قصة المباراة التي كانت سببًا في مجد واسلام محمد علي كلاي

تم نشره الإثنين 06 حزيران / يونيو 2016 01:08 صباحاً
قصة المباراة  التي كانت سببًا في مجد واسلام محمد علي كلاي

المدينة نيوز- 3 أيام قبل المواجهة الحاسمة بين الشاب كاسيوس (محمد علي) 22 عامًا، وبطل العالم ليستون الذي يكبره بـ7 أعوام كاملة، في السن والخبرة، والبطولة أيضا، لذلك لا يعبأ بمبارزة كلاي، لأنه قليل الخبرة، حديث العهد في البطولات، لم يفز سوى ببطولة أولمبية واحدة، ورغم أنه نال الذهبية، إلا أنها لم تشفع له أمام عنصرية المجتمع الأمريكي، فمازالوا يعاملونه معاملة الزنوج، يضعون له البيرة في كأس من الورق، ولا يسمحون له بالإقامة في الفنادق الكبرى، حتى لو امتلك ثمنها.

كان كلاي يردد في جميع الأوساط أنه سيكون يوما بطل العالم، فيضحك من يضحك، ويسخر الباقي، إلا أن نبرات السخرية لم تكن تزيده إلا إصرارا، وفجأة، وقبل لقاء ليستون بأيامٍ معدودات، بدّل نبرات الثقة بالخوف. قال للجميع إنه يخشى هذه المواجهة، يخاف وليستون، «سينهي الرحلة قبل بدايتها، سأكون نسيا منسيا»، حتى ظن العالم أن وليستون سيقتله، حتما سيقضي عليه، ووصلت هذه المخاوف لبطل العالم، فبدأ يخبر الإعلام أنه سيقضي على الشاب الطموح في 3 جولات فقط.

صدّق وليستون شائعة كلاي، وكان هذا ما يتمناه الشاب، فالبطل أصابه الغرور قبل المباراة، ولم يكلف جسده أكثر مما سيحتمل هاوٍ، قليل الخبرة داخل الحلبة، واقتنع تماما أنه سينهي عليه بالقاضية في الجولة الثالثة على أقصى تقدير.

كان مالكولم إكس في هذا الوقت قد بدأ صداقته مع كاسيوس كلاي، بل في أقل من عام كان إكس ينعته بـ«الأخ الأصغر»، يحبه ويشجعه، ويرى فيه مستقبل كبير يمشي على قدمين، يبث في روحه أنه سيكون البطل، «حتما ستهزمه»، بل وقرر رغمًا عن منظمي البطولة أن يحضر المباراة التي ينطمها جماعة من البيض العنصريين الذين يكرهون توجهات مالكولم ضدهم، ويستخدمون أصحاب البشرة السمراء كفئران تجارب، يراهنون عليهم فقط في مثل هذه المباريات، ويستمتعون بقتال بعضهم بعض، حتى أنهم هددوا إذا ما حضر هذا المالكولم سيلغون المسابقة، وقتها همس إكس في أذن كلاي: «لا تقلق، لن يستطيعوا إلغاء هذه المباراة، لأنهم يريدون الأموال التي يحصّلونها من تنظيمها.. المال إله الرجل الأبيض».

تحققت نبوءة إكس، ولم يقو أصحاب البشرة البيضاء على إلغاء المباراة وخسارة مراهناتهم، لتبدأ دفات الجولة الأولى، بين شاب يثق الجميع في خسارته، ولا يعترفون بقدرته ولو بنسبة 1%، وبطل العالم ليستون، صاحب النصيب الأكبر من الرهان على الفوز، الواثق في قبضته القاضية قبل الجولة الثالثة.

كفراشة يتحرك كلاي داخل الحلبة، يدور في ساحتها على أطراف أصابعه، وكأنه يؤدي رقصة باليه، لا ملاكمة في الوزن الثقيل، كان خفيفا ومرنا جدا، لدرجة أن بطل العالم بخبرته لم يتمكن من ضرب وجهه المشكوف، فالشاب الطموح لا يخاف على ملامحه، ولا يداري عيناه من الخصم، بل يسلطهما طول المباراة في وجه ليستون، يراوغ بجسده كـ«بيليه» أسطورة الكرة في أرض الملعب، بينما بطل العالم حائرا في المواجهة، يخاف على وجهه، لا يكشفه.

جولتان، وفي الثالثة، شعر وليستون أن عليه تنفيذ وعده لجمهوره، بأن يقضي على طموح كلاي قبل نهايتها، فهاج كالثور، وبدأ يتحرك أسرع في محاولة للنيل منه، كاشفا عن وجهه أخيرا بعد جولتين من التأمين، ليستغل كلاي الفرصة ويلدغة كالنحلة بيسراه القاتلة، أسفل العين، ليبدأ من هنا بطل العالم يستشعر الخطورة، وأنه يواجه بطلا جديدا.

في الرابعة، عاد وليستون للانشغال بتأمين وجهه، فراح كلاي يداعبه ويستفزه ليزيد جرح نفسه، فالبطل السابق خسر رهانه مع الجمهور بانتهاء الجولة الثالثة دون قاضية، وخسر معها معنوياته والعين اليسرى، ومع دقات الجولة الخامسة، لم يعد الحضور قادرًا على تصديق مشهد الحلبة، فالشاب الطموح بدأت تظهر عليه علامات البطولة، يبتسم، ويراوغ، ويداعب الخصم، ويشير إليه «تعال.. تعال»، وانقلب الأمر على عقبيه.

استمر الحال هكذا حتى السادسة، وزاد عليها أن كلاي لم يكتف فقط بالمراوغة، وبدأ في توجيه لكماته في عين ليستون المجروحة، واحدة، وثانية، وثالثة، حتى انتهت الجولة، وراح مدرب بطل العالم ليغيثه، ومعه فريق معالج، كلهم التفوا حول وليستون، يداوون جرح العين، والنفس، لكنه لم يحتمل البقاء، ولوح بيده اليمنى معلنا الاستسلام، في لحظة وقف فيها كلاي منتظرا دقات الجولة السابعة بكل حماس، لولا إعلان الحكم نهايتها قبل أن تبدأ، ليرقص الشاب الطموح رقصة الانتصار، ويتوج بطلا للعالم لأول مرة في حياته.

بعد فوز كلاي، التقى به ألكس هيلي، الكاتب المعروف وصاحب كتاب «مذكرات مالكولم إكس»، لأول مرة، وربما هي أطول مرة يجلس فيها معه، في محاولة لإجراء حوار مع البطل لصالح إحدى الصحف الأمريكية، يقول هيلي: «كان محمد علي مستلقيا على سريره كملك في مملكته، وهذه هي الطريقة التي تكون مع معظم الملاكمين الكبار. كان شخصًا مختلفا من ذاك الذي رأيته من قبل، وعلى الرغم من كل هذه الظروف والملابسات استطعت أن أحصل على إجابات منه على ثلاثة أسئلة فقط»، ليرصد بذلك كيف تحول الشاب الأسود المنبوذ من العنصريين، إلى بطل يتصارع الجميع لينالوا منه كلمة، أو حتى نظرة، ثم أشهر بعد هذه المباراة مباشرة إسلامه، معلنا للجميع أنه من اليوم فصاعدًا سيكون «محمد علي».



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات