شح الملاعب وانحسار الساحات الشعبية أفرزا ملاعب مستأجرة

المدينة نيوز:- تقلصت مساحة الساحات الشعبية بعد أن رهصتها " الغابات الإسمنتية " لتجد الفئات العمرية المبكرة والشابة نفسها تمارس العابها المفضلة وفي مقدمتها كرة القدم على الشوارع وحوافها.
وفقدت المدارس أيضا ملاعبها بسبب زحف الغرف الصفية والمختبرات وغيرها من التزامات مدرسية، فتقلصت حصة التربية الرياضية وضعفت الرياضة المدرسية، واستبدلت الساحات الشعبية ونقص ملاعب المدارس، بملاعب مستأجرة حيث انتشرت في محافظات والوية المملكة، ومع ذلك لم تكن كافية من حيث تعدادها امام الآلاف من ممارسي كرة القدم على وجه الخصوص ولأن بدل استخدامها صار مكلفاً لمزاولي اللعبة، بحسب ما يرى متخصصون.
ويقول الخبير الرياضي وزير الشباب والرياضة الأسبق محمد خير مامسر أن البنية التحتية الرياضية باتت تحتاج الى قرار سياسي، لان الرياضة تعتبر من أولويات الدولة بحيث ترصد لمنشآتها موازنة ضخمة، وتضع خطة مدتها خمس سنوات لتوفير هذه البنية من ملاعب رسمية وتدريبية.
ويبين مامسر أن " تجفيف" الملاعب المدرسية واستبدالها بغرف صفية وعدم فتح المدارس التي تتوفر لها هذه المرافق بعد الدوام الرسمي والزحف العمراني على الساحات، كلها ضاعف من مشكلات ممارسي اللعبة، لا بل والألعاب الأُخرى.
ويؤكد أن الملاعب المستأجرة والأكاديميات لن تكون بديلاً أو جزءاً من الحل لجذب الشباب، للكلفة المترتبة على اللاعبين وبُعد الملاعب عن أماكن سكناهم حيث كلفة المواصلات ايضاً، مبيناً أن الدوام المدرسي 82 يوماً في السنة من أصل 285 ما يعني أن الفراغ عند الطلاب يشكل فجوة كبيرة في حياتهم اليومية.
ويرى ان " كرامة " الرياضة لا تقل عن "الكرامة" السياسية حيث يلقى العمل الرياضي أُلوفاً من قطاع الشاب، وأن عدم توفير حاجاتهم الرياضية يشكل عبئاً على الدولة ويهدد حياة الشباب لعدم اشغال وقت الفراغ ، كما يكلف المؤسسات الوطنية أموالاً طائلة وأخطر من هذا تشكيل خطورة على المجتمع الاردني.
ويقول نائب مدير المدينة للتنمية المجتمعية في أمانة عمان الكبرى الدكتور فهد البياري،إن لدى الأمانة 82 ملعباً خماسياً يشرف عليها 600 من كوادر مؤهلة تدريبياً وادارياً وضمن حدائق 22 منطقة تتبع للأمانة، وهي متاحة مجاناً لمزاولة كرة القدم.
ويضيف أن أمانة عمان لا تواجه ضغطاً على هذه الألعاب حيث تقام عليها النشاطات من التاسعة صباحاً حتى الثانية عشرة ليلاً بهدف افساح المجال لأكبر عدد من الممارسين، مبيناً أن ما تواجهه الأمانة من ضغط على ملاعبها يكمن في الملاعب الكبيرة نظراً لأعداد الأندية وخصوصاً اندية المحترفين .
ويؤكد البياري أن الامانة تعمل على انجاز ملعب نادي الجزيرة في منطقة غمدان وتجهيز ملعبي ناديي اليرموك والجبيهة في منطقتيهما ، اضافة لتجهيز سبعة ملاعب في منطقة خريبة السوق استعداداً لإستضافة الاردن بطولة كأس العالم للسيدات العام 2016.
ويعرض الخمسيني ابو يوسف معاناته مع ابنائه الذين يفضلون لعبة كرة القدم،إذ لديه أربعة اولاد جميعهم يمارسون كرة القدم، ثلاثة منهم في المدارس وواحد في الجامعة وجميعهم متعطشون للعبة.
