بالصور: صانع 'نعوش' يضيف المرحَ إلى الجنازات ويطلبه رؤساء أميركا وكبار الزعماء!

المدينة نيوز:- "با جو" رجل مبدع يبلغ من العمر 69 عاماً، يدفن إبداعاته بعمق 6 أقدام، واشترى أعماله رؤساء للولايات المتحدة، وظهر في مجموعاتٍ فنية بمتاحف في جميع أنحاء العالم.

جو، هو أكثر صانعي النعوش غزارة في الإنتاج بغانا؛ وأمضى في صناعة الجنائز ما يقارب 5 عقود، أنتج فيها بعضاً من أكثر التصميمات المترَفة في العالم، يُحتفى بعمله في معرضٍ كبير بالعاصمة الغانية أكرا، وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان.

ويهدف جو أن يصمم أعماله -التي تتضمن نعوشاً على شكل سيارات بورش، ونساء عاريات، وأحذية نايكي، وكاميرات، وزجاجات كوكا كولا، والفلفل الحار- لتمثّل حياة الفقيد، ويكون كلّ منها مصنوع يدوياً ومدهون من أجل المسيرة الجنائزية، التي يُمكن أن تستمر 3 أيام بلياليها.

قام جو وابنه جيكوب، وبمساعدة الكاتبة والمؤرخة الغانية نانا أوفورياتا آييم، بإقامة معرضاً يستكشف التقاليد وراء النعوش التصويرية وشعبيتها الخاصة في مجتمع "الغا" في غانا، حيث بدأت هذه العادة المميزة.

ويقول الابن جيكوب، 28 عاماً، والذي بدأ العمل مع والده منذ 8 سنوات: "يحتفل الناس بالموت في غانا. في الجنازة، يكون لدينا شغفٌ بالأشخاص الذين يرحلون عنّا؛ هناك الكثير من الأشخاص، والكثير من الصخب".

ولا يرى الأب والابن عملهم على أنّه كئيب، فيقول جيكوب إن النعوش احتفالية، وتعكس تعامل غرب إفريقيا مع الموت "إنها تذكرنا بأن الحياة تستمر بعد الموت، وأنّ موت أحدهم يعني انتقاله إلى الحياة الآخرة، لذا فمن المهم أن يذهبوا إليها بطريقة أنيقة".

واجتذبت إبداعات جو معجَبين مهمين، حيث يتذكر جيكوب زياراتٍ من كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، وجيمي كارتر الرئيس الأسبق للولايات المتحدة، الذي يُقال إنه ابتاع نعشين، بالإضافة إلى زيارة بيل كلينتون له خلال زيارة رسمية إلى غانا في عام 1998.

وكان جو قد اكتشف صناعة النعوش عندما كان في السادسة عشرة، عندما أرسلته أمّه ليتدرّب مع مجتمع صيادين الغا في بلدة تيشي. عمّاه أجيتي وكين كواي، كانا صانعي نعوش تصويرية بارزيْن في المنطقة في الخمسينات، وعمل جو مع كين لمدة 12 عاماً قبل أن يعود إلى أكرا في 1976 ليؤسس ورشته الخاصة.

ونحت با جو أول نعشٍ تصويري في 1978 على شكل مبنى، وكان قد صُمّم من أجل مطور مشاريع عقارية، لكن الطلب تباطأ منذ ذلك الحين، وفقاً لجيكوب الذي قال: "في أكرا، عندما كان الأمر ينتشر، كنا نصنع 10 نعوش في الشهر". الآن، يصنع الاثنان -وهما يعملان وحدهما في ورشتهما ببلدة بوبيمان، على بعد 15 ميلاً من العاصمة- نحو نعشيْن في الشهر، بينما يمكن أن تستغرق التصميمات الأكثر تعقيداً وقتاً أطول.

ويعادل السعر المحلي لنعش للاستخدام التقليدي نحو 1.500 جنيه إسترليني اعتماداً على العمولة، أما النعوش المصنوعة للمعارض فيمكن أن تجلب نحو 8.000 جنيه.

وفي الوقت الذي يلقى فيه عمل جو الكثير من التقدير الدولي -إذ عُرض في مركز بومبيدو بباريس، وفي المتحف البريطاني، ومتحف فيكتوريا آند ألبرت بلندن، وكذلك متحف بروكلين في نيويورك- إلا أنه تحمّل الكثير من المصاعب المالية في الوطن واضطر إلى نقل ورشته خارج أكرا المركزية إلى مقرّ أرخص في 2008.

ويقول جيكوب: "كلما سافرنا إلى الخارج، نجد الناس في العالم الغربي يكنّون احتراماً بالغاً لعملنا، لكن في غانا لا يعتبرون هذا فناً"، إلا أن هذا بدأ في التغير، حيث تقول نانا إن المعرض المنوي إقامته بمساحة فنية جديدة في أكرا تدعى ANO، في بدايات عام 2017، سيعرض الدور الكبير الذي لعبه جو في الثقافة الغانية.

وتضيف نانا: "ما أحبه بشدة في هذه النعوش، أنّها تؤكد فكرة امتزاج الفن بالحياة والموت في غانا. نعوشه كانت ظاهرة في مولد الفن الإفريقي المعاصر في الغرب".

وكان جو هو موضوع فيلم وثائقي أخرجه صانع الأفلام البريطاني بنجامين ويغلي. "با جو والأسد"، الذي عُرض لأول مرة بالمملكة المتحدة في أغسطس/آب وتتبع الأب والابن؛ إذ وصلا من أجل إقامة لشهر واحد في حدائق "كلامبر بارك" النباتية في نونيتجاهمشاير، حيث يبني الاثنان نعشاً على شكل أسد.

وتلقى جو، بعد الفيلم البريطاني، أكبر طلبٍ له إلى اليوم وهو نعش على شكل سيارة شيفروليه ستينجراي، يسع شخصين.

ومع تجدد الاهتمام بأعماله، يفكر جيكوب الآن في كيفية حماية ميراث أبيه، ويقول: "إننا مهتمون بتعليم الطلاب من الخارج، سواء من غانا أو من أوروبا، ونأمل أن نؤسس نوعاً من برنامج الإقامة الدراسي".

لكن جو لم يتوقف عن العمل بعد، فهو مستمر في إنتاج النعوش بورشته، لكنه يقول إنه عندما يحتاج واحداً لنفسه، فإنه يحب أن يكون على شكل مطرقة.