ريما ديب وتنظيف الأوساخ!

المدينة نيوز:- هل تذكرون "زيزي"، بطلة التعرّي والإغراء تحت أقراص الموز؟! صدمت تلك الصبية الرأي العام اللبناني على مدى أسبوع كامل، لتطلّ بعد ذلك في برنامج "هيدا حكي"، ونكتشف أننا "أكلنا الضرب" بفضل حملة بعنوان "بيكّفي سخافة، عيشوا الثقافة". حسناً، أغلبيتنا اليوم توّد، بل تتمنى أن تكون ريما ديب "بطلة" خدعة تهدف الى إحداث صدمة إيجابية من أجل الارتقاء بالمستوى وتلقين الدروس، مع أنّ فكرة تحويل المواطنين فئران تخضع لتجارب مماثلة و"رخيصة"، ليست أبداً موضع ترحيب.
على مضض، نكتب في هذا الموضوع ونذكر الأسماء، مدركين تمام المعرفة أن هذا هو تحديداً مبتغى السيدة ديب ومثيلاتها. لكن لا بأس من هذا التوّرط لمرّة أولى وأخيرة، فتُنظّف بعدها الأوساخ.
فلنفتش عن لبّ المشكلة أولاً. تنشر ديب أغنية مصوّرة على صفحتها الخاصة على موقع "فيسبوك". علينا أن نقرّ بأن التعرّي الذي أظهرته، إضافة إلى حركات الإغراء والإغواء جذبت انتباه الملايين. هذه هي طبيعة البشر، لا اللبنانيين وحسب! انهالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي معظمها غضب واستهزاء واشمئزاز، وبخاصة حيال استخدام ديب أغنية للراحلة سعاد حسني واهداء هذا العمل لروحها. سرعان ما تطلّ هذه السيدة "الشقراء"، مانحة نفسها لقب "فنانة"، فتردّ على المنتقدين:" انت اليوم فيك تحبّ وفيك ما تحبّ...بس ما فيك ما تحترم شخص ما هانك وما اجا صوبك".
لم تنتظر الوسائل الإعلامية طويلاً قبل أن تبدأ التسويق لامرأة اختارت "السوشيل ميديا" منبراً لتحقيق ذاتها وأحلامها. تتحوّل ديب بين ليلة وضحاها، "ظاهرة فنيّة" تثير الفضول والجدل. هذا التسويق (مع التشديد على استخدام المصطلح) ربما تمّ عن غير قصد وعن جهل. لكنّ جزءاً كبيراً منه كان مقصوداً ومرحباً به من قبل المؤسسات الإعلامية كافة! لم يعد خافياً على أحد توّسل المنابر الإعلامية، بمختلف أشكالها وأنواعها، أخبار الفضائح والتعري واللامألوف وسيلة لرفع "الرايتينغ" وحصد "اللايكات" والقرّاء. تُطلّ ديب عبر الشاشات المحليّة كضيفة، أو كموضوع. تُنتقد عبر منبر فلان، تُمدح على لسان آخر، أو تُحاوَر في برنامج يتناول القضايا "الشائكة" فتُسأل التعريف عن نفسها وماضيها ومستقبلها. هكذا، تتحوّل "الفنانة" من ظاهرة تشغل مواقع التواصل الاجتماعي إلى ظاهرة تشغل، عملياً، الجسم الإعلامي! يتذرع العاملون في "مهنة المتاعب" بموجبات مهامهم التي تقتضي تناول كلّ ما يدور في هذا العالم، الواقعي منه والافتراضي. ليست وسائل التواصل الاجتماعي كوكباً محايداً، يُقال. هذا أمرٌ صحيح، لكن هل أن الإعلام مجرد مرآة تعكس الصورة أم أنه صاحب رسالة لا تحتكم الى العشوائيات والابتذال والسطحيات؟!
تعجّ "السوشيل ميديا" بظاهرات تستحق تسليط الضوء عليها. ثمة من يُفرغ إبداعاته في مختلف المجالات على "حائط" في صفحة، على أمل من "يُسوّق" ويقدّر. واذا كانت المعادلة تنصّ على حق الإعلام في تناول ما ينشره الأشخاص على صفحاتهم الخاصة او الرسمية او المدفوعة، فعليه اذاً أن يُحسن الاختيار. أما اذا ما فشل، فلا حاجة لإلقاء اللوم على أمثال ريما ديب، وما من داع لجلد الذات أو تحطيم وسيلة إعلامية أخرى، ولا ضرورة لكلّ المواعظ والتحذيرات من خطر يتهدد المجتمع، والفنّ والثقافة!
أما الخوف من خسارة عدد قرّاء أو متابعين، أو التذرّع بأن "الجمهور عاوز كده"، فكلاهما ساقطان. يستهلك الرأي العام "منتجات" الإعلام أياً تكن. فلتكن خالية من الأوساخ والجراثيم.
لبنان 24