هل كل مزيل لرائحة العرق.. يمنع التعرق؟

المدينة نيوز :- يكثُر الإستفسارات في الصيدلية من قِبَل الناس عن المستحضرات المُزيلة لرائحة العَرَق أو المُضادّة للتعرّق، خصوصاً بعد أن انتشرت نظريات عديدة حول ضرر بعض مكوّناتها فيطلبون منا التوضيح وإسداء النصيحة.

جميل أن يبدأ الناس بالإهتمام بتفاصيل مكوّنات ما يشترون من حاجيات من منطلق الحرص على صحتهم. ومن الأسئلة التي تُطرح وبكثرة خصوصاً في هذه الأيام الحارّة :

هل مُزيل رائحة العَرَق فعّال أيضاً في التقليل من التعرّق كما تروّج الإعلانات التجارية؟ هل هي فعلاً آمنة؟ وما الرابط بين مُزيلات رائحة العَرَق وبعض الأمراض كسرطان الثدي أو الألزهايمر؟ وما معنى مصطلح (antiperspirant) المكتوب على عبوة المستحضر؟ وهل لها دلالات مُعينة لبعض المرضى؟

التعرّق يساعد في حفظ حرارة الجسم بمعدلها الطبيعي. بعض الأشخاص يعانون من فرط التعرّق ربما لأسباب صحية أو نفسية وبعضهم قد لا يعاني من أية مشكلة إلا أنه يعظّم الأمر ولا يريد لجسمه أن يؤدّي دوره الطبيعي فقط، لأنه لا يريد أن يشعر بالإحراج بسبب تلوّن ملابسه من العَرَق.

ويبقى المطلب الأساس تخفيف تصبّب العَرَق من الجسم خصوصاً في المنطقة تحت الإبطين، وهي أكثر المناطق في الجسد تعرّقاً والمُسبّبة للإحراج إما على ملابسنا على شكل بُقع أو ربما بسبب الرائحة المُزعجة.

أولاً يجب أن تفرّق بين المُستحضرات المُزيلة لرائحة العَرَق والمُستحضرات المضادّة للتعرّق بمقارنة بسيطة، ما يساعدك في تحديد خيارك في ما تريد شراءه.

المُستحضرات المُزيلة لرائحة العَرَق تقوم بتخفيف الرائحة الكريهة ولا توقف التعرّق، تحتوي على نسبة قليلة (20%) من مادّة (كلوريد الألومنيوم)، كما أنها تحتوي على تركيبات مُعطّرة تشعرك ببعض الأمان عند إستخدامها. إذاً هي لن تمنع إفراز العَرَق بشكل جيّد ولن تمنع تكوّن بُقعة العَرَق على الملابس، يمكن إستخدامها في أي وقت صباحاً أو مساءً.

أما المُستحضرات المُضادّة للعَرَق (antiperspirant) فهي تقوم بتخفيف إفراز العَرَق من الغُدد العرقية تحت الإبطين بشكل كبير، لا تحتوي على مواد مُعطّرة لذلك فإن استخدامها في النهار لإزالة رائحة العَرَق لن يجدي نفعاً، وللحصول على نتيجة أفضل خصوصاً لمن يعاني من فرط التعرّق عليه أن يستخدم هذا المُستحضر ليلاً قبل النوم، حيث يهدأ إفراز الغُدد ويتم امتصاص المُستحضر بشكل أفضل، مُضاد التعرّق يحتوي على تركيز أعلى من مادة (كلوريد الألومنيوم) وهي المادة الأساس المانعة للتعرّق.

ومن هنا يمكن التأكيد للأشخاص الذين يعانون من زيادة إفراز العَرَق على أنهم سيحصلون على نتيجة جيّدة، إن تم استخدامها بشكل صحيح وقد تصل فعّاليتها لثلاثة أيام مُتتالية.

تقوم مُستحضرات مُضاد العَرَق بتضييق الخلايا والغُدد التي تتسبّب بإفراز العَرَق. هذا التأثير ينتج من مادة كلوريد الألومنيوم، وكلما زادت نسبته في المُستحضر كلما قل التعرق بشكل أكبر. بعض الأفراد قد يحصلون على نتيجة تصل إلى حد عدم التعرّق نهائياً وهذا الأمر ليس صحياً، فننصحهم بالتوقّف عن استخدام المُستحضر لثلاثة أو أربعة أيام حتى تعاود الغُدد عملها من جديد.

عليك ألاّ تستخدم المُستحضر بشكل مُتكرّر في اليوم ، فقاعدة (الإستخدام الكثير يعطي نتيجة أفضل) ليست صحيحة، قد تتسبّب بشعور وَخز في الجلد أوحتى الحِكاك. وفي بعض الحالات النادرة قد تحدث التهابات طفيفة بالبشرة وربما تهيّج أو حروق بسيطة خاصة إن تم تطبيق المُستحضر بعد الحلاقة مباشرة.

