هآرتس : ترامب هو كابوس نتنياهو الليلي وأحلامه المزعجة ( ترجمة خاصة )

المدينة نيوز :- كتب محلل جريدة هآرتس حامي شلاف التحليل التالي: رئيس الحكومة نتنياهو في موقف لا يحسد عليه في هذه الأيام، ويمكننا أن نتخيله يستيقظ مرعوبا في الليل، مغرقا في العرق بعد أن ضايقته "تغريده مهينة" جديدة من الرئيس الأميركي ترامب قال فيها: "اعتقدت أن نتنياهو رجل المهمات، بيد أنني أحبطت من كونه فاشلا". أو "نتنياهو تملقني مثل المجنون، بيد أنني لم أتأثر، لقد كشف عن لونه الحقيق، والتسجيلات ستثبت ذلك". أو: "الديمقراطيون اشتكوا من نتنياهو حتى تخاصمت معه، لكنهم الآن يؤيدونه، هذا لن يساعدهم"، أو: "نتنياهو يجيد الكلام، لكنه ليس شريكا في صفقة السلام البديلة، وكلامه بلا رصيد، محزن"، أو :"نتنياهو ظل في منصبه أكثر مما ينبغي، يجب على الإسرائيليين البحث عن نموذج جديد، مثل الأميركيين الأذكياء، سمعت أن يوسي لبيد رجل مثير للاهتمام".
حقا أن هذا الكابوس لا زال غير معقول حتى الآن، بيد أنه ليس مستحيلا تماما، فهكذا يتم التعامل مع الرجل الذي يهتم الرئيس ترامب بإهانته، مثلما أعطى ترامب نموذجا للمرة الألف خلال الأسبوع الماضي حينما أقال رئيس المباحث الفدرالية جيمس كومي، الذي أعرب فقط منذ فترة وجيزة عن تقديره له، وحينما فتح عليه هجوما وكأنه لم يكن موظف دولة كرس حياته من أجل فرض القانون، وحينما سخر من وسائل الإعلام، تجاهل الكونجرس، وأخضع الجمهوريين، وجعل مستشاريه والناطقين باسمه، ونائبه أضحوكة ، تبنى روايات بديلة كانت كل منها تتناقض مع سابقتها، وحينما ذبح بقرة أخرى مقدسة من أبقار واشنطن، ومزق لحمها، وصنع منها "ستيك". ولا شك أن كل هذا الوضع يجب أن يخيف نتنياهو، مما يمكن لترامب أن يفعل به إذا رفض التعاون معه.
إن التصريح الذي أدلى به مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي روبرت ماك مستر خلال الأسبوع الحالي من أن ترامب يعتزم "أن يعرب عن رغبته في حق تقرير المصير والاحترام للفلسطينيين" خلال زيارته القريبة للشرق الأوسط، يشير إلى أن إسرائيل تعيش في مصيدة عسل قامت هي بنصبها لنفسها. فقد وصف نتنياهو الرئيس الأميركي منذ البداية بوصفه المنقذ لإسرائيل، فقط نظرا لكونه معارض للرئيس الأميركي السابق أوباما، وأثنى عليه بصورة لم يسبق لها مثيل فقط لأنه قام بعملية قصف واحدة في سوريا، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب عليه الآن الاعتراف بخطئه، والتراجع عنه في الوقت المناسب، وفي هذه الحالة ستكون إسرائيل في هذه اللحظة في قاعة الذبح بانتظار السكين، رغم أنها لا تعرف مثلما لا تعرف البقرة ذلك.
ترامب ليس الرئيس الأميركي الأول الذي يتبنى مصطلح "حق تقرير المصير للفلسطينيين، ويبدو أن أول من أطلق هذا المصطلح هو الرئيس جورج بوش، وهو أيضا بطل يمين أميركي معروف، وذلك في الرسالة التي أرسلها لولي العهد السعودي عبد الله في نهاية آب 2001،قبل أيام معدودة من عملية برجي التوأم، والتي أحدثت تغييرا تاريخيا. ، وقد عاد ترامب للتأكيد على التزامات بوش بهذا الصدد، والتي أيدها أيضا الرئيس السابق أوباما، وأيضا هذا التأكيد يأتي للسعوديين، وخلال المفاوضات مع السعودية على صفقة أسلحة جبارة بقيمة مئة مليار دولار. وفي هذه الحالة لنفكر جيدا، أين يرغب ترامب في أن يكون بطلا في الرياض أم في إسرائيل؟
إن حق تقرير المصير يعني أن بمقدور الفلسطينيين أن يحددوا مصيرهم بأنفسهم، بما فيها إقامة دولة مستقلة إذا أرادوا ذلك. ومن نافل القول الإشارة إلى أن إعلان الرئيس عن رغبته تلك لا يعني ضمان أي شيء، وقد تبدو كمجرد ثرثرة لا طائل تحتها، بيد أن الرئيس الذي يعلن عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير، لا يمكنه أن يتغاضى عن التغييرات التي تحدثها إسرائيل في الوضع الراهن من أجل فرض تسوية عكس رغبته مع الفلسطينيين، وبشكل خاص المخططات الهستيرية حول الحكم الذاتي والمواطنين من الدرجة الثانية والسلام الاقتصادي، التي يتحدث عنها زملاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي. إن أشد ما يمكنه أن يقلق نتنياهو أيضا هو ارتفاع شعبية ترامب من 38% إلى 62% في أعقاب إقالته لمدير المباحث الفدرالية.
ومن الجائز أن يحاول نتنياهو إقناع ترامب بأنه من غير المجدي له الدخول في خطة محكوم عليها بالفشل مسبقا، بيد أن هذا لن يكون مجديا مع ترامب، الذي يعتقد أنه قادر على فعل جميع المعجزات.
(هآرتس 14/5/2017 - نرجمة خاصة لجي بي سي نيوز ) .