في اليوم العالمي للتسامح : الانغلاق والتعصب يقودان للانحدار والامة العربية تألقت بفترات التسامح والانفتاح

المدينة نيوز:- اصبحت المجتمعات في عصرنا الحالي أكثر حاجة الى نشر ثقافة التسامح بين الافراد والشعوب وبخاصة مع ازدياد التطرف والاعمال الارهابية التي لم يعد اي من الافراد او المجتمعات والدول بمنأى عنها فتضرب تارة هنا واخرى هناك ، فلم تسلم منها العديد من مناطق العالم بما فيها الاردن .
ويأتي اليوم العالمي للتسامح الذي يصادف في السادس عشر من تشرين الثاني من كل عام الذي أعلنته الامم المتحدة منذ العام 1996 ، خطوة ايجابية لاتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز ونشر ثقافة التسامح في المجتمعات الانسانية، وترسيخ قيم الانسانية كقيم المحبة والسلام والانفتاح على الاخر انطلاقاً من الفهم الواعي بأن الفضاء فيه متسع للجميع بغض النظر عن اختلاف الاديان والاعراق والثقافات والجغرافيا.
والتسامح شأنه شأن كل منظومة القيم الايجابية مثل الحرية والمساواة والعدالة بدل من ان يسهم في تعزيز المحبة والتعاون بين الشعوب اصبح شعارا دون مضمون حسب وزير الاعلام السابق راكان المجالي .
ويقول مع الاسف اصبح التسامح شعارا دون مضمون في الزمن الراهن ، وعندما نتحدث عن التسامح يجب ان نتحدث عن القهر والفقر والظلم والعوامل الخارجية والخراب الداخلي .
ويضيف ان مفهوم التسامح شيء جميل نتغنى به، ولكن الحقيقة الممارسة تنعكس على كل جوانب الحياة نتيجة اختلال منظومة القيم على مستوى الافراد .
اما على مستوى الشعوب فهذا القهر والظلم الذي يقع على الناس يختلط فيه التسامح مع الخضوع، وبالتالي اصبح العالم اليوم بحاجة الى استعادة جزء من المبادئ الاساسية للحياة في ظل المفهوم المادي للمجتمعات، ليصبح التناحر كما نرى على المستوى الفردي والجماعي .
ويقول على المجتمعات الانسانية ان تستعيد فكرة ومضمون التسامح ، وان لا يكون امنية بل مثالاً معاشاً في ميادين الحياة المختلفة وهذا ينقصنا كثيرا .
ويضيف يوجد مأساة في مناهج التعليم في بلدنا وفي الوطن العربي ، فالدول التي كان لديها تقدم وادوار في الثقافة العربية، اصبحت مناهجها التعليمية اليوم تعاني من غياب التسامح ، والتجديد .
ويشير من المؤسف ان نتربى على افكار تحمل معاني التعصب والانغلاق، واذا تتبعنا التاريخ العربي نرى ان فترات الانحطاط والانحدار هي فترات الانغلاق والتعصب وعدم قبول الاخر، فيما سطوع المجد العربي تألق بفترات التسامح والانفتاح ، حيث العقل والقلب مفتوح على الثقافات العالمية .
ويرى ان الحديث عن موضوع التسامح كأمنية شيء جميل، ولكن يجب ان نرسي له قواعد متينة تتضافر فيه الجهود مع منظومة العمل التربوي والاعلامي والديني ، وبالتالي المسألة الان تقع في اطار الامنية ، ولا يسعنا في هذه المناسبة الا ان نشارك العالم ليتحقق التسامح وان يكون مسألة راسخة في حياتنا .
ويقول "ما ينقصنا في العالم العربي هي عقلية الحوار التي تؤدي الى الانفتاح التام بين كل مكونات الوطن العربي " حسب عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية ، الاستاذ الدكتور محمد الخطيب .
ويضيف ان التشدد الذي نراه وأدى الى سفك الدماء واستباحة الاموال والاعراض سببه غياب روح التسامح بين الافراد والجمعات .
ويرى ان الاسلام في دعوته واصوله قائم على التسامح والتعاون بين الامم والشعوب ، ويقول الله في كتابه "انا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ، ان أكرمكم عند الله اتقاكم " ، فالتعارف هو التعاون والالفة والمحبة بين الشعوب ، وهذا ما كان في سيرة الرسول عليه السلام .
ويدعو الخطيب المجتمعات العربية والمجتمع الاردني خصوصاً لزيادة الحب بين افراده ليبقى امناً مستقراً مطمئناً امام عدم وجود هذه الروح وللأسف الشديد فيما حولنا من دول . ويدعو مدير مركز القرية الكونية للدراسات والابحاث الدكتور محمود السرحان الافراد والجماعات الى مراجعة خطابها التربوي والسياسي والاعلامي والديني لتخليصه من شوائب الفردية والانانية والتعصب والكراهية وتهميش الاخر واقصائه، والاهم من ذلك الادعاء بامتلاك احتكار الحقيقة .
ويرى ان الصدق والتسامح مع النفس اولا ًهي مقدمة للصدق مع الاخر والتسامح معه ، مع ضرورة ترسيخ هذا النهج في حياة المجتمعات كسلوك يوحي بصنع فرق ملموس يشعر به الجميع على شكل نجاحات وانجازات .
ويضيف يجب ان يكون لدينا طموحا ً واعيا وان نبدأ اليوم قبل الغد للانطلاق نحو ايجاد حلولا لمشكلاتنا وازمتنا السياسية والاقتصادية والثقافية .
ويقول يجب ان نبدأ بأنفسنا اولا ثم ننطلق للآخر انسجاما مع قول رب العزة " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فالمطلوب منا ان نسعى لان نكون نماذج ايجابية للأخرين في اشاعة ثقافة المحبة والسلام والتسامح ، سيما ان الفرد يتعلم بالقدوة اكثر من التعلم بالتنظير والتلقين وفرض التبعية والوصاية .
الناشطة في حقوق الانسان الدكتورة لينا جزراوي تقول " يا لهذا المفهوم الجميل، فلنصنع له الأكاليل ونرشّه بأطايِب العِطر ونكتُبه مُلوّنا بالوان قوس قُزح ، فأنت العَربي لتكتُب عن التّسامح ، عليك أن تنعزّل عن العالم ، وتغُض عنه الطّرف ، وتنظر للتسامح على أنه تعبير مُطلَق انساني وجميل ، فحن مازلنا نحتفِظ ببعضٍ انسانيتنا ، نحب، ونغفِر، ونتسامح، ونرأف، ونساعِد، ونتشارك، ونرحم، نحن بشر. فجميل أن يكون للتسامح يوم عالمي ، لكن الأجمل أن يعمّ التسامح قلب العالم فعلا ، فأنا أتسامح مع هذا العالم ، لكن هل يتسامح العالم معي !!
(بترا)