الأقصى مُحتل.. هذه هي الحقيقة..!

تم نشره الأحد 23rd تمّوز / يوليو 2017 01:11 صباحاً
الأقصى مُحتل.. هذه هي الحقيقة..!
علاء الدين ابو زينة

تشهدُ فلسطين المحتلة وعدة مدن عربية وإسلامية احتجاجات غاضبة بسبب إجراءات كيان الاحتلال الأخيرة في المسجد الأقصى. ويوم الجمعة قبل يومين، عنونت محطة عربية شهيرة: "جمعة النفير: 3 قتلى ومئات المصابين بمواجهات مع الاحتلال"، من دون استخدام وصف "شهداء" لوصف الضحايا الفلسطينيين، فيما يقال الكثير عن تغير النوايا تجاه فلسطين -والأقصى.
الغضبة الشعبية من أجل الأقصى مبررة. فهو لا يخص الفلسطينيين وحدهم، وإنما يلامس المقدّس لدى مئات الملايين من المسلمين. لكن الملفت هو موسميّة الانتباه إلى وضع الأقصى، ومعه فلسطين التي هو جزء منها. ويبدو أن "غضبات" الأقصى و"النفير" من أجله أصبحت تعني نسيان حقيقة وجود الأقصى تحت الاحتلال المذل كل الوقت، بحيث لا ينتبه أحد إلى وضع هذا المسجد إلا إذا مسّه شيء إضافي غيّر "عادية" وجوده تحت الاحتلال.
يشبه وضع الأقصى اليوم وضع شخص أسير منذ زمن طويل، مشبوح في زنزانة سيئة لا تراها الشمس، ويمر كل لحظة بكل ما يمر به السجين، من فقدان الحرية العزيزة، إلى ذل السجن وإهانات السجانين. ومع ذلك، يظل جماعته وأهله ساكتين إلى أن يأتي حارس سجن فيلكزه مثلاً، أو يمنع أهله من الزيارة.
واقع نسيان احتلال الأقصى وفلسطين، وتذكُّرهما فقط عند المساس بالأقصى، يغوي بشعور غير طبيعي: أن يرغب المرء في أن يفعل الاحتلال شيئاً يخص الأقصى بالتحديد، لأن ذلك كفيل بإعادة مأساة فلسطين إلى الواجهة، ويُذكّر الجميع بأن هناك احتلالاً هو الذي يتحكم بالناس والمقدسات، بغض النظر عن أي توصيفات أو تسميات بقصد تعزية الذات فحسب.
والحقيقة أنه لا كرامة لأسير. ولو وضعتَ عصفوراً في قفص من القش أو الحديد أو الذهب، فإن ذلك لا يغير شعوره ولا واقع حاله. وإذا كان أحدٌ يريدُ أن يغضب للأقصى وما يمثله ويرمز إليه حقاً، فإن حالة الغضب ينبغي أن تكون دائمة وليست موسمية، إلى أن يتحرر.
تذكرنا غضبة اليوم بالانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتفاضة الأقصى التي بدأت قبل 17 عاماً إثر دخول آرئيل شارون باحات المسجد. وكانت تلك حالة واعدة وضعت الاحتلال ومؤسسته في وضع محرج أخلاقياً وأمنياً. ولم تستطع سلطات الاحتلال طوال خمس سنوات احتواء الحالة الثورية الفلسطينية إلا بتلقي مساعدة من وعد السلام الذي لم يتحقق.
قررت القيادة الفلسطينية بعد رحيل عرفات أن مهمتها هي إنهاء الانتفاضة الثانية وتحييد المقاومة، على أساس أن "عملية السلام" التي تضمنها الولايات المتحدة، سوف تجلب للفلسطينيين الحرية من دون حاجة إلى مواجهة الاحتلال. لكن العدو استغل توقف الفلسطينيين عن الاشتباك ليأخذ كل وقته في تعميق الاحتلال، وتوسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وجعل إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة مستحيلاً بصنع المزيد من "الوقائع على الأرض". وبالتوازي، ماطل على طاولات المفاوضات ولعب بالفلسطينيين كما يريد.
الهدوء الذي فرض على الفلسطينيين أقنع مواطني كيان الاحتلال أيضاً بأنهم يعيشون في وضع مريح ليس هناك ما يستوجب تغييره. ولذلك، لم يضغطوا على حكوماتهم من أجل السلام وإنهاء الاحتلال. كما واصلوا انتخاب حكومات يمينية عدوانية على أساس برامج الاستيطان والضم، لأن انتخابهم هذه الحكومات لم يرتب عليهم أي كلفة. وبالإضافة إلى ذلك، أصبح العرب الرسميون يدّعون أن الفلسطينيين "على ما يرام"، باعتبار أنهم يفاوضون، وأصبحت أحداث قتل الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم تمر يومياً من دون إثارة الكثير من الانتباه، بل وأصبحت جزءاً من الطبيعي.
النتيجة الآن، هي ما كانت عليه منذ عقود: ما تزال فلسطين محتلة. والمسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنائس المهد والقيامة والمسجد الإبراهيمي وكل شيء آخر تحت الاحتلال. وفي الحقيقة، لا يستطيع معظم الفلسطينيين، وكل العرب والمسلمين، أن يصلُّوا في الأقصى، سواء قبل هذه الأزمة أو بعدها. وحتى القلائل الذين يستطيعون الصلاة فيه، إنما يصلون في مسجد أسير، ويكونون مسجونين في داخله كما هم خارجه.
الغضب الموسمي للأقصى بسبب أحداث مفردة وتجاهل أصل مأساته يخرج القصة من السياق. وإذا كانت هناك جديَّة في احترام الأقصى ورمزيته والحرص على جعله متاحاً للصلاة للجميع وفي كل وقت، فإن الطريق الواضح هو حرية فلسطين، وبالسبيل الوحيد الواعد: المقاومة.

الغد 2017-07-23



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات