مبادرة شبابية لتنظيم سيارات مرتادي المسجد والكنيسة بتلاع العلي

المدينة نيوز:- "عانينا منذ زمن من أزمة مرورية مع كل صلاة جمعة بسبب كثافة عدد السيارات وعدم الوقوف بانتظام، إلى درجة أن بعض السيارات كانت تغلق الشوارع، وقد يتسبب ذلك بإعاقة وصول المرضى والحالات الطارئة الى المستشفيات".
بهذا استهل خطيب مسجد مصعب بن عمير بتلاع العلي الدكتور خالد العساف الحديث عما يسببه مرتادو المساجد خاصة أيام الجمع من فوضى مرورية وإغلاق الشوارع المحيطة بالمساجد.
هذه المشكلة شكلت سببا كافيا ليبادر شبان للتغلب على هذه المشكلة التي تعتبر من وجهة نظرهم "مشكلة أخلاقية ودينية في الوقت ذاته"، لا تتفق مع آداب الصلاة وتأدية العبادات، وهو ما لقي ترحيب الشيخ العساف الذي قال "ان هذه الفوضى المرورية غير جائزة من الناحية الدينية والأخلاقية، ولا يتماشى هذا السلوك مع آداب الصلاة التي تحض على احترام حاجة الغير".
وأشار الى ما يترتب عن هذه السلوكات "غير المسؤولة من احراجات او تهديد لحياة المواطن عند تعرضه لأمر طارئ كنقله لمركز صحي أو عند حدوث عارض لأحد المصلين داخل المسجد يتطلب نقله على وجه السرعة".
ويضيف الشيخ العساف، "واجبي كخطيب مسجد أن أتحدث للمصلين وان أُركز على البعد الأخلاقي وإظهار الصورة الحضارية والأخلاقية للإسلام، الذي يحض على السلوك الايجابي والتضامن مع مختلف شرائح المجتمع وتيسير أمور الناس".
لكن تزايد المشكلة تتطلب التباحث "مع عدد من اخواننا المسيحيين القائمين على كنيسة قلب يسوع الاقدس لحل مشكلة حركة السير، في الشوارع التي تربط المسجد والكنيسة بما فيها الطرق الفرعية، حيث أبدوا تعاونهم من خلال فتح الساحة الخاصة بالكنيسة أمام سيارات مصلي المسجد يوم الجمعة"، وفي المقابل فتح الساحة المجاورة للمسجد لسيارات الاخوة المسيحيين أثناء مناسباتهم التي يقيمونها في الكنيسة، كما يقول العساف.
من هذه الغاية، انطلقت مبادرة هؤلاء الشباب لتنظم سيارات المصلين الذين يؤمّون صلاة الجمعة من خلال نشر شبان تطوعوا لهذه الغاية لتنظيم اصطفاف السيارات لتلافي حدوث أزمة أو إلحاق ضرر بسكان المنطقة المحيطة بالمسجد والكنيسة.
هؤلاء المتطوعون من الشباب، كما يقول خطيب المسجد العساف هم من أكثر رواد المساجد وهم عنصر التفاعل القادر على خدمة المجتمع، ومن الضرورة إبراز دورهم الديني والوطني، مؤكدا ان مثل هذه المبادرات تشكل رافداً لرجال السير الذين يجب التعاون معهم وصولاً لحل مشكلة المرور.
لكن لمدير المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام الأب رفعت بدر رأي في هذه المسألة حيث قال "إن مثل هذه المبادرات الطيبة ما كان لها أن تصدر لو لم يكن هذا التآخي في الاردن والشراكة اليومية التي تتعدى مفهوم تجاور الأماكن".
واكد أن هذا البلد في أماكنه الدينية وما تحمله من ممارسات وشعائر العبادة لله عز وجل، سيبقى له أثر في تعميق النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية التي صارت مثالاً يحتذى به في العالم، خصوصاً أن الاردن تاريخيا؛ تتجاور فيه المساجد والأضرحة والكنائس، لافتا الى أن التاريخ الاسلامي الذي أنشأ حضارة إنسانية ودينية يعمق من روح التآخي والتسامح والمحبة، كما تؤكد عليها القيادة الهاشمية الحكيمة في منهجها وتوجها وعبر كل المناسبات.
وأشار الى ما تدعو اليه مبادرات رسالة عمان وكلمة سواء واسبوع الوئام بين الأديان، من ترسيخ لمفاهيم العلاقة الدينية والتعاون في مختلف المجالات، وهذه المبادرة الكريمة التي يقودها المسجد والكنيسة في مسألة حل مشكلة المرور في حي أو منطقة، تحدث تأثيراً ايجابيا في حياة المجتمع الاردني، وتجسد حقيقة التعايش الديني بين الشعب الاردني الواحد الذي يلتقي على المحبة والعمل في الخدمة العامة،خاصة ان أزمة المرور في المملكة أصبحت تمثل مشكلة كبيرة للمواطنين والزوار من الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة.
ويتحدث خالد الناصر عن بعض الظواهر السلبية وخاصة اغلاق طرق دولية خلال فترة الصلاة لأن مثل هذه الامور تتسبب بحوادث سير قد تكون مؤسفة، داعيا المصلين الى ركن سياراتهم في مواقف بعيدة لتلافي الاخطار والحوادث والإضرار بالناس خاصة عند المساجد التي تقع في أحياء مكتظة أو على طرق عامة، وكذلك عدم اصطفاف السيارات على الطرق الرئيسية والعامة مثل طريق عمان اربد أو الطريق الصحراوي.
ويؤكد ابو زياد من سكان منطقة تلاع العلي أن هذه المبادرة تحد من أزمة المرور في المناسبات الدينية الاسلامية والمسيحية، مشيرا الى ان هذه المشكلة تتجلى أكثر في حالات الصلاة على جنازة في الجامع او الكنيسة.
يقول الشاب أنس عفانة أحد الشباب القائمين على تنظيم حركة السير، ويحمل شهادة في التحليل المالي من أميركا وشهادات مهنية عالمية، إن تنظيم المرور يعكس صورة التطور الحضاري لأي بلد، وان الاردن يجب أن يظهر هذه الصورة الحضارية من خلال تعاون الجهات المعنية والمواطنين، مشيراً الى أن هذا التعاون ونشر مفهومه يقلل من المشكلات ويوفر الوقت ويضمن سلامة المواطنين عند الحالات الطارئة وكذلك الحوادث.
ويؤكد ان الشباب معنيون بتقديم فكرة جيدة عن الدين الاسلامي، وانه ليس مجرد تأدية صلاة دون اهتمام بالشأن العام، لافتا الى ان الشعب الاردني يمتلك ثقافة وقيماً اخلاقية مجتمعية طيبة يجب أن توجّه للأطفال ليدركوا في مستقبلهم أهمية احترام النظام في هذا الجانب الذي يهم كل مواطن.
ويناشد عفانة وسائل الاعلام ان تتناول المشكلات المجتمعية كأزمة السير والعمل على توعية المواطنين وابراز المبادرات التي من شأنها ان تساعد المجتمع على ايجاد الحلول خصوصاً في المناسبات التي يقيمها المواطنون او يحتفلون بها كتأدية الشعائر الدينية عند المسلمين والمسيحين، ومناسبات الاعياد والمناسبات الوطنية، داعياً الشباب الاردني للتطوع في خدمة مناطقهم في أي عمل عام.
ويثني المصلي الستيني أبو أحمد على أصحاب الجهود الخيرة في اطلاق مثل هذه المبادرة الكريمة لتنظيم السيارات أثناء الطقس البارد والماطر، وفي فصل الصيف والحد من أزمة السير التي ظلت تشكل قلقاً للمصلين والمواطنين الآخرين الذين تعيقهم سيارات المصلين عن قضاء حاجاتهم الضرورية والعاجلة.
ويشير ابو أحمد الى بعض الحالات التي كانت فيها السيارات تغلق الطرق المؤدية الى المسجد والكنيسة وتعيق حركة المواطنين الذين عبروا عن استيائهم من رواد هذين المكانين الدينيين.
ويقول الخمسيني ابو جورج ان مثل هذه المبادرة ليست غريبة على المجتمع الأردني كونها "خدمة للجميع".
(بترا)