افتتاح مؤتمر الحفاظ على الموروث الأثري في شمالي الأردن

المدينة نيوز :- مندوبة عن سمو الامير الحسن بن طلال رعت سمو الاميرة سمية بنت الحسن افتتاح مؤتمر "الحفاظ على الموروث الأثري وصيانته وتعزيز السياحة في شمالي الأردن" الاثنين، في متحف الاردن بمنطقة راس العين.
وقالت سمو الاميرة سمية في كلمة القتها في افتتاح المؤتمر الذي نظمته دائرة الاثار العامة وجامعة اوكسفورد في بريطانيا "ان المؤتمر يسعى الى زيادة قدراتنا لفهم تنوع الموروث الاثري في الاردن، ونعمل ما بوسعنا لتحقيق ذلك من خلال تعاون متعدد الاوجه مع تمكين الابتكار التكنولوجي".
وعبرت سموها عن ايمانها العميق بأن الابتكار في البحث والتفسير يجب ان يعيد احياء ادارة وحفظ موروثنا الاثري وضمان ان تستفيد اجيال المستقبل من ثروة الماضي المشترك.
وقالت سموها "نحن الاردنيون محظيون كوننا ورثنا حضارات قديمة متعددة في ارض شهدت محطات للعديد من الحضارات التي تركت بصمتها من خلال مشهدية لمناظر خالدة".
واضافت سموها "نحن متحدون بشكل حاسم في رغبتنا لحماية تراث الماضي، واتاحة الفرصة لاجيال المستقبل للعب دور في تفسير موروثنا".
وتابعت "انه من المحزن، لا سيما في هذه المرحلة التي نشهد في المنطقة ازمة، ان نناقش ونتأمل صعود وزوال مجتمعات قديمة، ووضع منهجيات لاعادة تقييم مكانتهم باحداث اقليمية اوسع.
وقالت سموها ان "التراث الثقافي مصدر غير متجدد، ما يتوجب علينا ان نحرسه جيدا، وان الاوقاف التراثية، تعتبر ممتلكات يمكن اذا ما تم ادارتها بالشكل المناسب، من ان تولد قيما اقتصادية، واجتماعية مستدامة، مشيرة سموها الى ان الاردن قدم الكثير لرفع مستوى الشعور الاخلاقي فيما يتعلق بالرعاية لدى مجتمعاتنا خصوصا في جوانب الحفاظ على التراث المادي.
ولفتت سموها الى ان التكنولوجيا الحديثة لديها الكثير لتمنحه لنا في اكتشاف والحفاظ على ماضينا البعيد والقريب، ويتعين علينا ان نعترف بالاستخدام المبتكر للتكنولوجيا وعلم الاثار، والحماية، كما يتعين علينا ان نمضي قدما لتطبيق ادوات حديثة لاكتشاف الفروق الدقيقة للحقبات التاريخية الماضية، ولكن يجب علينا ان نتذكر ان المجتمعات بحاجة الى مهارات بسيطة للادارة وان تبقى راعية لتراثها الثقافي، مشيرة سموها الى انه هذا الاسلوب تطبقه الجمعية العلمية الملكية في عملها للوصول الى المناطق الريفية التي تعاني من الفقر في المملكة.
وقالت سموها "نحن ملتزمون في متحف الاردن باجراء البحوث والدراسات، وفي طور اعداد محور لخلق المعرفة والتشارك فيها، تقاد من خلال مجتمع امناء المتاحف والباحثين، مثمنة سموها القيمة الكبيرة التي تتآتى من المدخلات العلمية المستمرة التي يقدمها المتخصصون من مختلف انحاء العالم".
واشارت سموها الى ان البحث العلمي يعد من احد اعمدة نشاطات متحف الاردن، اضافة الى المعارض والتعليم، والنهوض بالمجتمع، لافتة الى ان المتحف نظم العديد من المؤتمرات في موضوعات متنوعة خلال الاعوام الماضية وتضمنت ادارة التراث الثقافي والتعليم والسياحة المستدامة".
وقالت سموها ان المتحف حريص على دعم مؤتمرات يشارك فيها رعاة وداعمون، مؤكدة الحرص على نشر الابحاث لجمهور عريض وخصوصا العلماء وجيل الباحثين الشباب الذين سيشكلون في المستقبل دعامة للمجتمع العلمي في الاردن".
واضافت سموها "من الواجب علينا ان نواجه تحديا جديدا في الميدان، وعلينا ان نكافح لجعل الناس اكثر وعيا لاهمية علم الاثار رغم انشغالاتهم اليومية"، داعية سموها "الى ضرورة دعم التعليم الذي يشجع شريحة اوسع من العامة للتعلم من الماضي المشترك".
ودعت سموها الى "استخدام اخر ما توصلت اليه التكنولوجيا في علم الاثار في اكتشاف الفروقات الدقيقة للحقبات التاريخية الماضية في الوقت الذي يبدو فيه المستقبل في هذا الجزء من العالم احيانا ملتبسا".
واشارت سموها الى ما اقدمت عليه عصابات داعش الارهابية من تدمير لمعبد بعل شامين في تدمر، داعية سموها الى مضاعفة الجهود لترسيخ اهمية التراث المادي في قلوب المجتمعات بغية المحافظة عليها.
وقالت سموها ان هذه الايدولوجيات المتطرفة منخرطة في حرب دعائية ضد موروثنا القديم، حيث يدمرون ويقلصون ثقافة وموروث الناس في المنطقة والعالم، وهذا الفعل الاخير من التخريب الايدولوجي لموروثنا الثقافي الجمعي تلا طمس معالم حيوية اخرى منها معبد النبي يونس ومدينة النمرود القديمة"، مشيرة الى ما ذكرته مدير عام منظمة اليونسكو ايرنا بوكوفا من ان ما حدث من تدمير ممنهج يحمل في طياته حرمان الشعب السوري من المعرفة والهوية والتاريخ.
ودعت سموها الى اغلاق القنوات والممرات التي يتم من خلالها تهريب القطع الاثرية من خلال فرض قانون فعال وتعليمات مناسبة لسوق الاثار علاوة على حملات التوعية التي تؤكد قيمة والموروث الثقافي الجمعي.
وكان وزير السياحة والاثار نايف حميدي الفايز القى كلمة في افتتاح المؤتمر الذي يستمر 3 ايام، اشار فيها الى اهمية المؤتمر الاول لحماية الماضي بمشاركة نحو 32 متخصصا لعرض ومناقشة ابحاث تتعلق بالاعمال الاثرية في شمالي الاردن.
وقال الفايز "نلتقي اليوم حيث يجمعنا قاسم مشترك يهمنا جميعا وهو السياق الأثري الثمين في الأردن والذي يحكي قصة حياة الإنسان على مر التاريخ، والعديد من المواقع الأثرية التي توضح للعالم أجمع قدرة الإنسان على ترويض البيئة والمكان وإظهار التطور في حياته وأدواته".
ولفت الى اهمية الاردن التاريخية، مشيرا الى انه كان موئلا رئيسا للحضارات، وتقدم مواقعه الأثرية العديدة تسلسلا زمنيا كاملا عن حياة الإنسان على هذه الأرض، اذ أظهرت المسوحات والحفريات الأثرية أن أرض الأردن كانت مسكونة من قبل الحضارات المختلفة.
واشار الى ان التحدي الأكبر الذي يواجه مواقعنا الأثرية يتعلق في تطبيق أفضل الممارسات العالمية في الحفر والمحافظة عليها وترميمها، وادارة هذه المواقع والتي تتطلب وجود شراكة قوية جدا ومستدامة بين مؤسساتنا الوطنية والدولية التي تتعامل مع التراث الثقافي بحيث تؤمن المسؤولية المشتركة في الحفاظ على هذا التراث بما يلبي ميثاق البندقية 1964.
واشار مدير عام دائرة الاثار العامة الدكتور منذر جمحاوي الى ان حرص الدائرة الشراكة مع جامعة أكسفورد لتنظيم هذا المؤتمر ينبع من ادراكنا لأهمية البحث الذي يتبع العمل الميداني أيا كان، والمسوحات والحفريات، أو المناقشات ونشر المعرفة، التي تنتج من هذه المؤتمرات تشكل عامل حسم للوصول الى تحليلات وتفسيرات أفضل للتداخلات.
واستعرض منجزات دائرة الاثار العامة والتطورات التي شهدتها، مشيرا الى تسجيل اكثر من 22000 موقع اثري في الاردن من خلال انظمة الرصد الحديثة "جي بي اس" و"جي آي اس" .
وقال ان الدائرة تعمل على إعطاء المزيد من الجهود في بناء وتعزيز علاقات جيدة مع العديد من المنظمات والبعثات الدولية التي تعمل على استكشاف أسرار الماضي في منطقتنا.
وبين انه يمنح عادة أكثر من 80 تصريحا في كل عام لبعثات علمية مختلفة للقيام بمسوحات أثرية جديدة، وحفريات، أو أعمال الحفظ.
واشار الى ان استراتيجية الدائرة الخمسية للفترة 2014-2018 اصبحت جاهزة من خلال رؤية واضحة ورسالة وأهداف تتكيء على مباديء رئيسة تعتمد على مفاهيم استدامة الموارد، والقدرة التنافسية الدولية، ومشاركة المجتمع واقامة شراكات جيدة.
ولفت إلى ابرز التحديات التي تواجه المواقع الأثرية في الاردن والمتمثلة في تطبيق أفضل الممارسات الدولية في تفسير وترميم وإدارة هذه المواقع.
والقى مدير عام متحف الاردن المهندس ايهاب عمارين كلمة استعرض فيها المراحل التي مر فيها المتحف منذ التأسيس مشيرا الى جهود جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اصداره الارادة الملكية السامية 2002 لانشاء المتحف الوطني للاردن ليتجسد على ارض الواقع عندما رعت جلالة الملكة رانيا العبدالله رئيسة مجلس امناء المتحف وضع حجر الاساس له عام 2005.
وثمن عمارين جهود سمو الامير الحسن بن طلال في دعم فكرة تأسيس المتحف عندما نظم المؤتمر الدولي الاول للتاريخ والاثار في الاردن والذي عقد في جامعة اكسفورد حيث اوصى المشاركون فيه بانشاء متحف وطني في الاردن، وترؤس سموه لجمعية الثقافة الاردنية عام 1989 والتي ارست المفاهيم العامة للمتحف.
كما ثمن جهود سمو الاميرة سمية بنت الحسن نائب رئيس مجلس امناء المتحف التي عملت على وضع المتحف كمؤسسة وطنية واقليمية تهدف الى ابراز ثراء التراث الثقافي الاردني والمحافظة عليه.
ولفت الى الدور الرئيس الذي يقوم به المتحف بحماية الترات الوطني وعرض مظاهره المبتكرة والمختلفة بالطريقة التي يستحقها لأنه يعبر عن هوية الأمة، وتاريخ وتراث الاردن وروح وتطلعات الأردنيين، مثلما يوفر مصدرا قويا للمتعلمين من جميع الأعمار، بوابة للسياح، ومنصة للوصول إلى المجتمعات المحلية والإقليمية والعالمية.
وبدوره أشار الدكتور روبرت بويلي من جامعة اكسفورد ممثل مشروع "انقراض الاثار في منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا EصENA " الى انه من خلال الأعمال السابقة التي أجريت في الأردن منذ عام 1997 من قبل البروفيسور كينيدي وروبرت بولي، أصبح من الواضح أن الموارد الأثرية الغنية جدا في الشرق الأوسط ترزح تحت ضغوط هائلة، من الحرث وبناء الطرق والمساكن والتوسع الصناعي علاوة على ما تتعرض له من نهب للقطع الأثرية.
وبين ان مشروع EصENA يعمل بشكل وثيق مع دائرة الآثار العامة في الأردن، بما في ذلك على مسح الطريق الدائري في مادبا، والذي هو قيد الإنشاء حاليا حيث قدم اكتشافات جديدة عن المواقع المحفوظة بشكل جيد للغاية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مشيرا إلى انه وجدت أدلة على مواقع متضررة ومدمرة في كل من مصر وليبيا واليمن وسوريا والعراق والمملكة العربية السعودية.
وتابع المؤتمر جلساته بعدد من اوراق العمل حيث راس الجلسة الاولى الدكتور زيدان كفافي من الجامعة الاردنية وحملت اوراقها عناوين "ظهور بيلا الهلنستية" للدكتور جي تيدمارش من جامعة سيدني، و"مستقبل ابيلا في شمالي الاردن" للدكتور دي فيلا من جامعة جون براون، و"دراسة حول ام الجمال" للدكتور بي دي فريز من كالفن كوليج، وجي ديكوك من "اوبن هاند ستوديوز" ، و"المدينة القديمة جدارا/ام قيس" للدكتور سي بورهريغ من المعهد الالماني للاثار.
فيما رأست الجلسة الثانية الدكتور ميسون النهار من الجامعة الاردنية وحملت اوراقها عناوين "ظهور مكانة الفترة الاسلامية في جرش" للدكتور ايه والمسلي من جامعة كوبنهاجن، و"الحفريات الجديدة في جرش" للدكتور أ. الشامي من دائرة الاثار العامة، و"المناظر الطبيعية لمواقع الاثار في مرتفعات عجلون" للدكتور دي بوير من جامعة غرب استراليا.
(بترا)