وأيضاً من التوصيات العامة، ننصح باستخدام مُضادّ للعَرَق لا يحتوي على الكحول، كما أن استخدام الشكل المائي (القوام السائل أو الجلّ) أفضل من الرذاذ.

الغرفة الإتحادية للصيادلة الألمان أكّدت: أنه وبحال ظهور تهيّجات جلدية أو الشعور بجفاف في البشرة، فعليك التوقّف عن استخدم مُزيل العَرَق أو مُضادّ التعرّق وإستشارة طبيب جلدي بسرعة.

بعض المُنتجات تجمع بين الصفتين فهي مُزيلة لرائحة العَرَق كما أنها تمنع التعرّق. ستجد عبارة (antiperspirant ) على المُنتج والتي توضح أن المُنتج مُضادّ للتعرّق.

هذه المُستحضرات تتوفّر بعدّة أشكال: منها الرذاذ (سبراي) أو السائل أو ربما بشكل بودرة مضغوطة، أو حتى كريم موضعي.

أملاح الألومنيوم .. المُركّب الأكثر جدلاً

قد يعتقد عامة الناس أن معدن الألومنيوم موجود فقط في المُستحضرات المُضادّة للتعرّق، فينفقون الكثير من المال لشراء مُستحضرات خالية من عنصر الألومنيوم، لكن أما علمتم أن هذا العنصر موجود أيضاً في أدوات الطبخ؟ أدوية مُضادات الحموضة؟ البيرة، وحتى مياه الشرب؟

إذاً المشكلة ليست في عنصر الألومنيوم بحد ذاته ولكن بنسبة تركيز العنصر داخل الجسم ومن هذا المُنطلق صرّحت المنظمات الصحيّة في أوروبا بأن الكمّية التي يجب أن يحصل عليها الشخص البالغ من هذا العنصر خلال الأسبوع هي سبعين ملليغراماً، أيضاً أعلن البروفيسور أندرياس لوش (من معهد الإتحاد لتقييم المخاط)، بأن استخدام مُضادّ التعرّق لوحده كفيلٌ بأن يحصل الفرد البالغ على الـ 70 ملييغراماً من الألومنيوم خلال الأسبوع بل قد يتعداها. لذلك من الأفضل تجنّب إستخدام مُضادّات التعرّق التي تحتوي على عنصر الألومنيوم بتراكيز عالية، خصوصاً على الجلد المجروح أو المتهيّج أو المُلتهب .

وجزء من مادة الألومنيوم يُفرز خارج الجسم والجزء الآخر يبقى داخله ما يسبّب بتراكمه، وهنا تكمن خطورة هذا المعدن على المرضى الذين يعانون من قصور حاد في عمل الكلى، فيجب عليهم تجنّب شراء المُستحضرات المُرفقة ب (antiperspirant ) وإستشارة الطبيب في هذا الشأن.

أما عن ارتباط عنصر الألومنيوم بسرطان الثدي فإن الإحصاءات أوضحت أن النساء اللاتي عانين من هذا المرض كن يستخدمن مُضادّ التعرّق المحتوي على أملاح الألومنيوم، لكن المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة الأميركية أعلن بأنه لاتوجد أبحاث تؤكّد وجود صلة بين هذا المرض ومُنتجات مُزيل ومُضادّ التعرّق.

كذلك كَثُر الجدل حول ارتباط استخدام هذه المُستحضرات بمرض الألزهايمر، وعلى الرغم من ارتفاع تراكيز عنصر الألومنيوم في أجساد المرضى الذين يعانون الألزهايمر، إلا أنه لا توجد دراسة طبية تؤكّد بأن مُضادّات التعرّق هي من أحد مسبّبات المرض.

خلاصة الأمر، النظافة هي ثلثا الصحة وهي الدافع الأساس لابتياع هذه المُنتجات ولكنها ليست بالنهاية بديلة عن الإستحمام الذي يُزيل كل رواسب العَرَق والبكتيريا وقتل الرائحة المُزعجة، قد تلعب بعض المُنتجات غير المكلفة مادياً دوراً مهماً في تخفيف عبء بعض الشؤون الحياتية خصوصاً إن تم استخدامها بكميات محدودة وبعقلانية، إلا أن اختيار المُنتجات الخالية من أملاح الألومنيوم تبقى الأكثر أمناً والأفضل لمن يستطيع تحمّل أعباء كلفتها. فلا تبخل على نفسك ببضع دقائق لقراءة مكوّنات ما تريد امتلاكه إن كان مُنتجاً غذائياً أو كمالياً لضمان سلامتك، فالرجل الحكيم هو الذي يعتبر أن الصحة هي أعظم نعمة للإنسان (أبقراط).