ويقول "لمست من مطالبهم المتكررة عدم اشباع رغبتهم، ما دعاني الى تلبية حاجتهم لممارسة اللعبة مع اقرانهم في الملاعب المستأجرة، الا أنها صارت تشكل كلفة اضافية على العائلة وخصوصاً اذا ما ترددوا على هذه الملاعب مرتين او ثلاثة مرات اسبوعياً".
ودعا ابو يوسف الجهات المعنية الى أخذ دورها بتوفير ملاعب تساعد أبناء المساكن المكتظة لتكون أماكن يفرغ الشباب طاقاتهم، خشية أن ينزلقوا في الذهاب الى أماكن أخرى وخصوصاً الذين يعانون من البطالة وأوقات الفراغ.
ويقول الشاب خالد الخطيب"إنني أواجه مع زملائي مشكلة في حجز الملاعب كونها تبعد عن مكان السكن وعدم استطاعتنا تحديد الوقت المناسب للعب حيث اننا طلاب مدرسة في المرحلة الثانوية وهو ما يتطلب منا أن نوائم بين الدراسة وساعات النشاط مع العلم اننا لا نمارس اللعبة الا مرة واحدة في الأسبوع بسبب التكلفة في حجز الملاعب واجرة المواصلات" ويلفت أن حصة رياضة واحدة اسبوعياً في المدرسة غير كافية من حيث وقت الحصة وعدد طلاب الصف.
ويبين مالك ملاعب في عين الباشا احمد الزاغة وشريكه ابراهيم ابو السيد ان مدة الإشغال للملاعب الثلاثة (سداسي وسباعي وأطفال) ست ساعات يتقاضى عن كل ساعة 10 دنانير للملعب السداسي و15 للسباعي وللأطفال مجاناً بغض النظر عن عدد الذين يحجزون الملعب، في حين أن ما يتقاضاه مالكو أو متضمنو الملاعب في عمان 30 دينارا عن كل ساعة.
ويقول الزاغة إن الإقبال من قبل ممارسي اللعبة يختلف من منطقة لأخرى حسب الكثافة السكانية ومحبي كرة القدم ومعظمهم هواة ومن مختلف الفئات العمرية.
ويرى ان انتشار مثل هذه الملاعب والأكاديميات أملتها ظروف قطاع الشباب من حيث حاجتهم للملاعب وزيادة اعدادهم والبحث عن اشباع رغباتهم واشغال اوقات فراغهم.
وتقول مصادر وزارة التربية والتعليم ان الوزارة بصدد انشاء 100 ملعب في المملكة بحيث يتم تحويل الملاعب الاسفلتية الى ملاعب بالعشب الصناعي ، وستكون هذه الملاعب حسب المساحات المتوفرة .
وتبين الوزارة ان القاعات التي تستقبل نشاطات كرة القدم يشارك بها طلبة المدارس والمنتخبات المدرسية مجاناً ومن الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساء وما بعد هذه الفترة تستقبل مشاركين من المجتمع المحلي مقابل اجرة حيث تتوفر 22 قاعة رياضية في المحافظات.
ويقول مدير العلاقات العامة والاعلام في المجلس الاعلى للشباب الدكتور ماجد عسيلة، إن المجلس يقدم ملاعبه في المدن الشبابية والمجمعات مجاناً لفرق الاندية وكذلك ملاعب الخماسي في المراكز الشبابية لقطاع الشباب والمجتمعات المحلية رغم تكاليف الكهرباء والمياه المستخدمة أثناء المباريات والتدريبات والنشاطات المقامة على هذه الملاعب.
ويشير عسيلة إلى أن لدى المجلس 16 ملعباً كبيراً خصصت للأندية اضافة الى 43 ملعباً خماسياً فيما أنشأ المجلس 21 ملعباً كبيراً في مدنه ومجمعاته الشباية والرياضية، و16 ملعباً خماسياً في المراكز الشبابية المنتشرة في محافظات المملكة، كما سينجز المجلس نحو 15 ملعباً في نصف العام المقبل، مؤكداً أن جميع منشآت ومرافق المجلس الاعلى للشباب مفتوحة أمام القطاع الرياضي وضمن أوقات منظمة.
(بترا)