اقرار قانون النزاهة ومكافحة الفساد يؤطر لحياة سياسية وبيئة استثمارية

المدينة نيوز:- أكد مختصون وخبراء أهمية إقرار قانون النزاهة ومكافحة الفساد لتوجيه ثروات الوطن نحو مشروعات مجتمعية تسهم في توفير برامج للشباب تفتح لهم فرص عمل وتحد من تضخم البطالة والفقر.
وقالوا ان توجيه جلالة الملك عبدالله الثاني للحكومة في خطاب العرش السامي لإقرار قانون للنزاهة ومكافحة الفساد يأتي في اطار اهتمام جلالته بأحوال المواطنين الاقتصادية نظراً للظروف التي تواجهها المنطقة، ويتحمل كلفها الاردن على الصعيدين السياسي والاجتماعي كما أن من شأن هذا القانون عند اقراره أن يؤطر لحياة سياسية وبيئة استثمارية.
ويقول رئيس ديوان المحاسبة الدكتور عبد الخرابشة إن ما دعا اليه جلالة الملك عبدالله الثاني لإقرار قانون للنزاهة ومكافحة الفساد الى جانب إنشاء صناديق لاستيعاب الاموال السيادية من الدول المانحة سيحقق تنمية اقتصادية مستدامة، وذلك من خلال الحفاظ على المال العام وتوجيه الثروات الى مشروعات وبرامج من شأنها توفير فرص عمل للشباب وتحسين ظروف المواطنين.
ويرى الدكتور الخرابشة ان الانطباع المجتمعي عن الفساد وتضخيمه يرّد الى مرحلة "الربيع العربي" التي مرت بها المنطقة العربية ومنها الاردن الذي كان القطاع الحكومي فيه يتولى العملية الرعوية لسنوات عديدة قبل ان تتضخم اعداد الخريجين ليشكلوا بطالة استعصى على هذا القطاع والقطاع الخاص استيعابهم وتوفير فرص عمل لهم، لافتاً الى ضرورة الأخذ بالبعد القانوني بحيث يؤطر للمستقبل ولحياة سياسية وبيئة استثمارية وينتج بيئة تطبق فيها القوانين والأنظمة بعدالة.
وبين أن المشكلة في القوانين ليست في ثغراتها وإنما لحاجتها الى "نفوس أخلاقية ونصوص" عند تطبيقها بما في ذلك العمل بروح القانون.
ويؤكد ان مؤسسات القطاعين الرسمي والخاص تحتاج الى قيادات أكثر من أن تحتاج الى ادارات تولت بعضها زمام المسؤولية ولكنها اخفقت في ادارة العمل الوطني وتحقيق العدالة للموظفين والعاملين فيها، مبينا دور مؤسسات الدولة في تطبيق الشفافية وإدارة الموارد البشرية ودور الاعلام في محاربة الفساد وانتاج وعي ثقافي واجتماعي يتعاطى مع هذه الظاهرة.
ويدعو الخرابشة الى أن يأخذ القطاع الخاص دوره في استقطاب الكفاءات وخصوصاً أن البلدان الشقيقة لم تعد أسواقاً لتلك الكفاءات، كما كانت عليه قبل سنوات إلا في تخصصات محددة وهو ما يدعو في الوقت ذاته القطاع الحكومي والخاص الاردني الى إعادة النظر في برمجة التعليم (التدريب) والاهتمام بالمخرجات والتوجه للتعليم المهني وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنقل.
ويبين نقيب الصحفيين الاردنيين طارق المومني دور الاعلام في التوعية والتثقيف بأهمية اقرار مثل هذا القانون الذي "يعبر عن الجدية في السعي لترسيخ منظومة النزاهة ومحاربة الفساد التي تحتاج الى إقرار حزمة أنظمة تشكل بنية تحتية لاستراتيجية النزاهة، خصوصاً فيما يتعلق بإقرار أنظمة المساءلة والمحاسبة والشفافية ".
