خطبة الجمعة المقترحة : الفضائل العشر من ذي الحجة

المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة بتاريخ 18/9/2015 ، والتي حملت عنوان : فضائل العشر من ذي الحجة .
• إن أحب الأشهر إلى الله تعالى الأشهر الحرم ، وأحب أشهرها إليه شهر ذي الحجة ، وأفضل أيام ذي الحجة العشر الأول ، التي أقسم الله بها في كتابه تبارك وتعالى ، فقال : " والفجر ، وليال عشر " قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم هي عشر ذي الحجة . وهي أفضل أيام الدنيا كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر " [ رواه البزار وابن حبان ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح ، والتحميد ، والتهليل ، والتكبير " [ رواه أحمد والطبراني ] .
• ومن فضائل العشر من ذي الحجة :
تجتمع في هذه الأيام أمهات العبادات من عمرة وحج وصيام وصلاة ودعاء وذكر وتسبيح وتلبية وصدقات ففيها يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ، الذي تبدأ فيه أعمال الحج و فيها يوم عرفة حيث الركن الأعظم من أركان الحج ، الذي لا يتم الحج إلا به ، فالحج عرفة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وخير الدعاء دعاء يوم عرفة ( رواه الترمذي) فيتوجه المؤمن إلى الله تعالى في هذا اليوم العظيم المشهود الذي يستحب صيامه لغير الحاج ، أما الحاج فلا يصوم ليتفرغ للدعاء ويتقوى على العبادة هناك ، وأما غير الحاج فالمستحب له ألا يترك صيام هذا اليوم العظيم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " صوم يوم عرفة يكفر سنتين ، ماضية ومستقبلة . . . " [ رواه مسلم وأحمد والترمذي ] .
• ومن فضائل العشر أن العمل الصالح فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام ، يعني العشر ، قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء " [ رواه البخاري وغيره ] .
• ومن فضائل العشر أن فيها يوم النحر وفيه ذبح الهدي والأضاحي ، والأضحية سنة مؤكدة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث على فعلها لما فيها من التقرب إلى الله عز وجل بإراقة الدماء ، ولما فيها من سد لحاجة الفقراء والمساكين ، وفيها إحياء لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام فقد سئل عليه الصلاة والسلام عن الأضاحي فقال : سنة أبيكم إبراهيم قالوا وما لنا فيها قال بكل شعرة حسنة قالوا فالصوف يا رسول الله قال بكل شعرة من الصوف حسنة) رواه البخاري، فينبغي لكل قادر موسر ألا يدعها ، لأنها شعيرة عظيمة من شعائر الدين الإسلامي الحنيف قال الله تعالى : " لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم " الحج 37، وقال تعالى : " فصل لربك وانحر " الكوثر 2 ، وعن أنس رضي الله عنه قال : " ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده وسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما " [ رواه مسلم ] ، ويبدأ وقت ذبحها بعد صلاة العيد ، قال صلى الله عليه وسلم : " من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين) رواه البخاري ، وينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق ، أي أن وقت الأضحية يوم العيد وثلاثة أيام بعده.
• والمجزئ من الأضاحي ما كان من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والضأن والمعز ذكراً كانت أم أنثى ، والسن المعتبرة في ذلك بالنسبة للإبل ما بلغ خمس سنين ودخل في السادسة ، وفي البقر ما بلغ سنتين ودخل في الثالثة ، وفي المعز ما بلغ سنة ودخل في الثانية ، وفي الضأن ما بلغ ستة أشهر فما فوق ، ولا يجزئ ما كان أقل من ذلك ، أما العيوب التي تمنع الإجزاء فهي المذكورة في حديث البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والعجفاء التي لا تنقي " [ رواه الخمسة ] والعجفاء هي الهزيلة التي لا مخ فيها .
• يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يمس من شعره ، ولا من بشره شيئاً " [ رواه مسلم وغيره ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم هلال ذي الحجة ، وأراد أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره حتى يضحي " [ رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة] ، فيستحب لمن أراد أن يضحي ودخل عليه العشر من ذي الحجة أن لا يأخذ شيئاً من شعره ولا من أظافره ، وهذا الحكم منوط بالمضحي دون المضحى عنه، وهذه سنة مستحبة تشبهاً بحال الحجاج .
• ومن المستحب للمسلم أن يقوم بصيام هذه الأيام المباركات لفضلها وعظيم أجرها . فاغتنموا عباد الله هذه الأيام بالأعمال الصالحة من بر وصلة رحم ، وصدقة وذكر لله تعالى ، وكثرة للنوافل وقراءة القرآن بتدبر وخشوع ، وكثرة الدعاء إلى الله عز وجل ، وما أعظمَ الأجرَ الذي ينالُه مَن يسعى في قضاء حاجة إخوانه، ويفرج كُرَب أقاربه وخِلاَّنه! إذ ينالُ ذلك الثواب في موقف هو أحوج فيه للحسنات، يوم يقف بين يدي رب الأرباب، يوم العرض والحساب، حيث يشمل كل عمل قام به نحو المحتاجين، ومَن ضاقتْ عليهم أحوالهم، سواء يسَّرَ عليه في قضاء دينه، أو سدده عنه، أو فَكَّ ضائقته، أو شفع له عند مَن يعينه، أو سهل له مهمته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَنْ فَرَّج عن مسلم كربةً، فرَّج الله عنه بِها كربةً من كرَب يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة))؛ متفق عليه.
• إن مساعدة الآخرين وعونهم التي دعا الإسلام إليها لا تتوقَّف عند حدٍّ، ولا تختص بقريب أو صديق، ولا بوقت دون آخر، بل كلَّما سنحت الفرصةُ للعوْن والمساعدة، وكان المسلم قادرًا على فعلها وقضائها، فحريٌّ به أن يسارعَ إلى تقديمها، فإن ذلك مما يؤلِّف القلوب، ويقرب النفوس، ويضفي على العلاقات رباطًا قويًّا من المودَّة والمحبة والأنس، كما قيل:
أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَعْبِدْ قُلُوبَهُمُ فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإِنْسَانَ إِحْسَانُ
مَنْ كَانَ لِلْخَيْرِ مَنَّاعًا فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الحَقِيقَةِ إِخْوَانٌ وَخِلاَّنُ
أَحْسِنْ إِذَا كَانَ إِمْكَانٌ وَمَقْدِرَةٌ فَلَنْ يَدُومَ عَلَى الإِنْسَانِ إِمْكَانُ .