العقبة بوابة الثورة الى مشرق العرب ونهضتهم

تم نشره الإثنين 28 آذار / مارس 2016 05:18 مساءً
العقبة بوابة الثورة الى مشرق العرب ونهضتهم

المدينة نيوز -:  استمدت العقبة أهميتها ودورها خلال معارك الثورة العربية الكبرى لموقعها الاستراتيجي على البحر الأحمر ولأنها نقطة التقاء بين كل من شرقي الأردن، ومصر، وفلسطين، والحجاز، ولخطوط المواصلات بين المناطق الأربع إذ يبعد ميناء العقبة عن قناة السويس نحو 150 ميلاً بطريق البر و 190 ميلاً بطريق البحر.

ويقول أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في الجامعة الأردنية الدكتور ابراهيم الشرعة إن "العقبة تاريخيا شكلت طريقاً مهماً للحجاج على مدار عدة قرون، فقد كانت جزءاً من طريق الحج البحري، وكان طريق العقبة - معان أكثر أهمية استراتيجياً لضرورة السيطرة على سواحل الحجاز، والطريق إلى الجنوب من العقبة هو طريق الحج المصري؛ لذلك جُهّز بالآبار على عدة مراحل. وكان الطريق آمناً حتى ينبع، واعتمد الأمن في طريق الحج على وجود ترتيبات مع القبائل القاطنة فيها، مثل: الحويطات، وبني عطية، وبلي، وجهينة، وحرب".

ويضيف في مقابلة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن "موقع مدينة العقبة في الزاوية الشمالية الشرقية من خليج العقبة جعل لها أهمية كبيرة بالنسبة لمنطقة جنوب فلسطين، فكانت منفذاً بحرياً لتجارتها مع البحر الأحمر؛ ما ساهم باختصار المسافات، وساعد في تطوير تلك التجارة. وكانت العقبة ممراً للتجارة القادمة من الحجاز إلى مصر ، ومن مصر والشام إلى الحجاز، ومورداً لتزوّد القبائل البدوية بالمؤن من مركزها على البحر الأحمر".

ويقول ان مواد: الحنطة والشعير والحبوب تورّد من سوريا إلى الحجاز، عن طريق العقبة؛ لذلك تمّ مد خط تلغرافي إلى العقبة لهذه الغاية، وعُيّن عليه خفراء لحراسته من معان؛ لأنها إحدى محطات السكة الحديد الحجازية.

ويتابع، ان العقبة ازدادت أهميتها خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)؛ إذ شكلت معبراً مهما بالنسبة للدولة العثمانية إلى مصر التي كانت تحت السيطرة البريطانية.

ويؤكد الدكتور الشرعة أن الثورة عندما بدأت في الحجاز واتجهت قواتها شمالاً، سعت لتحرير العقبة من النفوذ التركي ونجحت في ذلك منتصف عام 1917، وأصبحت مركزاً حيوياً بين السلطات البريطانية في مصر وقوات الثورة العربية في شرقي الأردن.

وبرزت أهمية العقبة العسكرية خلال الحرب العالمية الأولى بعد سيطرة القوات البريطانية عليها من الجانب البحري، ثم تمركزت فيها قوات مصرية وبريطانية؛ لضبط الأمن، وكانت على اتصال مباشر مع مصر.

ويقول ان السلطات البريطانية كانت أنزلت ثلاث بوارج في خليج العقبة، محملة بعدد من الجنود الذين نصبوا خيامهم في مدينة العقبة، ويبدو أن السلطات البريطانية خططت لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية لها في العقبة؛ نظراً لموقعها العسكري المهم؛ فأنشأت مرفأ بحرياً لأغراض عسكرية واستراتيجية.

ويلفت الدكتور شرعة إلى مساهمة الأردنيين في معارك الثورة العربية الكبرى وكيفية تحرير العقبة ، حيث اتصل الأمير فيصل قائد جيش الثورة الشمالي بالعديد من شيوخ عشائر شرقي الأردن مثل: الحويطات وبني صخر وبني عطية والعمارات والرولة والشرارات، الذين لبوا دعوته ووفدوا إلى منطقة الوجه على البحر الأحمر منذ شهر آذار عام 1917، ووصل عددهم الى 242 شيخاً وزعيم قبيلة كما ذكرت بعض المصادر.

ومن أبرز هؤلاء الشيوخ عودة أبو تايه الذي أقسم للأمير فيصل أن يقف معه ضد الاتراك ، واقترح على الأمير فيصل تحرير العقبة.

ويشير إلى الحملة الصغيرة التي توجهت برئاسة الشريف ناصر بن علي إلى شرقي الأردن، الذي اتصل مع نوري الشعلان، كما اتصل مع أبو تايه الذي كان يرافق الحملة برجال قبيلته، وجمعوا في وادي السرحان حوالي 500 متطوع من الحويطات والرولة، وأرسل عودة أبو تايه ابن أخيه زعل مع لورنس على رأس 100 رجل لنسف خطة سكة الحديد قرب الزرقاء، كما أرسل الشريف ناصر إلى عشائر بني صخر مطالبا إياهم الانضمام إلى الحملة وهو الأمر الذي تم بعد ذلك.

ويقول "وهكذا دخلت العقبة ضمن اهتمامات جيش الثورة الشمالي برئاسة الأمير فيصل بن الحسين، الذي أرسل في شهر أيار عام 1917، قوة هجانة من الوجه بقيادة الشريف ناصر بن علي؛ والسيطرة على هذه المنطقة ذات الموقع المميز؛ لأنها نقطة الاتصال الوحيدة بين سورية والبحر الأحمر، وبعد صعوبات كبيرة واجهت القوة المرافقة للشريف ناصر، التقوا مع الشيخ عودة أبو تايه شيخ الحويطات، الذي التقى سابقاً بالأمير فيصل، وتعهد له بالقتال معه".

ويضيف انه يبدو ان الاتراك حاولوا اقناع عودة ابو تايه بالتعاون مع قواتهم ، اذ ارسل قائد الجيش التركي الرابع رسالة الى عودة ، قبل سقوط العقبة باسبوع طلب منه التراجع عن فكرة التعاون مع قوات الثورة ، ووعده بمنحه منصبا ، لكنه رفض ذلك وقال : "ان للعرب دولة مستقلة وملكا عربيا هاشميا " .

ويقول الشرعة ان الشيخ سالم بن سويلم، شيخ الاحيوات التحق أيضا بجيش الثورة عام 1917، حيث ساهم في قطع الإمدادات عن الأتراك في العقبة، واستخدم إبل "جمال" قبيلته لنقل ما تحتاج إليه جيوش الثورة في العقبة عبر وادي عربة. كما اشتركت بعض الشخصيات البدوية المقيمة حول العقبة في معارك الثورة؛ إذ انضمّ أحد شيوخ بني عطية الشيخ سالم بن عطية إلى القوات العربية وحارب في مدينة معان، وقد منحه الأمير فيصل فرساً تقديراً لدوره، واعترافاً بخدمات قبيلته للقضية العربية.

ويتابع، ان الحملة العربية استطاعت مهاجمة غدير الحاج جنوب معان وأبو اللسن والقويرة. وتم تحرير العقبة في بداية تموز عام 1917؛ اذ استسلم قائد الحامية التركية وكثير من عسكره ، وبعض من الضباط الالمان ، والفضل في ذلك يعود لعشائر جنوب شرق الأردن ومنهم: الحويطات والنجادات والرولة والشرارات ونجح بذلك الأمير فيصل، ومن معه من الحويطات وغيرهم في السيطرة على العقبة في تموز من العام نفسه.

ويلفت الشرعة إلى أن بعض شيوخ القبائل القاطنة حول العقبة لعبوا دوراً بارزاً في الأعمال الحربية، حيث قدّموا المساعدة لقوات الثورة العربية للسيطرة على العقبة، حسب تصريحات الأمير فيصل لبعض الصحف الفرنسية؛ إّذ قدّم الشيخ ابن جاد أحد شيوخ الحويطات مساعدة للشريف ناصر، عندما اقترب من العقبة، وأعلن ضم العقبة للشريف.

ويقول، انه بعد السيطرة على العقبة وتحريرها من الاتراك ، أعيد تشكيل قوات الثورة العربية في شرقي الأردن، حيث تشكلت قوة نظامية، كان مركز الفرقة الأولى في العقبة، بينما مركز الفرقة الثانية في القويرة وأخرى غير نظامية تألفت من متطوعي القبائل والعشائر في شرقي الأردن وعشائر الحجاز وسوريا.

وهكذا أصبحت العقبة ابتداء من منتصف عام 1917 حسب ما يقول الشرعة ضمن المملكة الهاشمية الحجازية (آنذاك ) وارتبطت من الناحية العسكرية بجيش الثورة الشمالي الذي كان يقوده الأمير فيصل بن الحسين حيث ربطت قيادتها باللواء الثالث بقيادة القائمقام العسكري علي خلقي باشا.

ويقول ان العقبة ارتبطت مع الحجاز فيما يتعلق بالنظر في مسائل الأحوال الشخصية والاجتماعية عموماً ومقابل ذلك كانت المحكمة الشرعية في العقبة تنظر في قضايا البدو والقبائل المجاورة للعقبة.

ويستشهد الشرعة بانه كان يتم تعيين موظفي العقبة بقرار من مكة عاصمة المملكة الهاشمية الحجازية (آنذاك ) حيث تم تعيين محمد الأسد ابن الشيح أحمد الحموي مديراً لدائرة الرسوم (الجمارك) بالعقبة، في شهر آب 1917م، وقد أسس تلك الدائرة وبنى مقرها، الذي أصبح مقراً للحكومة.

واحتفل في العقبة ببناء دائرة الرسوم (الجمارك) في آذار عام 1919، بحضور أعيان البلدة، وتجارها، وموظفيها المدنيين والعسكريين، ومحمد علي بدوي نائب وكيل قائد الجيوش الشمالية. كما عيّن قاضي قضاة المملكة الهاشمية الحجازية (آنذاك ) الشيخ عبد الرحمن بن سليمان الددّة في آب عام 1918، قاضياً للعقبة.

ويشير إلى أن العقبة أخذت مكانة مهمة من قبل السلطات البريطانية، في أثناء حروب الثورة العربية (1916-1918)، حيث ورد في الوثائق البريطانية، أن المسؤولين البريطانيين في القاهرة حريصون على بقاء فيصل بن الحسين في العقبة؛ "نظراً للعمليات العربية الوشيكة في الشمال، التي يحتمل أن تنهار إذا ترك فيصل مركزه في العقبة". ولوحظ اهتمام السلطات البريطانية بالعقبة في أثناء الحرب؛ لأهمية موقعها العسكري؛ ولأنها شكلت همزة وصل مهمة بين شمال الحجاز وجنوب فلسطين وسيناء.

ويلفت الشرعة إلى أن العشائر الأردنية قامت بدور مهم في النصف الثاني من عام 1917، باستكمال تحرير باقي المناطق الأخرى، حيث هاجمت خط سكة الحديد جنوب معان وشمالها، ومن أبرزها: التوايهة والرولة وبني عطية والحويطات وعشائر الكرك وبني صخر والسرحان؛ فالحقت بالاتراك الخسائر الكبيرة في الارواح ، ودمرت أكثر من ثلاثين جسراً وتم نزع عشرة آلاف قضيب.

ويقول انه في نهاية الحرب العالمية الأولى، وبالتحديد في آذار عام 1918، تم تجهيز 700 جمل بأحمالها، وأُرسلت إلى العقبة لتعمل مع الجيش المصري في الحجاز (على اعتبار أن العقبة حجازية آنذاك) ، وفي نيسان من العام نفسه، جُهزّت مجموعة أخرى من الجمال بلغت 2000 جمل واتجهت نحو بير شبه، حيث سلّمت إلى ممثل قوة الحجاز.

ويضيف انه استكمالاً لتحرير منطقة شرق الأردن وسوريا، قرر الأمير فيصل تقسيم الجيش العربي الشمالي إلى مجموعتين، الأولى: بقيادة الأمير زيد بن الحسين وجعفر العسكري، وتبقى في سمنة و(أبو اللسن) ،أما المجموعة الثانية: فقد تكونت من قوات نظامية، مدعومة بقوات متطوعة من عشائر الرولة والحويطات برئاسة نوري الشعلان وعودة أبو تايه، بالإضافة إلى المتطوعين من عشائر بني صخر والسرحان والسردية واستطاعت طرد الاتراك ؛ فانطلقت من الأزرق في أيلول عام 1918، واتجهت نحو درعا ثم دمشق فحلب، حيث نجحت في مهمتها.

واشتبكت المجموعة الأولى التي بقيت في شرق الأردن مع القوات التركية عند محطة الحسا، وساعدتها عشائر الحويطات والحجايا والمناعين.

ويؤكد الشرعة ان هذه القوات استطاعت دخول معان بلا مقاومة، واستكملت استيلاءها على محطة معان في الشهر نفسه. وتعقبت مفرزة من هذه القوات ومتطوعون من الكرك وبني صخر القوات التركية المنسحبة من معان باتجاه عمان، عبر محطات سكة الحديد؛ كالجردونة وجرف الدراويش.

ويقول الشرعة ان قوات الثورة بزعامة الشريف ناصر بن علي استطاعت الاستيلاء على الطفيلة، حيث دخلتها بداية عام 1918، وتم تكليف الشيخ ذياب العوران بتشكيل قوة جندرمة (شرطة) محلية، والتعاون مع عودة أبو تايه وحمد بن جازي، وإعداد القوات اللازمة لمهاجمة خط السكة.

وابتداء من شهر أيلول من العام نفسه، أصبح شرق الأردن يتبع الإدارة العربية العسكرية، التي ترأسها الأمير فيصل في دمشق.بترا



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات