الانتخابات المقبلة وعدم الاكتمال

تم نشره السبت 06 شباط / فبراير 2016 01:36 صباحاً
الانتخابات المقبلة وعدم الاكتمال
إبراهيم غرايبة

يفترض أن الانتخابات المقبلة تعكس وعينا الذي تشكل في "الربيع العربي"، وشاركنا على أساسه في الانتخابات النيابية العام 2013. ونحتاج لأن نفحص الوعود والمطالب والأفكار التي تشكلت عشية انتخابات 2013، ونعيد قراءة الأوراق النقاشية للملك، وكلمته في افتتاح الدورة البرلمانية الأولى للمجلس الحالي؛ فقد كان يفترض في هذا المجلس أن ينشئ حالة انتقالية تهيئ لحكومات برلمانية، ومراجعة القوانين والتشريعات الناظمة للحياة السياسية والاجتماعية؛ مثل الانتخاب، واللامركزية، والضريبة، والكسب غير المشروع، وحماية المستهلك، والعمل، والضمان الاجتماعي، والاستثمار، والشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما كان مطلوبا الارتقاء بالأداء الحكومي ووضوحه، والتكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمعات.
كان مفترضا، ببساطة، أن يكون لدينا في العام 2017 أردن يتمتع بتشريعات عادلة في الضريبة والعمل والمحاسبة، يفترض أنها عادت على حياة المواطنين على نحو ملموس وواضح في الحفاظ على الموارد العامة وكفاءة وعدالة إنفاقها وتوزيعها، وفي تطور يلمسه المواطن في حياته ويمكن قياسه بوضوح ودقة في شبكة من المدارس تستوعب جميع الطلبة وبكفاءة ومستوى يلبيان الاحتياجات المتغيرة في التعليم، والرعاية الصحية والاجتماعية التي تغطي جميع المواطنين أو الفئات المفترض استهدافها وشمولها بالرعاية والتأمين.
كان ممكنا، وبالموارد المتاحة، تطوير الخدمات العامة والأساسية. وبذلك يستطيع المواطنون إعادة توزيع إنفاق مواردهم في اتجاهات جديدة لتحسين حياتهم، بدلا من استهلاكها في التعليم والصحة ورعاية الفئات الخاصة من المعوقين والمرضى وكبار السن؛ فلم يعد متقبلا ولا متصورا أن يتحمل المواطنون عبئا ضريبيا عاليا ولا يتمتعون، في المقابل، بخدمات أساسية وضرورية بمستوى من الجودة يتفق مع ما أنفق عليها من ضرائب المواطنين. ولا يعقل أن يدفع المواطن الضريبة ثم يجد نفسه مضطرا للتوجه نحو التعليم الخاص والمستشفيات الخاصة، وأن ينفق من جيبه على قطاعات يفترض أن توفرها الدولة، ويفترض أن الحكومة قد جمعت الضرائب من المواطنين لأجل توفيرها.
ما التقدم الذي أنجز حتى اليوم؟ من المهم جدا أن يسأل كل مواطن نفسه هذا السؤال، وكذلك الحكومة والأحزاب والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني؛ فمن غير الإجابة عن هذا السؤال نفقد البوصلة، ولا نميز بين ما نريده وما لا نريده، وما أنجزناه ولم ننجزه بعد، وكيف نؤيد أو نعارض.
والحال أنه لم تتشكل في السنوات الأربع الماضية اتجاهات وأعمال وبرامج جديدة للمعارضة والعمل البرلماني والسياسي. ويبدو أننا في انتخابات 2016 نواجه الأسئلة والاستحقاقات نفسها التي كانت قائمة وملحة في العام 2013، ولم تكتشف بعد الأحزاب والمجتمعات، كما الحكومات والنواب، الأولويات والأفكار التي شكلت الوعي والجدل الذي فرض نفسه أواخر العام 2010، وهي أيضا الأسئلة والأولويات نفسها التي كانت قائمة في العام 1989.
ماذا فعلنا في السنوات الأربع الماضية لأجل التنافس السياسي على السلطة وتداولها وفق آلية انتخابية عملية وواضحة؟ أو لأجل بناء قواعد اجتماعية كافية للعملية السياسية والانتخابية على أساس البرامج والمصالح؟ الواقع أن الحياة السياسية التي نتمناها جميعاً، لم يكن ممكنا تحقيقها من دون مجتمعات مستقلة منشئة للعمل والإصلاح السياسي، تتشكل حول مصالحها وأولوياتها. وببساطة، فإن هذه المصالح والبيئة تنشئ قيادات محلية واجتماعية وسياسية وثقافية، وتكون هذه القيادات بطبيعة الحال مرشحة لتشكيل مجلس النواب، ثم قيادة الحياة السياسية وآليات تشكيل الحكومات والنخب!
لدينا انتخابات مقبلة يفترض أن تجري في نهاية هذا العام أو أوائل العام المقبل. وبرغم أني أرجح أنها ستكون مثل الانتخابات السابقة؛ تعكس مجتمعات ضعيفة وروابط وعلاقات وقواعد للانتخابات والعمل السياسي لا تصلح أبدا لحياة سياسية فاعلة ومتقدمة، فإنني ملزم أدبيا بالدعوة إلى العمل والتفكير على النحو الذي يجعل الانتخابات المقبلة مؤسسة لإصلاح سياسي واقتصادي.

(المصدر: الغد 2016-02-06)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات