مقيتة من قطع للأشجار وأغصانها وإشعال للحرائق وإلقاء للنفايات والزجاجات وإفساد لجمال الطبيعة الذي يتنافى مع مقاصد ديننا الحنيف وقواعده السامية ومن ذلك القاعدة الشرعية التي تقول: ( لا ضرر ولا ضرار)، وجاء في الحديث الشريف: "من آذى المسلمين في طرقاتهم وجبت عليه لعنتهم" رواه الطبراني، فكيف إذا كان ذلك الإيذاء في المتنزهات والأماكن التي يروِّح فيها الناس عن أنفسهم .
البيئة بجميع مكوناتها وبخاصة الأشجار الحرجية منها هي ثروة وطنية ، فقد جاء في الحديث الشريف: "الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار" رواه ابن ماجة، والشراكة تعني الملكية العامة للجميع ، فليس لأحد أن يبدِّدها أو أن يستبدَّ بها أو أن يفسدها أو أن يلوثها أو أن يعرضها للتلف والحريق والاندثار، قال الله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) ) سورة البقرة . فمسؤولية الحفاظ على البيئة مسؤولية جماعية يشترك فيها جميع أبناء المجتمع، كما يجب أن نغرس في نفوس أبنائنا المحافظة على البيئة ونظافة الطرقات والحدائق والمرافق العامة ومراعاة السلوك الإيجابي نحو البيئة ، فبالقدر الذي يتمتعون فيه ببيئة صالحة نقية يعيشون حياتهم بسلامة صحية ونماء عقلي ومستقبل واعد بإذن الله تعالى .
في الوقت الذي يحث فيه الإسلام على الطهارة والنقاء والمحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث المادي، فإنه يدعو إلى حماية الأجساد والعقول من تلوث المعاصي والذنوب ومن التلوث الفكري، فقال الله تعالى: ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) ) سورة الروم ، وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلَحتْ صلَحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدت فسدَ الجسدُ كلُّه، ألا وَهِي القلبُ" رواه البخاري ومسلم، وفي الوقت الذي ندعو فيه للمحافظة على البيئة التي تحيط بنا، فإننا ندعو إلى المحافظة على العقول من أي تلوث يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام الحنيف أو إلى تغيير معالمه بانحراف عن معالم الوسطية والاعتدال والسماحة أو الضلال والمعاصي والانسلاخ من شرائعه ، فلا إفراط ولا تفريط .