ويقول إن مشروع قانون النزاهة ومكافحة الفساد المنوي اقراره يشكل ركيزة أساسية في عملية الإصلاح الشامل التي رسمها جلالة الملك عبدالله الثاني لنهضة الاردن وتقدمه.
ويضيف المومني لقد بات من الضرورة أن تركز مختلف وسائل الاعلام وتدفع باتجاه إقرار القانون انطلاقاً من دورها الرقابي وإبراز الايجابيات والفوائد التي يحققها على الصعيد الوطني، ويحتاج ذلك إلى التركيز باستمرار على أهمية القانون واظهار مدى الاهتمام الذي تنسجم فيه الأقوال بالأفعال في تطبيق الاصلاحات اللازمة لظواهر اجتماعية، أسهمت في إحداث خلل كبير في كثير من المجتمعات.
وتشدد النائب تمام الرياطي على ضرورة ايجاد هذا القانون لمراقبة عمل الحكومة من خلال صفته التشريعية، وإحالة القضايا إلى الادعاء العام.
وتتطلع لأن يكون لمجلس النواب الدور الفاعل في تسريع القانون، وذلك بتقديمه كمسودة والعمل في الاجراءات القانونية لمنحه صفة الاستعجال وأن يكون أيضاً للإعلام ومؤسسات المجتمع المدني حملة مكثفة تسرّع في انجاز هذا القانون "الذي بدونه لن تكون هناك محاربة للفساد على أرض الواقع" حسب قولها.
ويقول الاستاذ المشارك في علم الاجتماع والتنمية في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين إن إقرار قانون للنزاهة والفساد يعتمد على ضرورة الدلائل القانونية التي تعمل على تطوير القوانين التي تتعامل مع بعض قضايا الفساد، التي يقترفها اشخاص متمكنون ليجعلوا منها قضايا يجيزها القانون.
ويضيف ان هذا الامر يستدعي من مجلس النواب مراجعة القوانين لمعالجة الثغرات القانونية وتعديلها، وضرورة تطوير قوانين المؤسسات الرقابية والمحاسبية كديوان المحاسبة بحيث تكون قوانين ذات صلاحيات أقوى.
ويؤكد أن شرعنة النزاهة التي دعا اليها جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش تأتي لإكمال مسيرة الاصلاح وترجمة لإرادة سياسية في محاربة الفساد.
ويدعو محادين إلى تكاتف المؤسسات الرقابية والمؤسسات الاعلامية والمجتمعات المدنية والقيادات المحلية والنقابية لتشكيل لوبي ضاغط من شأنه التسريع في انجاز هذا القرار، كما أن الحكومة مخولة بإعطاء صفة الاستعجال بتعديل مثل هذه القوانين وتطوير التشريعات وخصوصا إذا ما توافرت زيادة مساحة مشاركة الناس في هذه الأعمال القانونية التي ستصون أيضاً الفئات التي اغتيلت شخصياتها.
ويبين ان مشاركة هذه الجهات جميعها تعبير عن حقيقة دولة القانون والمؤسسات، لافتاً الى ضرورة انتقال المواطن من حالة التذمر الى حالة التأثير عبر الرأي العام، مؤكداً انه اذا "بقينا متذمرين فإن الامور ستبقى كما هي، فالعمل الممنهج يتطلب من الجميع المشاركة ميدانياً وتعديل المزاج العام والاحتكاك الايجابي وتوظيف قدراتنا لاختيار الأفضل".
ويقول المواطن محمد ابو صالح انه في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها الاردن في الجانبين الاقتصادي والسياسي يتطلب اقرار قانون عصري يحقق النزاهة ويحد من الفساد، الذي كان سبباً في احتجاجات الموظفين والمواطنين والخروج الى الشارع والاعتصام امام المؤسسات.
ويتأمل الثلاثيني المهندس صافي العزام ان يعيد هذا القانون "اذا ما كتب له الحياة" الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة ويخفف من اعداد العاطلين عن العمل من الشباب.
(بترا)