محاضرة عن الثورة العربية الكبرى في منتدى الفحيص

المدينة نيوز :- قال استاذ الإعلام السابق بجامعة اليرموك الدكتور عصام سليمان الموسى ان الثورة العربية الكبرى أكدت على الشخصية المستقلة للعرب ووضعتها في مقدمة الاحداث بعد أن طمست دولتهم وهويتهم طيلة 1200 عام، مشيرا الى اننا بدأنا بعد الثورة نتحدث عن واقع جديد هو "العالم العربي" او "الوطن العربي".
وأضاف الموسى في محاضرة له مساء أمس في منتدى الفحيص الثقافي بعنوان "الثورة العربية الكبرى بعد 100 عام: ماذا تحقق"، ان مبادئ الثورة العربية التي تأسست على (الحرية والمساواة والوحدة والحياة الأفضل) وجدت قبولا عند الشعب العربي بأكمله وهي نفس الشعارات التي تنادي بها شعوب الربيع العربي التي ثارت ضد الحكم المستبد ولنفس الأسباب التي ثار لأجلها العرب عام 1916.
وأشار الى أن الاعتراف بالعرب كقوة كان في مؤتمر السلم الذي عقد عام 1919 باعتبار ان الجيش العربي الذي قاده الملك فيصل وصولا الى دمشق بلغ عديده مئة الف مقاتل خاضوا معارك شرسة وسقط منهم آلاف الشهداء، مؤكدا أن الأمير عبد الله بن الحسين حقق استقلال الأردن في ظلال سياسة الأمر الواقع نتيجة قدومه على رأس قوة مسلحة لمحاربة الفرنسيين الذين أسقطوا مملكة شقيقه فيصل في سوريا، فرضخ تشرشل لطلبه بإخراج شرق الأردن من وعد بلفور لغرض حماية حلفائه الفرنسيين من احتمال قيام حرب تشن ضدهم من الأردن بعد ان بدأ الأحرار يلتفون حول الأمير عبدالله. واستعرض الموسى التاريخ العربي منذ بدء انهيار الدولة العربية اعتبارا من زمن الواثق بن المعتصم (842-847)،وصولا الى العثمانيين عام 1516 واحتلالهم البلاد العربية حتى عام 1916 تحت رابطة الدين، مشيرا الى أنه طيلة الفترة التي زادت على 1200 عام خبا الوهج الفكري الحضاري للعرب بعد عصر ذهبي ايام الرشيد والمأمون، فصار العنصر العربي تابعا لعناصر اجنبية من اقوام آسيا الوسطى، وقاد هذا الى تخلف البلاد العربية عن مواكبة ركب الحضارة العالمية.
وقال، ان الوضع تفاقم ابان العهد العثماني بصدور فتوى دينية اعتبرت المطبعة التي تم اختراعها في اوروبا في منتصف القرن الخامس عشر "رجسا من عمل الشيطان"، ففي الوقت الذي نهضت فيه اوروبا بانتشار العلم والمعرفة في ربوعها، تعمق الجهل في بلاد العثمانيين، غير ان الفتوى الدينية استثنت المسيحيين واليهود، فدخلت المطابع العربية الأديرة المسيحية اعتبارا من عام 1610 حيث عمل المسيحيون العرب على الحفاظ على جذوة الثقافة العربية سواء في مدارسهم او صحفهم.
وبين الموسى أنه في مطلع القرن العشرين ظهرت القومية الطورانية المتعصبة وقادت جماعة الاتحاد والترقي انقلابا جاء بهم للحكم، فاضطهدوا العرب وطبقوا سياسة التتريك التي رفضها العرب، مشيرا الى أنهم تنادوا في ظلال قانون المطبوعات العثماني الصادر عام 1909 الذي أعلى من سقف حرية التعبير الى مواجهة عملية التتريك هذه، وطالبوا بالاستقلال الذاتي وتشكلت جمعيات سرية مثل العهد والعربية الفتاة.
وأشار الى هذه الجمعيات تبنت الفكر القومي العربي مقابل الفكر الطوراني المتعصب للأتراك، وتفاقم الوضع ووصل مرحلة اللارجوع عشية اعدام جمال باشا السفاح احرار العرب ومفكريهم، مسلمين ومسيحيين، حيث وضع وقف فيه العرب والأتراك على مفترق طرق، مضيفا أن الشريف الحسين بن علي حاول رأب الصدع مع الاتحاديين، ففشلت جهوده، وكان لا بد من اعلان الثورة العربية في 10 حزيران 1916 بعد ان تبنى الشريف الحسين المبادئ القومية التي صاغتها الجمعيات العربية في بلاد الشام.
واستشهد بقول المؤرخ الراحل سليمان الموسى الذي أكد أن الثورة هي ثورة "القومية العربية" التي فكر بها وعمل من "أجلها اعضاء الجمعيات العربية المثقفون الناطقون بضمير الأمة والمعبرون عن طموحاتها".
أما "الشريف الحسين فهو الزعيم الفذ الذي تبنى الفكرة وتحمل تبعات القيادة، وواجه الأخطار، وثبت على المبدأ وضحى في سبيله. وهو القائد الذي لولاه لبقيت أفكار الطليعة العربية ردحا من الزمن، نظريات وأحلاما وتطلعات".
وهكذا قامت الثورة "على مبدأ المؤاخاة بين القومية العربية والإسلام"، ومن من هنا صارت الثورة العربية الكبرى "تعبيرا حيا عن ارادة شعب عريق، نهض من سبات القرون، يطلب حريته ويتمسك بهويته القومية".