من وحي كليلة ودمنة

المدينة نيوز - كتب موفق محادين -: زلزال الكائنات
يقال ان فئران السفن والطيور والكلاب والافاعي والثعالب تستشرف الزلزال قبل وقوعه.
فتقفز الفئران من السفينة, وتفر الطيور عن الاشجار, وتتدافع الكلاب الى طريق الشاحنات, وتخرج الافاعي من جحورها, والثعالب من خمول البيات.
ويقال انها تمضي الى حتفها بموت مجيد.
تختنق الافاعي بسمها, وتنتهي الفئران الى بطن الحوت, والطيور الى العقبان واسلاك الكهرباء, والكلاب الى الاسفلت والعجلات المسرعة, والثعالب الى ذئاب الثلج وصيادي الفراء.
ولا يبدو ان كائنات المدينة من الفئران والطيور والكلاب والافاعي والثعالب الناطقة افضل حالا من كائنات الماء والجبال.
فما ان تمور العواصم بالتحولات الدولية القاتلة وتدفعها معادلات الجغرافيا السياسية ولعبة الدومينو الى حافة الهاوية, حتى تدور حول نفسها, مرة واثنتين.
تمد ذراعها للعابرين خلف البحار, وتلعن حظها العاثر, دون ان تخرج عن محورها خطوة واحدة.
فكيف تقفز فئرانها الواقفة, وهي اقل فطنة من فئران السفينة, وكيف ترف طيورها الحزينة, وكيف تهرب كلابها وطوقها يطوق المدينة, وكيف تخرج افاعيها من جحورها ورؤوسها مثقلة بسمها الموروث كعلامة مسجلة, وكيف تهرب ثعالبها وقد بشمن بالعناقيد رغم كل هذا, لا تزال فئرانها تحلم بسفينة جديدة, سراديبها بلا نهاية وقمحها وفير.
وتحلم طيورها باقفاص ملونة وعش من حرير, وتحلم كلابها بوجبات ماكدونالد السريعة وسلاسل من ذهب.
وتحلم افاعيها بعشبة الخلود في اور, وتحلم ثعالبها بنواطير من قصب.
2- الوقواق
الوقواق ينقر زجاج نوافذنا ويرسم هيئاتنا في المرايا ويفرد جناحيه على الشرفات في عز الظهيرة.
فلا تحمينا الغفلة ولا يخرج من صفوفنا هندي احمر ينثر عش الكوكو تحت قدميه, ويطلق دورة الحياة بعد ساعات الطيران اليه, بين وقائع الجبال وصفحات الرواية وكاميرا هوليود.
الوقواق, طائر, يوزع بيضه خلسة في اعشاش الطيور الاخرى, بيضة, بيضة ويترك الامهات ترقد على البيض, حتى تخرج الصيصان الى الحياة.
وما ان تكسر صغار الوقواق كلس الولادة, حتى تقوم بالقاء صغار الامهات الاخرى خارج العش من دون ادنى رأفة ورحمة.0
( العرب اليوم )