المتطرّفون وثيقة تأمين على الحياة بالنسبة إلى بشار الأسد

المدينة نيوز:- قال الصحفي الفرنسي المخصرم، نيكولا هينان، إن إرهابيي داعش ونظام بشار الأسد يتّفقان على نفس الهدف، وهو "التدمير الممنهج لجميع ما من شأنه أن يطرح نفسه بديلا لسوريا"، وذلك خلافا لمواقفهما المتناقضة رسميا.
هينان الذي عمل لفترة طويلة على الملف السوري واعتقله تنظيم داعش الإرهابي مدة 5 أشهر قد ألف كتاب "أكاديمية الجهاد"، و"هيثم، الشباب السوري" الذي ألفه استنادا إلى شهادة لاجئ سوري شاب يقيم في فرنسا؛ وقد تكلم عنه في مقابلة مع الأناضول.
كما طرح الصحفي الفرنسي قراءاته بخصوص توقعاته ومخاوفه على مستقبل سوريا المثقلة في الآن نفسه بأهداف لا تنتهي من جانبي النظام والمجموعات الإرهابية.
هينان أشار إلى أن "الأسد والمتشدّدين بحاجة إلى بعضهم بعضاً، وهذين الخصمان الذين يتجاوز خلافهما حدود العداء، متشبّثان منذ بداية الحرب بتدمير ممنهج لجميع ما من شأنه أن يشكّل بديلا لسوريا".
وواصفا الأسد بأنه "أفضل مجنِّد للمتشدّدين"، قدّر الصحفي أن هؤلاء المتطرّفين "يشاركون النظام في لعبته، من خلال المساهمة في إضعاف وإجهاض الثورة السورية".
ويتابع هينان: "الأسد بحاجة ماسّة إلى المتشدّدين لأنهم بوليصة التأمين على الحياة بالنسبة إليه"، و"وفي المقابل، يجد الديمقراطيون السوريون أنفسهم اليوم بين مطرقة نظام لا يرحم يدّعي أنه أطلق مفاوضات بهدف التوصّل إلى انتقال سياسي، وبين سندان المتشدّدين".
أما عن توقّعات الصحفي الفرنسي فهي تنضح تشاؤما إذ شدّد على أنه "طالما يوجد هؤلاء المتطرّفون، فإن بشار الأسد سيبقى في الحكم، وسيكون بوسعه القول دائما، في حال ألغى داعش والنظام كل ما بينهما: أنا أو الفوضى".
وفي معرض حديثه عن استعادة النظام السوري وحلفائه، مؤخرا، لمدينة حلب قال إن هذه الخطوة تؤشّر إلى "نهاية المرحلة الثورية".
وحذّر من مرور محتمل إلى "المرحلة الإرهابية"، خصوصا من الثوّار الذي عايشوا ما حصل في حلب.
وأجرى هينان مقارنة بين الوضع في كل من سوريا وفي الشيشان في تسعينيات القرن الماضي، قائلا إن "الوضع الراهن شبيه إلى حدّ كبير بما كان عليه في الشيشان".
تشابه قال إنه يكمن في أنّ "الفكرة لا ترمي إلى كسب قلوب وعقول السكان، وإنّما إلى سحق الشعب وإعادة بناء البلاد بعد تدميرها".
"ستكون هناك على الأرجح إعادة بناء يضطلع بها الروس"، ويضيف: "وذلك عقب سحق أيّ مقاومة للمجتمع السوري بفعل القصف".
وردّا على سؤال حول تداعيات الهجوم الأخير للنظام السوري على حلب، لم يخف الصحفي الفرنسي لمرة ثانية تشاؤمه.
ومتسائلا: "هل أنّ سوريا موجودة اليوم كدولة، خصوصا أن الأزمة الراهنة لا تعتبر حربا إضافية، وإنما هي أزمة عميقة وذات طبيعة من شأنها أن تغيّر خريطة الحدود التي نعرفها اليوم".
معطيات أشار إلى أنها تشي استشرافا بتقسيم سوريا إلى عدّة مناطق نفوذ، بينها من تخضع للسيطرة الأجنبية، في ظاهرة شبيهة بما يحصل في العاصمة اللبنانية المقسّمة بين الفصائل الطائفية.
ظاهرة رأى أنّها تهدّد سوريا، ومن المنتظر أن تكون مرفقة باتخاذ الفاعلين المحليين رهائن من قبل عرّابيهم، إضافة إلى تقسيم الاقتصاد والمجتمع في سوريا إلى مليشيات أيضا، مرورا بتدمير النخب السياسية والتجارية وحتى الثقافية.
وعلى صعيد آخر، تطرّق هينان إلى كتابه الصادر مؤخرا تحت عنوان "هيثم.. الشباب السوري"، في وقت ظهرت فيه خطابات "نزعت عن الثورة السورية شرعيتها"، كما يقول.
الكتاب صدر في شكل ألبوم رسوم مصورة، ويقدّم "قصة بسيطة خالية من أي مؤثّرات، من خلال توثيق حكاية حقيقية" من وجهة نظر هيثم، اللاجئ السوري الشاب المقيم بفرنسا.
"كنت شفافا بشكل خاص"، يقول الصحفي الفرنسي معقبا على كتابه، "ولم أفعل شيئا سوى أني نقلت أقوال الشاب هيثم، ما قلّص دور السيناريست (الكاتب) إلى حدّ كبير".
وأضاف "إنها وثيقة وشهادة أصلية للغاية، لكنها تحمل، رغم كلّ شيء، رسائل سياسة هامة".
وبالنسبة له، فإن الكتاب يرمي إلى طرح وتوضيح الطبيعة الحقيقية للثورة السورية التي اعتبرت في العديد من المناسبات "مؤامرة" ووُصفت بـ "المسلّحة والمتطرّفة منذ البداية".
كما يسعى الكاتب من خلال هيثم السوري إلى إظهار أنّ اللاجئين "لا يأتون مدفوعين بالفطرة المفترسة للإستفادة من نظامنا الإجتماعي، وإنما يأتون فارين من بلد في حالة حرب.. إنهم يأتون بنيّة البناء".
ويمثّل العمل الذي قدّمه صاحبه في البداية باللونين الأبيض والأسود، في الواقع، "تشكيلة رمادية"، على حدّ تعبيره.
واعتبر هينان أن "الحقيقة لا تكمن في الأبيض والأسود، إنما في تشكيلة كاملة من تدرّج الألوان الرمادية".
واختتم بالقول إن "الجميع لديه هذه الرغبة في الرؤية بالأبيض والأسود، سواء كانوا من أنصار المتشددين، أو لأنهم يؤيدون النظام، غير أن الفكرة تكمن في اتخاذ خطوة إلى الوراء وإظهار تنوّع المجتمع السوري".