جماعة الاخوان المسلمين تصدر بياناً

المدينة نيوز :- اصدرت جماعة الاخوان المسلمين بياناً حول مناسبة المولد النبوي وتالياً نصه :
الحمد لله حمداً يليق بجلاله ، والشكر على نعمة عبادته ، سبحانه أنار القلوب بالنيات الخالصة ، واختار لخواصّ خلقه تبليغ دعوته ، وهداهم وهدى بهم وأرشدهم إلى خيري الدنيا والآخرة .
ونصلي ونسلم على من كان مولده موعداً لتحقق البشارة التي جرت على لسان الأنبياء جميعاً ، فقال سبحانه على لسان عيسى عليه السلام :"وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ " (الصف: 6) .
فان جماعة الاخوان المسلمين- الاردن لتتقدم للشعب الاردني ، و للامتين العربية و الاسلامية بالتهنئة و المباركة بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف ، ذكرى مولد الحبيب المصطفى ، مولد خير الانام ، ذلكم النبي الذي انتهى إليه ميراث الأنبياء عليهم السلام ، ميراث إقامة الدين لله باتباع رسل الله . فحمل الدين وأراد لأتباعه أن يحملوا همّ الدين ، فأعدّ لذلك نفوساً تحميه وتفديه لا تتخلى عنه ولا تُخليه لأعدائه . أراد رسول الله لأتباعه أن يقوموا بإطلاع الناس على محاسن شريعتهم ليسهل انقيادهم لدين الله . علمهم كيف يقيمون الدين بالاتفاق عليه لا على الاختلاف فيه , الاتفاق عليه نهجاً للحياة وطريقاً للنجاة , وجنّبهم الاختلاف فيه بأن أخرجهم من رقّ الشهوات و الاهواء ، فارتبطت قلوبهم مع بعضهم بعضا بأخوة صادقة ظلت منارة يُهتدى بها إلى يوم الدين .
لم يأمرهم بحفظ متون الألفاظ والتفريط بمعانيها , والانشغال بالرقائق وتأملها عن الانطلاق في الأرض وتحقيق مراميها , ولم يأمرهم بالعمل بظاهر نصوص الأحكام دون الالتفات إلى مقاصدها ومآلاتها . تمثّل أمامهم جامعة للأخلاق كي يقتدوا به ، فكانت شجاعته في مهابته ودفاعه عن الدين , والصبر على الملمّات ، والوفاء بالوعد .
و تخلّق بالعفة فمَلك القناعة ، واقتصر على أدنى معيشة ، ولم يسأل الناس شيئاً لنفسه . أبصر الناس خلق العدل فيه إنجازاً بالوعد ، وإيثاراً على النفس ، وتبرعاً بالمال ، وسماحةً في أداء الحقوق ، وإجابة للسائل مع طلاقة في الوجه وحسن في القول .
احترم عقول أصحابه رجالاً ونساءً ، ليكونوا من بعده أمة تعي قَدْر عقولها ، فتصدح بالحجة ، وتمارس ثقافة الرأي والشورى ، وتترفع عن النقيصة بخلق الحياء ، وتثبت في البأساء والضراء ، وتتحلّم عن سفاهة السفهاء.
عاش صلى الله عليه وسلم بين الناس ولم يعش في عزلة أو صومعة ، يأكل مما يأكل الناس ، ويشرب مما يشربون ، ويمشي في الأسواق ، يخالط الناس في أفراحهم وأتراحهم . يغضب إذا انتهكت محارم الله ، ويغار على أعراض الناس ، ويأخذ على يد القوي إذا جار ، وينتصر للضعيف .
قاد معركة تحرير النفوس من العبودية وسط الجموع الكافرة المتآمرة عليه ، والتي ما فتئت ترميه بألفاظ القدح وتؤذيه بكافة أشكال الأذى وبكل ما تستطيع ، فلم يزده ذلك إلا إصراراً على حمل الدعوة وتبليغ الرسالة.
تفرّد في زعامته ، إذ لم يكن يسعى لتحقيق سؤدد شخصي لذاته كما يفعل زعماء الأرض ، ولم يفرض نظاماً متسلطاً مستبداً ، بل كان زعيم فكرة لنهضة الأمة ، ولنشر الدين الحق في الدنيا . فخلّص الناس من الظلم بإقامة العدل بمفهومه الصحيح في تدبير شؤون المحكومين ، وإرساء قواعد الشورى، وصيانة كرامة الانسان في ماله وعرضه ونفسه ، واحترام الانسان وتمكينه من التمتع بجميع الحقوق ، والمطالب المشروعة ، كالحق في الحياة ، الذي يكمل معه الايمان ومحاربة الفساد والاستبداد ، ومعاملته معاملة تليق به كمخلوق مكرم ، فضله الله سبحانه على سائر المخلوقات , وحقّق لهم الاستقرار بإقامة مؤسسات الدولة بمختلف درجاتها .
لم يغلق حدود دولته في وجه الملوك والأديان ، وإنما راسلهم وعرّفهم بالدين الذي أرسل به ، وبادلهم وبايعهم وعاملهم وعاهدهم وجاهدهم بقوة الحق الذي معه ، لا بقوة السلاح الذي في يده ، جاهد من أجل إذابة الفروق العرقية ، والجنسية ، بين الناس ، " فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى" .
وجاهد لإسقاط اعتبارات الجاه والسلطان إذا كانت سببا في الإذعان ، جاهد صوناً للدماء ، فالدم الإنساني معصوم من الهدر إلا بحق مشروع صحيح ، ومصان من الاعتداء بما شرع الله ، يمنع قتل الناس فوضى ، ولا يقبل إراقة الدم انتقاماً وثأراً .
رفع شأن الإنسان في الأرض بتحطيم جُدر الضلال من الأهواء وفساد الطباع ، وتجهيل العقول ، وإذلالها والإستحواذ على خيراتها .
أخرج الناس من الجهل إلى العلم ، ودعى إلى إستخدام العقل بالتفكر والتأمل ، وشرع لإصلاح النفوس وتهذيبها أقوالاً وأفعالاً ، فجعل منها أمة شاهدة على الناس ، لا يختصها الله بصلاح دينها دون باقي الأمم ، ولا يختص بالدين العظيم جيلاً منها دون جيل .
إنه محمد المحمود في السماء والأرض ، المبعوث رحمة للعالمين ، "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين" [الأنبياء:107].
و إذ تهنىء الجماعة الشعب الاردني و الشعوب العربية و المسلمة بهذه المناسبة الكريمة لتسأل الله سبحانه و تعالى أن يحفظ بلادنا و أوطاننا من كل سوء ، و أن يرفع عنها الظلم والقهر والإستبداد الذي أبتليت به ، من القريب و من البعيد ، و أن يرد العدوان عن بلادنا ، و يوقف القتل و الدمار الذي حل ببعض أوطاننا ، و أن يحرر المسجد الأقصى و القدس و فلسطين من الصهاينة المحتلين .
وأن يحفظ بلدنا الاردن قوياً عزيزاً آمناً ، موحداً في وجه كل الأطماع و الفتن و كيد الكائدين .
و الحمد لله رب العالمين
المكتب الاعلامي
جماعة الاخوان المسلمين-الاردن
2016-12-11