من يحفظ لـ " المغتصبة " في الأردن حياتها ؟

تم نشره الأحد 06 آب / أغسطس 2017 12:29 صباحاً
من يحفظ لـ " المغتصبة " في الأردن حياتها ؟
د.فطين البداد

أخلصت اللجنة النيابية القانونية في دراستها لمشروع القانون المعدل لقانون العقوبات  حينما وضعت رؤيتها الواقعية للمادة 308 ، إلا أن كل جهودها التي  بذلتها عبر عشرات الإجتماعات ذهبت سدى  .

 وإذا كنا  ، بداية ، نقر بأن إلغاء المادة 308 جاء بطريقة ديمقراطية حيث صوت مجلس النواب ، ومن ثم الأعيان على إلغائها ، إلا أننا لا نجد بأسا في استعراض وجهة النظر الأخرى التي يمثلها رئيس اللجنة القانونية مصطفى الخصاونة ، والذي دافع عن قرار لجنته من خلال لقاء مع المدينة نيوز بعد أن انفض السامر ومضى النواب إلى مشاريع  قوانين أخرى   .

 الخصاونة قال بمرارة : إن لجنته استمعت  للرأي الشرعي والنظامي من خلال دائرة قاضي القضاة  وقضاة نظاميين ، وكذلك منظمات المجتمع المدني وطيف واسع من السياسيين ولكنها  في النهاية ، خسرت الرهان  .

 وأذكر القراء الأعزاء أننا نتحدث هنا  عن مادة بقانون العقوبات تجيز تخفيف العقوبة على مرتكب عملية الإغتصاب إذا قام بالإقتران بضحيته .

وما من شك ، بأن النص الذي نتحدث عنه  هو بحد ذاته مصيبة المصائب ، إذ كيف يستسيغ العقل السليم والفطرة الصحيحة  أن يتزوج مرتكب فعل الإغتصاب من ضحيته ،   وإنني ، شخصيا - أعتبر هذا تشجيعا على ارتكاب مثل هذه الأفعال وليس الحد منها .

 إلا أن للجنة القانونية رأيا أود أن أوضحه هنا ، وهو أنهم في اللجنة ، ألغوا بالفعل هذا البند ، ولكنهم في المقابل  أبقوا على بنود أخرى تجيز الزواج ، وهنا يوضح الخصاونة في حديثه :  إنهم فرقوا بين الإغتصاب بالإكراه ، والفعل بالرضا ، قائلا : إن نص التزويج في المادة الأصلية  لم يفرق وهو  موجود منذ العام 1960  أي  منذ وضع قانون العقوبات الحالي .

 ودافع عن وجهة نظر لجنته بالإبقاء على إمكانية الزواج في حالة وقوع الفعل بالتراضي وفي حالة وجود أطفال تنتج عن هذه الأفعال ، ومراعاة لقضايا اجتماعية ومدنية وشرعية مشددا على وجود  واقع اجتماعي يفرض ذلك في بعض الحالات   .

 فقد رأت اللجنة في تعديلها الذي رفضه النواب وجوب التفريق  بين مواقعة فتاة  غصبا أو بالرضا ، ورأوا  بأن هذا يحتم التعديل على المادة ، فتم التفريق   بين الرضا والغصب  ، إلا أن هذا لم يقنع المجلس الذي كان متأثرا بضغط حكومي بلا شك ، خاصة وأن رئيس الحكومة نفسه ، دافع عن قانونه ،وكذلك بضغط من مؤسسات المرأة التي نفذت اعتصامات لقطاعات  نسائية كان آخرها الإعتصام الذي نفذ  قبالة المجلس في يوم  الجلسة الموعودة وقبيل أن تنتقل الجموع إلى شرفة المجلس لمزيد من الضغط على النواب ، وهكذا نجح هذا التكتيك ،   حيث ضجت شرفة  المجلس بالتصفير والزغاريد ابتهاجا بإلغاء النواب للمادة وسط ذهول اللجنة القانونية ورئيسها .

ويجدر التذكير هنا ، بأن قانون الأحوال الشخصية يجيز تزويج الفتاة في سن الخامسة عشرة ، حيث رأى المشرع حاجة شرعية هنا  وهو ما رأت فيه اللجنة معينا لها في قرارها ، ولكن دون جدوى .

 لقد قررت اللجنة بأنه يجوز الزواج في بعض الحالات بموافقة الأهل لحل إشكالية ميلاد طفل بسبب هذه المواقعة، معتبرة أن الإلغاء الكلي للمادة 308  خطأ جسيم لا ينظر إلى جوانب الآثار المجتمعية والشرعية بعين واعية .

 لقد فات اللجنة الكريمة ، ان القانون قدم في دورة استثنائية ، أي أنه ما قدم إلا ليقر كما ورد ، وفق بعض القراءات ، وفاتها أن  الضغط الداخلي والخارجي سيجعل حساباتها صفرا  .

  في النهاية لا نملك إلا أن نقول للجنة : يعطيكم العافية ، ولكن كان عليكم أن تعلموا بأن كثيرا من القوانين  التي تقدم لمجلس الأمة، لا تراعي على الإطلاق أننا مجتمع شرقي تسعى الحكومات إلى تغريبه حرفيا ، سعيا لمنحة أو مكسب سياسي أو معنوي ، أما الميراث الثقافي للشعوب فليذهب إلى الجحيم .

أسأل كل الذين عارضوا قرار اللجنة : ماذا ستفعلون بالطفل الذي ينتج عن واقعة الإغتصاب أو المواقعة  برضا الطرفين ؟ .

ما الأسلم ، أن يتم الزواج ويعيش الاطفال في كنف والدين ، ( أتحدث عن المواقعة بالرضا مع أننا نستنكرها ولكنها تقع في كل العالم )   أم أن يعيشوا لقطاء بدون نسب ، وفي  ظل توترات عشائرية وشخصية وآثار اجتماعية لا تحمد عقباها   .

من يحمي الفتاة التي تقع في هذه الخطيئة و" كل بني  آدم خطاء " ومن يحفظ  حياتها ، أم ستقضي بقية عمرها في السجن خوفا على حياتها من شقيقها أو أبيها أو غيرهما ؟.

هل تحميها مظاهرات القطاعات النسائية والضغط الأوروبي ؟؟ .

 إن الذي وضع قانون الأحوال الشخصية وهذه المادة اتي نسفها الأعيان والنواب في قانون العقوبات  وأجاز الزواج من سن 15 - 18 كان واعيا لهذه التساؤلات ، لأنه كان يدرك بأننا  - في النهاية -  مجتمع عربي  شرقي ، فنحن في الأردن ولسنا في السويد !.   



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات