خبراء عرب يؤكدون دور الاعلام بالتصدي لظاهرة الارهاب

المدينة نيوز:- قال مدير عام وكالة الانباء الاردنية (بترا) الزميل فيصل الشبول، إن من أهم الرسائل لمواجهة الارهاب ، تلك التي تتناول البعد الانساني حيث يميل الإنسان بالفطرة للسلم مقابل الطبيعة الإجرامية للعصابات الإرهابية كداعش وما تقوم به من ذبح وحرق وتدمير.
واكد الشبول الذي ترأس الاجتماع وقدم ورقة العمل الأردنية التي حملت عنوان "الرسائل المضادة في مواجهة الإرهاب" ، أهمية الرسائل الإيجابية، والتي تعتبر نقاط قوة في الخطاب المضاد ضد الإرهاب.
وبين أن :"الحرب على الإرهاب في منطقتنا هي حربنا كعرب ومسلمين، كما أعلن جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اليوم الأول لانخراطنا في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب, ذلك أن الإرهابيين يحاولون اختطاف ديننا وثقافتنا ويشوهون أمتنا وحضارتنا".
ولفت الى أن التحالف الدولي ضد الإرهاب، الذي تشارك فيه العديد من الدول العربية، يؤكد أن النتيجة الحتمية بمواجهة عصابة داعش الإرهابية ستكون هزيمتها، وأن المشكلة في المدة الزمنية لتحقيقها والتي قد تحتاج الى عدة سنوات.
وأضاف أن الإرهاب يتحرك في أربعة مجالات هي: المكان (أرض المعركة)، والتمويل والتجنيد والمجال الإعلامي المعلوماتي، وخصوصا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، التي تشكل دعما اجتماعيا قد يكون من أهم أسباب التطرف.
وقال الشبول :"إن معركة الإعلام ليست أقل أهمية من المعركة العسكرية، وهنا تأتي أهمية وسائل الإعلام والاتصال والتواصل الاجتماعي واستخدام المنابر ودور العلم، وفي الوقت ذاته فإنه من غير الممكن تصميم خطاب واحد، لان لكل دولة خصوصية تميزها ولا سيما عندما نتحدث عن تحالف يضم اكثر من ستين دولة من مختلف الأمم".
ولفت إلى خطورة اصرار بعض الفضائيات على استخدام تسمية التنظيم بالدولة الاسلامية واستضافة اشخاص يبدو وكأنهم متعاطفين مع العصابات والتنظيمات الإرهابية.
وتابع : من الضروري أن نبين للعالم رفضنا لاختطاف الدين من قبل داعش ورفضنا للطائفية وأن النصر يجب أن يكون شاملا على الصعيدين العسكري والفكري.
وشدد الشبول على أهمية استهداف الشباب بالرسائل الإعلامية المضادة للإرهاب، ودعم بناء القدرات المحلية في تصميمها وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإبراز قصص نجاح التحالف وقوته.
وركز على ضرورة القيام بجهود لكشف زيف عن العصابات الإرهابية من خلال التصدي لخطابها وعزلها بوسائل فعالة وموحدة وتقويض التوجه نحو فكرها ودعم الاصوات الموثوقة والحقيقية في المنطقة وخارجها للقيام بذلك، مشيرا، في هذا الجانب، إلى أهمية دعم تطلعات الشباب في المنطقة، وهو يصبو نحو مستقبل متطور وينعم بالاستقرار والكرامة والفرص.
وقال "يمكن للحملات والشراكات التركيز على تقوية الاستخدام الفعال للأدوات والفرص من خلال رجال الدين وقادة المجتمع وشهادات المقاتلين الموهومين، إضافة إلى وجود برامج تسلط الضوء على مستقبل شامل للمنطقة ويحترم ارثها الثقافي ثم التشارك بأفضل الممارسات حول كيفية قياس أثر الحملة الإعلامية المضادة وحملات الاتصالات الاستراتيجية".
وفي الحلقة النقاشية البحثية الثالثة حول دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب، عرض اللواء الدكتور صالح بن محمد المالك، المدرس في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في السعودية، ورقة عمل عن "التعاون المتبادل بين الإعلام (غير الحكومي) والإرهاب، تناول فيها أثر العلاقة بين الإعلام والإرهاب على الحكومات والشعوب، وهل هذه العلاقة تعتبر داعما قويا للإرهاب؟ وركز الدكتور المالك، في ورقته، على الدور الذي يجب أن تقوم به وسائل الإعلام لخدمة المجتمع المحلي والدولي ضد الإرهاب وآثاره الخطيرة على أمن وسلامة المجتمع الدولي، في الوقت الذي أًصبحت فيه وسائل الإعلام في سباق محموم للحصول على السبق الإعلامي في تغطية الأحداث الإرهابية، فيما يحرص الإرهابيون على تزويد هذه الوسائل بمعلومات عن عملياتهم.
وتساءل، في هذا السياق، عن المستفيد من الآخر هل الإرهاب يستفيد من وسائل الإعلام أم الإعلام يستفيد من الإرهاب؟، مجيباً، عن ذلك، بالقول: "من الصعوبة بمكان أن تحدد من المستفيد من الآخر، ولكن الواضح أن هناك مصلحة متبادلة".
وعرضت الورقة عناوين رئيسية تتصل بتعريف الإعلام والإرهاب، والإعلام التقليدي والإرهاب، ومدى استفادة الإرهابيين ووسائل الإعلام من بعضهما، والإعلام الجديد التفاعلي والإرهاب، والآثار الاجتماعية للتغطية الإعلامية للإرهاب، ودور وسائل الإعلام في هذا الإتجاه.
وفي معرض حديثه عن الإعلام التقليدي والإرهاب، قال الدكتور المالك، إن التعاون المتبادل بين وسائل الإعلام (غير الحكومية) والإرهاب وعمليات العنف وتداخلهما مع بعض، من الأمور التي باتت تشكل جزءا من الحالة الإرهابية والإخبار عن وقائعها وخطاباتها، وضحاياها، ومن ثم طرح مطالبهم أو رؤاهم السياسية أو الدينية والمذهبية أمام الدول والرأي العام.
وحول دور الفضائيات في الترويج للفكر الإرهابي والدفاع عن تنظيمات متطرفة، قال الدكتور المالك، ان علاقة هذا الأمر بحرية الرأي والتعبير مثار جدل منذ سنوات مضت، فالمسألة لا تتعلق بقناة أو فضائية دون أخرى، بل يشمل أغلب القنوات الفضائية (غير الحكومية) - حسب قوله - .
وحدد الملك ثلاثة أهداف تعمل الجماعات الإرهابية على تحقيقها من وسائل الإعلام، وشملت، الحصول على الاهتمام من خلال نشر الخوف والرعب وانعدام الأمن والاستقرار بين الجماهير المستهدفة وكشف ضعف وعدم قدرة الحكومة المستهدفة على حماية مواطنيها من الإرهاب، والحصول على الاعتراف بمطالبها وأطروحاتها وقضاياها، والحصول على درجة من الاحترام والشرعية في المجتمعات المستهدفة.
وعن مدى استفادة الإعلاميين من الإرهاب، قال الدكتور المالك إن التغطية السريعة للأحداث الإرهابية تعد المقياس الحقيقي للنشاط الإعلامي للوسيلة الإعلامية، مما يجعلها في مصاف الوسائل الإعلامية الأولى في المتابعة.
وتحت عنوان الإعلام الجديد (التفاعلي) والإرهاب، لفت إلى أن التزاوج بين الشبكة العنكبوتية والإرهاب ظهر بشكل أكثر وضوحا بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001، ما أدى إلى انتقال المواجهة ضد الإرهاب من مادية مباشرة واقعية، إلى الفضاء الإلكتروني، لتصبح الشبكة العنكبوتية من أشد وأكبر الأسلحة الفتاكة.
وقال، في هذا الصدد، إن الشبكة العنكبوتية أصبحت معسكرا تدريبيا افتراضيا للإرهابيين، ومن المحزن أن لغة الغالبية العظمى في هذه المواقع هي العربية، وهي تدعو للجهاد وفي الوقت نفسه تعلم أصول صنع المواد المتفجرة والأحزمة الناسفة وغيرها، الأمر الذي دفع بعض الدول إلى فرض رقابة على المحتويات التي يتم تبادلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وشكلت الآثار الاجتماعية للتغطية الإعلامية للإرهاب محورا مهما في ورقة عمل الدكتور المالك، والذي عرض جملة من هذه الآثار، وشملت تحفيز فئات اجتماعية مسحوقة أو جماعات عرقية وقومية ومذهبية مهمشة إلى سلوك الخيار الإرهابي، وبث البلبلة والغموض، وإضفاء صفة البطولة والشجاعة على القائم بالعمل الإرهابي، ما يؤدي إلى تعاطف الجمهور مع الإرهابي.
وخلص الدكتور المالك، في ورقة عمله، إلى تحديد الدور الذي يجب أن تقوم به وسائل الإعلام في التعامل مع الإرهاب، مضيفا أن الحصول على السبق أو الخبر الإعلامي هو الهدف الرئيسي لأي صحفي أو إعلامي، ولكن عندما تصبح الدولة في مواجهة الإرهاب، فيجب تغليب المصالح الاستراتيجية العليا للبلاد على أي مصلحة أخرى.
وقال إن وسائل الإعلام يتوجب عليها أن تقوم بدورها الفاعل في التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية بعيدا عن العشوائية والإرتجالية، متسلحة بسلاح المسؤولية الاجتماعية دون تهويل أو تهوين، وأن تبحث عن المعلومة الصحيحة من مصادرها الأصلية، فضلا عن توفير كادر إعلامي متخصص ومتدرب على التعامل مع الأحداث الإرهابية وتغطيتها بشكل المناسب، الذي لا يخدم العمل الإرهابي، وأهمية الاستعانة بالخبراء والمختصين في المجالات الأمنية والاجتماعية والنفسية والتربوية.
ودعا الدكتور المالك إلى ضرورة الاستفادة من الاستراتيجية الإعلامية العربية لمكافحة الإرهاب، التي أقرها مجلس وزراء الإعلام العرب العام الحالي، والتعاون في العمل على تنفيذها على أرض الواقع. وتحت عنوان "الإعلام العربي في حالة المواجهة مع التحديات الخطرة التي تواجه الأمة العربية"، قدمت رئيسة إذاعة صوت العرب في مصر الدكتورة لمياء محمود، في ورقة عملها، توصيفا لما تشهده المنطقة من مواجهة من الإرهاب، ورأت أن الإعلام العربي حاليا في أخطر مواجهة تهدد كيان الأمة ودولها، وهي حالة تندرج في إطار توصيف حالة الحرب.
ولمواجهة تلك التحديات الخطرة، دعت إلى ضرورة بناء قوة إعلامية موحدة تتبنى خطابا عربيا قوميا موحدا، تتوحد فيه المصطلحات المستخدمة، بما يعبر عن الهوية العربية الذاتية دون تزييف أو تلوين أو تلاعب، وخطابا جديدا يراعى فيه مخاطبة العالم بلغته، بحيث يتجاوز الأطر والأنماط التقليدية، التي لم تخرج عن حدود مخاطبة الذات العربية. وقالت الدكتورة محمود إن المهمة الأساسية المطروحة أمام العمل الإعلامي العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة، هي امتلاك أدوات ومفردات وأساليب الحرب الإعلامية الحديثة، والقضية ليست قضية تمويل كما هو ظاهر، وإنما هي قضية إرادة امتلاك القوة الإعلامية بكل عناصرها وأدواتها، والمطلوب هو المشاركة والتعاون بجزء وليس بكل في بناء القوة الإعلامية المستهدفة، إلى جانب التوافق على صياغة خطاب إعلامي عربي موحد.
ورأت أن الإعلام يواجه اشكالية أساسية، تتمثل في عدم وجود رؤية إعلامية متكاملة لمواجهة تلك التحديات الخطيرة، وعدم توفر الإرادة لبناء عمل إعلامي عربي موحد، وحالة القصور في التعامل مع ظاهرة الإرهاب، مبينة، في هذا الخصوص، أن للإعلام أدوارا وقائية تشمل التوعية المجتمعية، وأخرى مباشرة تطال تغطية الأحداث والأعمال الإرهابية، وبنائية ممتدة، تستهدف بناء بيئة أمنة وطاردة للإرهاب.
ولفتت إلى أن الإشكاليات التي تواجه الإعلام العربي تتثمل في عدم توفر المقومات الأساسية للمجابهة الإعلامية، وقصور في مصطلحات الخطاب الإعلامي، واقتصار العمل الإعلامي العربي المشترك على التنظير، والافتقار إلى عنصر المبادرة في معالجة واقع الإعلام العربي الحالي.
ودعت الدكتورة محمود إلى ضرورة إنشاء وحدة للأزمات والطوارىء على المستوى العربي، وأخرى للأبحاث والدراسات، ووضع قواعد جديدة للمعالجة الإعلامية لظاهرة الإرهاب، وتنظيم مؤتمر إعلامي عربي لهذه الغاية، .
وخلصت ورقة العمل إلى أهمية تشكيل لجنة لممثلي أجهزة الإعلام العربي والخبراء تحت إشراف جامعة الدول العربية لبحث العناصر والأدوات والآليات المطلوبة لبناء القوة الإعلامية العربية الموحدة، وتكثيف برامج التدريب في مجالات مواجهة الإرهاب وإعلام الحرب وإعلام الأزمات، والحرب الإعلامية الإلكترونية، وإنشاء "جيش عربي إلكتروني" من الخبراء والمتخصصين لمواجهة الحرب الإعلامية التي تشنها مواقع الجماعات الإرهابية والمواقع التي تستهدف دول المنطقة، وتخصيص أسبوع للحشد الإعلامي العربي تحت شعار: "أمة واحدة" و "وطن واحد"