باحثان يناقشان علاقة التراث بالحداثة في "شومان"

المدينة نيوز :- ناقش باحثان عربيان، علاقة الفكر السائد والحداثة اليوم بالتراث، ونظرتهما إلى الجديد باعتباره امتدادا لما كان قائما في الماضي.
جاء ذلك في لقاء حواري عقد في منتدى مؤسسة عبدالحميد شومان مساء أمس الاثنين، بعنوان "التراث العربي والنظريات الحديثة" شارك فيه الفائزان بجائزة الملك فيصل العالمية للعام 2016، الدكتور محمد عبدالمطلب من جامعة عين شمس المصرية، والدكتور محمد مفتاح من جامعة محمد الخامس المغربية.
في اللقاء الذي أداره الناقد الدكتور غسان عبدالخالق بحضور الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية الدكتور عبدالعزيز السبيل، بين الدكتور عبدالمطلب في دراسته لعلاقة التراث بالنظريات الحديثة، أنه لا يعتبر التراث مجرد تلك المدونات والذخيرة التي تم تركها لنا من الماضي، بل هو "الموقف من هذا التراث"، لافتا إلى ضرورة أن ندخل ونستعرض ونشتبك مع هذا التراث، لاستجلاء ماهيته.
وقال إن ما يجري في الغرب من أحداث هو صدى للتحولات الاجتماعية والثقافية هناك، لذلك تأتي النظريات متساوقة مع تلك التحولات، غير أننا في العالم العربي نلجأ إلى استعارة تلك النظريات متأخرين كثيرا.
وأضاف "نبدأ بالاشتغال على النظريات بعد أن تموت في الغرب بعقود".
وبين الباحث أن التراث العربي في مراحل معينة، خصوصا في فترة حكم العرب للأندلس، كان هاضما للتراث العالمي، وقد درسه وطوره وقدمه للعالم بمنظور جديد، مشيرا إلى أن الحداثة قدمت لنا أمورا مهمة، مثل انتهاء الانغلاق الثقافي، والأدب الرقمي، وانفتاح النص الأدبي.
من جهته بين الدكتور محمد مفتاح، أنه حاول أن يتناول موضوع التراث في إطار نظري عام، مقترحا تحقيبا زمنيا ثلاثيا، الأول هو العصر القديم والوسط وصولا إلى العام 1492. والثاني هو عهود النهضات والإصلاحات والثورات وصولا إلى القرن العشرين. أما الثالث فهو القرن العشرين وامتداداته.
ولفت إلى أن مستند التحقيب لديه انطلق من نظرية الأقاليم السبعة في الجغرافية القديمة، والمنطقة العربية بصفة عامة تقع في الإقليم الرابع، وهي الإقليم التي اعتبرها الجغرافيون القدماء أعدلها مناخا، لذلك كانت فيه الحضارات والديانات.
وبين أن تراث هذه المنطقة محكوم بتصورات أهلها وعلومهم وثقافتهم، وهي الطب القديم والوسيط، الفلك القديم والوسيط، الفلسفة القديمة والوسيطة، التشريع القديم والوسيط، والكلاميات والأصوليات القديمة والوسيطة، وعليه فإنه يصلح قراءة التراث العربي الإسلامي بالتراث الغربي أو العكس.
وتابع "أما الحقبة الثانية، فقد اتسمت بعلم فلك جديد، وبطب جديد، وبمناقشات دينية جديدة، ثم ما تلا ذلك من إصلاحات دينية ونهضات أدبية"، معتبرا أن ما حدث هو قراءات واجتهادات لهذا التراث المشترك، وكأنما هي قراءة عربية إسلامية، لذلك يمكن الاستفادة منها كما نستفيد من علومهم الخاصة، فيما الحقبة الثالثة تمت في القرن العشرين، تبعا للتطورات الفيزيائية والطبية والكوسمولوجية والرياضية، وقد استفادت الدراسات اللغوية والمنطقية والتأويلية من هذه الثورات المتنوعة.
وخلص الباحث إلى أن التنظير والتأويل والقراءة يرتبط تطورها وتجديدها وثورتها بالعلوم الخالصة، وهذه العلوم إنسانية، وقوانينها ليس عليها اعتراض، ويجب أن يكون كذلك الأمر على مستوى العلوم الإنسانية والاجتماعية.
--(بترا)